صفحة الكاتب : علي ال غراش

زينب الحوراء مدرسة الصبر والصمود.. خير قدوة وسيدة لكل العصور
علي ال غراش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

للمرأة دور في ثورة عاشوراء؛ فالسيدة زينب الحوراء -عليها السلام- أخت الإمام الثائر الشهيد الحسين (ع) شريكة في الثورة.

فمن خلال صبرها وصمودها وتحملها كل المصائب كرعاية الأيتام والأرامل بعد استشهاد أهلها ورؤيتها للمشاهد المفجعة والقتل وفصل الرؤوس.. ورفعها على القنا، إلا انها كانت أعظم وسيلة إعلامية لأحداث فجيعة ثورة #كربلاء ونشر مبادئها رغم أخذها أسيرة من مكان إلى مكان وهي حفيدة النبي(ص) وبنت أمير المؤمنين الإمام علي (ع)!!.

السيدة زينب الحوراء إيمان وصبر وبطولة وجهاد وعطاء لا يتوقف مع مرور الزمن، لقد خلد التاريخ مواقف وكلمات زينب كقولها: “ما رأيت إلا جميلا” وقولها لابن زياد في الكوفة: ” فلا يستخفنكم المُهل، فإنه (عزوجل) لا يحفزه البدار، ولا يخاف فوت الثار. كلا إن ربك لبالمرصاد، فترقبوا أول النحل وآخر صاد”.

وحول تفاصيل ما حدث في مجلس ابن زياد في الكوفة، بعد مصرع وشهادة شقيقها الإمام الحسين -عليه السلام- والعباس -سلام الله عليه- وبقية اخوتها وأهل بيتها وأصحاب الإمام الحسين، وأصبحت بعدهم هي المسؤولة عن الأيتام والأرامل وهي في حالة تعب شديد بالإضافة إلى تعرضها للشتم والسب والضرب بالسياط وجعل الحبل في عنقها أثناء الأسر..، هكذا تعاملوا مع حفيدة النبي (ص) وبنت علي وفاطمة (ع).. !!.

فقد رَوَى السَّيِّدُ ابن طاووس التفاصيل بقوله: “انَّ ابْنَ زِيَادٍ جَلَسَ فِي الْقَصْرِ لِلنَّاسِ وَأَذِنَ إِذْناً عَامّاً، وَجِي‏ءَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأُدْخِلَ نِسَاءُ الْحُسَيْنِ وَصِبْيَانُهُ إِلَيْهِ، فَجَلَسَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ (عليه السلام) مُتَنَكِّرَةً.

فَسَأَلَ عَنْهَا، فَقِيلَ : هَذِهِ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ.

فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَحَكُمْ وَأَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكُمْ !

فَقَالَتْ: إِنَّمَا يَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ، وَيَكْذِبُ الْفَاجِرُ، وَهُوَ غَيْرُنَا.

فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ: كَيْفَ رَأَيْتِ صُنْعَ اللَّهِ بِأَخِيكِ وَأَهْلِ بَيْتِكِ؟.

فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ إِلَّا جَمِيلًا، هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ فَبَرَزُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ، وَسَيَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ فَتُحَاجُّ وَتُخَاصَمُ، فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلْجُ يَوْمَئِذٍ، ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ مَرْجَانَةَ.

قَالَ: فَغَضِبَ وَكَأَنَّهُ هَمَّ بِهَا.

فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ: إِنَّهَا امْرَأَةٌ، وَالْمَرْأَةُ لَا تُؤَاخَذُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ مَنْطِقِهَا.

فَقَالَ لَها ابْنُ زِيَادٍ: لَقَدْ شَفَى اللَّهُ قَلْبِي مِنْ طَاغِيَتِكِ الْحُسَيْنِ وَالْعُصَاةِ الْمَرَدَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكِ.

فَقَالَتْ: لَعَمْرِي لَقَدْ قَتَلْتَ كَهْلِي، وَقَطَعْتَ فَرْعِي، وَاجْتَثَثْتَ أَصْلِي، فَإِنْ كَانَ هَذَا شِفَاءَكَ فَقَدِ اشْتَفَيْتَ.

فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ: هَذِهِ شجَّاعَةٌ، وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ أَبُوكِ شجَّاعاً شَاعِراً.

فَقَالَتْ: يَا ابْنَ زِيَادٍ مَا لِلْمَرْأَةِ وَالشجَاعَةَ”.

وخطبتها التي تستحق الكثير من الدراسة والتأمل وكتابة البحوث حولها، قالتها أمام طاغية العصر الحاكم الفاجر الفاسق الظالم يزيد ابن معاوية في قصره وبين جلاوزته، وهي أسيرة إذ قالت: “فكِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَ اللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميت وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، ولا تَرحضُ عنك عارها”.

وقالت خلال خطبتها التي تظهر مدى عظمة الإيمان والشجاعة والبلاغة: أَظَنَنْتَ يَا يَزِيدُ حِينَ أَخَذْتَ عَلَيْنَا أَقْطَارَ الْأَرْضِ، وَضَيَّقْتَ عَلَيْنَا آفَاقَ السَّمَاءِ، فَأَصْبَحْنَا لَكَ فِي إِسَارٍ، نُسَاقُ إِلَيْكَ سَوْقاً فِي قِطَارٍ، وَأَنْتَ عَلَيْنَا ذُو اقْتِدَارٍ، أَنَّ بِنَا مِنَ اللَّهِ هَوَاناً وَعَلَيْكَ مِنْهُ كَرَامَةً وَامْتِنَاناً؟؟ وَأَنَّ ذَلِكَ لِعِظَمِ خَطَرِكَ وَجَلَالَةِ قَدْرِكَ؟؟ فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَنَظَرْتَ فِي عِطْفٍ، تَضْرِبُ أَصْدَرَيْكَ فَرِحاً وَتَنْفُضُ مِدْرَوَيْكَ مَرِحاً حِينَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا لَكَ مُسْتَوْسِقَةً وَالْأُمُورَ لَدَيْكَ مُتَّسِقَةً وَحِينَ صَفِيَ لَكَ مُلْكُنَا وَخَلَصَ لَكَ سُلْطَانُنَا.

فَمَهْلًا مَهْلًا لَا تَطِشْ جَهْلًا! أَ نَسِيتَ قَوْلَ اللَّهِ: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ أَمِنَ الْعَدْلِ يَا ابْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَسَوْقُكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ سَبَايَا؟؟ قَدْ هَتَكْتَ سُتُورَهُنَّ وَأَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ يَحْدُو بِهِنَّ الْأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَيَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَاقِلِ وَيَبْرُزْنَ لِأَهْلِ الْمَنَاهِلِ وَيَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَالْغَائِبُ وَالشَّهِيدُ وَالشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ وَالدَّنِيُّ وَالرَّفِيعُ، لَيْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجَالِهِنَّ وَلِيٌّ وَلَا مِنْ حُمَاتِهِنَّ حَمِيمٌ، عُتُوّاً مِنْكَ عَلَى اللَّهِ وَجُحُوداً لِرَسُولِ اللَّهِ وَدَفْعاً لِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَلَا غَرْوَ مِنْكَ وَلَا عَجَبَ مِنْ فِعْلِكَ.

وَأَنَّى يُرْتَجَى مُرَاقَبَةُ مَنْ لَفَظَ فُوهُ أَكْبَادَ الشُّهَدَاءِ وَنَبَتَ لَحْمُهُ بِدِمَاءِ السُّعَدَاءِ وَنَصَبَ الْحَرْبَ لِسَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ وَجَمَعَ الْأَحْزَابَ وَشَهَرَ الْحِرَابَ وَهَزَّ السُّيُوفَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ أَشَدُّ الْعَرَبِ لِلَّهِ جُحُوداً وَأَنْكَرُهُمْ لَهُ رَسُولًا وَأَظْهَرُهُمْ لَهُ عُدْوَاناً وَأَعْتَاهُمْ عَلَى الرَّبِّ كُفْراً وَطُغْيَاناً”.

السلام على القلب الكبير وصبره

السيدة زينب الحوراء مدرسة الصبر والصمود وتحمل المسؤولية ومواجهة التحديات والظالمين والمفسدين والمستبدين.

(ع) امتداد لخط والدتها فاطمة الزهراء -الذي هو امتداد لرسالة النبي الكريم (ص)- أفضل انموذج وقدوة وأسوة حسنة لكل إنسان وبالخصوص المرأة الأم والبنت والزوجة والأخت.. في مجال المطالبة بالحقوق ونصرة المظلوم والتصدي ومقاومة الظالمين والمفسدين وتحطيم جدار الخوف من السلطات الحاكمة الجائرة، ومدرسة لإعداد الأحرار والشرفاء الثوار الذين يملكون العلم والمعرفة “الوعي” للإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة المظلوم ورفض الظالمين والمفسدين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي ال غراش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/22



كتابة تعليق لموضوع : زينب الحوراء مدرسة الصبر والصمود.. خير قدوة وسيدة لكل العصور
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net