الإمامُ المهديُ (ع) هو بَقيَّةٌ قُربى نبينا محمد (ص) - تطبيق معرفي: الجزء الثاني
مرتضى علي الحلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مرتضى علي الحلي

(إنّ مودة الإمام المهدي(ع) هي حقٌ من حقوق رسول الله محمد (ص) علينا)
الإمام المهدي(ع) اليوم هو آخر بقيّة لقُربى نبينا محمد(ص)، وذلك يقتضي التعاطي العقدي والشرعي والأخلاقي مع هذه الحقيقة القرآنية والنبوية بجدٍ وواقعية، وقوة عملية تأخذُ شرعيتها وحقانيتها من النصّ القرآني التالي: حيث يقول الله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل:90، وفي معنى هذه الآية الشريقة قال الإمام الباقر(ع): (وإيتاء ذي القربى) قرابتنا أمر الله العباد بمودتنا وايتاءنا، ونهاهم عن الفحشاء والمنكر (والبغي) من بغى علينا أهل البيت ودعا إلى غيرنا ) أنظر(تفسير العياشي ج2 ص268).
وعن الإمام الباقر (ع) أيضا في معنى هذه الآية الشريفة قال(ع): (وذي القربى فاطمة وأولادها (ع) أنظر(تفسير فرات الكوفي ص 237). والإمام المهدي(ع) هو يقيناً من ولد فاطمة(ع)، كما ذكر ذلك رسولُ الله تعالى نصاً فقال: (عن سعيد بن المسيب، قال: كنا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي، فقالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: المهدي من ولد فاطمة) أنظر(شرح الأخبار - القاضي النعمان المغربي ج3 ص567). وينبغي الإلتفات الواعي الى مفردات هذا النص الشريف، ومافيه من قيم وجودية عظيمة تمثلت بأمر الله تعالى الإرشادي والتوعوي للعباد، بالسير على خط العدل والإحسان، وبموازاة ذي القربى المعصومين(ع) وآخرهم الإمام المهدي(ع) الذي تبيّن واقعاً أنه من ذوي القربى. وهنا أقف متأملاً في رائعة الإنتقاء القرآني لمفردة (إيتاء ذي الٌقربى)، إذ أنها اشتملت على التحرك المعرفي والقيمي وبنشاط وفاعلية تجاه المأتي إليه، وهو هنا الإمام المهدي(ع)؛ كونه مصداق القربى الباقية من آل محمد(ص)، وهذا الإيتاء له تحققاته الوجودية حياتيا وبكثرة، وأقلها هو المودة القلبية والمعرفة العقدية بوجوب وجود البقية الإلهية في آخر الزمان، وأهم ما يترشح عن المودة للإمام المهدي(ع) هو ضرورة التعبد بإنتظاره(ع)، وتأهيل النفس والعقل والمجتمع لتقبل ظهوره الشريف، ونصرة مشروعه الإلهي...
فنحن مطالبون بالعمل لتعجيل ظهوره الشريف وإنتظاره، وإن لم نوفّق لإدراك وقت ظهوره، فالأمر ليس منحصرا بذلك، أي نحن نعمل بوظيفة وعقيدة تصُب في نهايتها الصالحة في تقريب الظهور الشريف للإمام المهدي(ع)؛ لأنّ التمهيد الصالح فردياً ومجتمعياً هو البنية التحتانية لبناء المجتمع الموعود، وإقامة دولة العدل القادمة إن شاء الله تعالى.. فإذن، مودة أهل بيت رسول الله (ص) هي حقّ له ولهم، ووظيفة عقدية وشرعية تقع على عاتقِنا حياتياً وتكليفياً.. ومودة أهل البيت(ع) تعني الإعتقاد بولايتهم الحقة والمجعولة من قبل الله تعالى في صورة إمامة الأئمة الإثني عشر(ع).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat