يا مَنْ بِبابِ ذَوي الفَضائلِ تَقرَعُ
هذا ابنُ حَيدر للفضائــلِ مَجمَعُ
أعني أبا الفَضلِ الكَريمَ نَجَابَةً
مَنْ زَانَهُ نَسَـبٌ وأَصــلٌ أرفَــعُ
عباسُ قَد حَمَــلَ الفَضائلَ كُلَّها
والفَضــلُ مِن كفَّيهِ فهوَ المَنبعُ
حَمَـلَ العَقيدةَ في نَفــاذِ بصيرةٍ
وَصَلابةٍ في الدَّينِ وَهوَ الأورَعُ
ومِن الأُولى وَرِثَ الفَصاحَةَ واغتذى
وَهـوَ الفَتَـى ذاكَ الخَطيـبُ المِصقَعُ
عَشِقَ النِّزالَ من الصِّبا وبِكفِّهِ
سيفٌ بهِ جَيشَ الضَّلالَةِ يَقمَعُ
قَمَـرٌ بـهِ الألبــــابُ أَبدَتْ حَــيرةً
في الطَّفِّ مَطلَعُهُ وَنِعـمَ المَطلَعُ
لَـمْ يُثـنــهِ عَـددُ الجُمُـــوعِ وبَغيُــها
بَلْ راحَ يَحصُـدُ بِالرُّؤوسِ ويَقطَـعُ
فَكَأنَّـــهُ الكَــرَّارُ فــي حَمَلاتِــــهِ
يومَ انبرى يَحمي الذِّمارَ ويَمنَعُ
حَتَّى إذا وَصَـــلَ الفُــراتَ وَقلبُـــهُ
كالجَمــرِ مِن حَـــرِّ الظَّمــا يَتقطَّعُ
ما همَّهُ مِنْ بَعدِ ما رَكَزَ اللِّوا
أمرٌ كحَملِ الماءِ إذْ بهِ يَرجِعُ
ثُمَّ انثنى كي يَشــربَ الماءَ الذي
مِنهُ الحُسَــينُ السِّبطُ عَدوًا يُمنَعُ
نادى ألا يا نفـسُ هُونِــي واعلمِي
ما بَعــدَ شِربِ المَـــاءِ عُــذرٌ مُقنِعُ
هذا حُسينٌ لا يَزالَ مُقاسِيًا
عَطَشًا وأنواعَ البَـلا يَتجَرَّعُ
نهضَ الكفيلُ الى الخيامِ كأنَّهُ
ضِرغامُ غابٍ للفَريسـةِ يُسرِعُ
وبعينِهِ يَرعَى ويَحرُسُ قِربةً
لروائِها حَـــرَمُ الهُدى تَتَطَلَّـعُ
واحسرتاهُ، العَينُ سَهـمٌ غالَها
لَهفـي لِكفـيِّــهِ بِغَدرٍ تُقطَـــعُ
والرأسُ مِنْ غِلِّ العَـدوِّ أصابَهُ
عَمَدٌ، فَنادى يا حُسينُ ويُسمِعُ
منِّي السَّلامُ إليكَ أبعثُ يا أخي
فأتـاهُ والأجفــانُ شَجــوًا تَدمَعُ
وَصَلَ الحُسينُ إلى الكفيلِ مُناديًا
شُلَّـتْ يمينُهُـــمُ وغـابُـــوا أجمَـــعُ
مَنعوكَ من سَقيٍ لأكبُـدِ حَرَّةٍ
قَتلُوكَ يا لَهفي وأنتَ المَفزَعُ
يا نِعمَ كهــفٍ في فؤادي قد غَــدَا
هذا المصابُ وقُضَّ مِني المَضجَعُ
قَمَـــرَ العشيرةِ يا عِمـــادي لو تَرَى
وَسطَ الحَشا هذا المُصابُ المُفجِعُ
حقًّا إذا ذابَتْ لِفقــدِكَ مُهجَتي
ولِما جَرى حُزنًا تَصبُّ الأدمُـعُ
قامَ الحُسينُ إلى الخيامِ وقد بَدا
منه انكسارٌ في القُوى وَتَضَعضُعُ
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat