قراءة في صلح الامام الحسن (عليه السلام)3 : القيادة بين القرآن وقريش2
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد عبد الستار الجابري

قريش شأنها شأن اي مجتمع اخر يقع بين اقطابها انواع الخلاف والصراع على السلطة والتنافس على المواقع، وقد امتازت عدد من بطونها بالصراع الدائم، ومن اهم البطون القرشية التي كان التنافس بينها شديداً، بنو هاشم بن عبد مناف، بنو امية بن عبد شمس، بنو مخزوم، بنو زهرة، بنو سهم، واما البطون الاخرى فكانت تبع لهذه البطون المهمة من قريش.
كان بنو عبد مناف اقل بطون قريش عدداً، واعلاهم كعباً واعظمهم مفخرة، فهاشم هو الذي منح قريش عزتها وقيمتها على مستوى جزيرة العرب واليمن والشام، ولم يكن له من الولد الا عبد المطلب الذي رزقه الله بعشرة اولاد بعد ان لم يكن له من الولد الا ولده الحارث عندما اظهر الله زمزم على يديه وحاولت قريش مصادرة زمزم منه. بينما كانت البطون القرشية الاخرى كثيرة النسل.
كان القرشيون يحسدون بني هاشم على ما اتاهم الله تعالى من المكانة السامية، فكانت رئاسة قريش وزعامتهم لبني هاشم دون غيرهم من قبائل قريش، وسعى القرشيون الى منافسة بني هاشم ومحاولة مساواتهم ما استطاعوا الى ذلك سبيلاً .
واستمر حال الصراع بين قريش وبني هاشم حتى اعلن النبي محمد (صلى الله عليه واله) انه مبعوث من الله تعالى لهداية الخلق اليه، فجن جنون قريش واتخذت موقفاً موحداً ضد دعوته، واعتبروا ان الدعوة النبوية محاولة من بني هاشم الى الغائهم تماماً وضرب مكاسبهم والسيطرة عليهم، فدعوة النبي (صلى الله عليه واله) الى نبذ عبادة الاوثان وعبادة رب واحد والايمان بالاسلام والقرآن من شأنها ان ترسخ الزعامة في بني هاشم وتسلب المكاسب التي حققها القرشيون لانفسهم ويعودون رعايا في دولة محمد (صلى الله عليه واله) بدل ان كانوا يقارنون انفسهم ببني هاشم ويحاولون التفوق عليهم.
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي جَهْلٍ: " يَا أَبَا الْحَكَمِ، هَلُمَّ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، أَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ ".فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ أَنْتَ مُنْتَهٍ عَنْ سَبِّ آلِهَتِنَا؟ هَلْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ نَشْهَدَ أَنَّكَ قَدْ بلغت؟ فَنحْن نشْهد أَن قد بلغت، فو الله لَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ مَا تَقُولُ حَقٌّ لَاتَّبَعْتُكَ .فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْبَلَ عَلِيٌّ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَن مَا يَقُول حق، وَلَكِن [يمنعنى] شئ، إِنَّ بَنِي قُصَيٍّ.
قَالُوا: فِينَا الْحِجَابَةُ. فَقُلْنَا: نَعَمْ. ثُمَّ قَالُوا فِينَا السِّقَايَةُ فَقُلْنَا: نَعَمْ .ثُمَّ قَالُوا فِينَا النَّدْوَةُ. فَقُلْنَا: نَعَمْ. ثُمَّ قَالُوا: فِينَا اللِّوَاءُ. فَقُلْنَا: نَعَمْ. ثُمَّ أَطْعَمُوا وَأَطْعَمْناَا، حَتَّى إِذَا تَحَاكَّتِ الرُّكَبُ قَالُوا: مِنَّا نَبِيٌّ! وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ)
فالصراع على الزعامة كان متأصلا بين بطون قريش وبني قصي الذين وهبهم الله اهلية الزعامة على الرغم من قلة عددهم فجمعوا شتات قريش ايام قصي، وخرجوا بها الى العالم الرحب ي ايام هاشم بن عبد مناف فاوسعوا قدرتها الاقتصادية، واضافوا لها زعامة سياسية بعد ان كانت زعامتهم روحية فقط.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat