الحُسينُ عبرةٌ وَعَبرة
رحاب سالم البهادلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رحاب سالم البهادلي

أجواءٌ حزينةٌ تعمُّ المكانَ وتنشرُ السوادَ في الشوارع، وراياتٌ رُفِعتْ فوقَ أسطُحِ المنازل، وارتدى الكبيرُ والصغيرُ السواد، وعُلِّقَتِ الأضواءُ باللونِ الأحمر والأخضر؛ رمزًا للحزن، وتعالتِ الأصواتُ بقول: أبد والله لن ننسى حُسينا..
وبينما ترفعُ الأُمُّ المواليةُ رايةَ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام) في غُرفةِ الضيوفِ وهي تبكي وتقولُ: لبّيك يا حُسين.. لبّيك يا حُسين، دخلَ عليها ابنُها عليٌ وقال:
- أُمّي هل صحيحٌ إنّنا لنْ نُقيمَ مجلسًا حسينيًا هذا العام؟!
ابتسمتِ الأُمُّ بوجهِ علي وقالت:
- ومن قالَ لكَ هذا الكلامَ يا عزيزي؟
- الجميعُ يتكلّمُ عن هذا الموضوع، ويقول: بسببِ الظروفِ التي يمرُّ بها العالمُ أجمع وبلدُنا العراق على وجهِ الخصوص، وبسببِ انتشارِ وباءِ كورونا، لن تُقامَ مجالسُ الإمامِ الحسين (عليه السلام) في هذا المحرم،
- ولدي علي.. لا تلتفتْ لكُلِّ ما يُقال، ولا تسمعِ الكلامَ إلا من الشخصِ الذي تثقُ بكلامه هذا أولًا، وثانيًا ما الضيرُ إذا أقمنا عزاءَ الإمامِ الحسين (عليه السلام) وفقَ الضوابطِ الصحية؟
- وكيفَ يكونُ ذلك يا أُمّي؟
- سنُقيمُ المجالسَ في ما بيننا، حتى وإنِ اقتصرَ الحضورُ فيها عليّ أنا وأنتَ وجدّتك وعمّاتك والمُقرّبين منّا، وسنلبسُ جميعُنا الكفوفَ والكماماتِ للوقايةِ من هذه الوباء، وبعدَ انتهاءِ المجلسِ نقومُ بتعفيرِ المكان كُلَّ يوم، وسنوزِّعُ عليهم طعامَ البركة بأواني ذات استعمالٍ واحد، وبهذا سنكونُ قد وفّقنا بين الاثنين، فلا نترك إقامةَ المجالسِ الحُسينيةِ التي نواسي بها الرسولَ وأهلَ بيته الكرام، واستذكارَ هذهِ المصيبةِ العظيمةِ، وفي نفسِ الوقتِ نتخذُ التدابيرَ الوقائيةَ اللازمةَ للحدِّ من انتشارِ هذا الوباء، وندعو اللهَ (سبحانه وتعالى) أنْ يُخلِّصَنا من هذا الوباء ببركةِ الإمامِ الحسين (عليه السلام) وببركةِ هذه المجالس، لكن لن نتركَ هذه الشعائر.
- إذًا سأُساعدُكِ يا أُمّي بتعليقِ الراياتِ والسوادِ في البيت، وسأقومُ بتهيئةِ ما يلزمُ في غرفةِ الضيوف..
- باركَ اللهُ تعالى فيك يا ولدي.
- أُمّي.. سألني صديقي عبدُ الله اليومَ: لماذا نقومُ في كُلِّ عامٍ من شهرِ محرمٍ بلبسِ السواد وإقامةِ العزاء حتى في مثل هذه الظروف؟
- بماذا أجبتَه؟
- أجبته بما تعلّمتُه من المجالس، فقلتُ له: هذا مُعتقدُنا يا صديقي، فنقومُ نحنُ الشيعة الإمامية بلبسِ السواد وإقامةِ المجالسِ الحُسينيةِ استذكارًا لما حصلَ في يومِ العاشرِ من شهرِ محرمٍ من جرائمَ بحقِّ الإنسانيةِ والطفولة، وبحقِّ أولادِ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتذكيرًا بها.
وبعد أنْ وضّحتُ له كُلَّ شيءٍ قرّرَ أنْ يحضرَ المجالسَ الحُسينيةَ معي..
- أحسنتَ يا ولدي، فإنَّ واقعةَ كربلاء عِبرةٌ، وَعَبرة، ويجبُ على كُلِّ إنسانٍ يرفضُ العنف أنْ يستذكرَ ويستنكرَ ما حصل من ظُلمٍ في واقعةِ كربلاء، ويأخذَ العِبرةَ منها، فما العبرةُ التي أخذتَها أنتَ من واقعةِ كربلاء يا ولدي؟
- لقد تعلّمتُ من واقعةِ كربلاء الكثيرَ، وأنَّ الإمامَ الحسين (عليه السلام) صوتُ الحقِّ، وصوتُ الإنسانية، وأذكرُ قولًا لأحدِ الخطباء: إنّ شخصيةً معروفةً يُدعى غاندي، يقول: تعلّمتُ من الحُسين، كيفَ أكونُ مظلومًا فأنتصر..
- أحسنتَ يا ولدي، وبارك الله فيك.
وأنتم يا أحبائي الصغار انشروا ما تعلّمتموه من معلوماتٍ بحضوركم المجالسَ الحسينية..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat