انفصام العلاقة بين الطفل وأسرته
هاشم الصفار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هاشم الصفار

تشير أغلب الدراسات الخاصة بعالم الطفولة إلى أن التعامل مع الطفل ينبغي أن يستند إلى وعي ونضج من قبل الأبوين أو من ينوب عنهما في حالة فقدهما، وليس بالضرورة الإلمام بأحدث الدراسات المتعلقة بهذا الخصوص، بل هناك أطر عامة مستقاة من التعاليم الدينية والأعراف الإجتماعية، وحتى الأمثال الشعبية التي تطرقت إلى مبدأ التعاطي المرن مع الأبناء من قبل ذويهم، وصولاً إلى جعل العلاقة تصل مصاف الصداقة بينهما، مع الحفاظ على الواجبات الشرعية تجاههما من برٍّ ورحمة..
الإنفصام الذي يحصل بين الطفل وأسرته، باعتبارها – أي الأسرة - المسؤولة بشكل مباشر عن تكوين شخصيته المستقبلية - خاصة البنت مع أمها والولد مع أبيه - والمقصود به ترك الطفل يعيش نائياً في تفكيره ورغباته عن عالم الأبوين، بلا فسحة من حوار، بلا وشائج حقيقية تساعده على الفهم العام للحياة؛ هذا الإنفصام الحاصل يجعله دائم البحث عن العطف البديل والحنان المفقود، فإن لم يجدهما فسوف يقع بين مطرقتين، إما الإنحراف بداعي الإنتقام من مجتمع حرمه من دفء الرعاية الأسرية، خاصة إذا وجد رفاق السوء، أو تتبرعم في نفسيته وتتبلور (الأنا) شديدة الضراوة، للاستحواذ على كل ما هو أفضل وأحسن من الآخرين، مع كراهة العطاء، وحب البخل كمبدأ للتعويض عن الحرمان، أو مخافة الاستغلال بسبب فقدانه للثقة بنفسه وبمحيطه، فهو يعيش في حالة خوف وصراع دائم مع الآخرين، فضلاً عن الاستبداد بالرأي، ومحاولة تلميع صورته الخارجية برداء التسلط والمسؤولية، وفرض (الأتاوات) على زملائه، مع محتوى فارغ يمتاز بالسذاجة والتفاهة المفرطة، تسير معه طول حياته..
إن مجتمعاً يُبتلى بهكذا أفراد من واجبه التحلي بالصبر الكبير في التعامل معهم، وإن تطلب ذلك درجة عالية من تحمل الابتذال وقلة إحترامهم للآخرين، بسبب اعتيادههم على الفظاظة والخشونة النابعة من فقدهم للتربية الصحيحة من قبل القائمين على تربيتهم.. وهؤلاء بالتأكيد يحتاجون منا - وعلى مستوى المجتمع ككل - تقديم كل الحب والرعاية لهم، لتأهيلهم نفسياً وإعدادهم للاندماج البنّاء والتفاعل السليم مع زملائهم، ليخوضوا غمار الحياة بثقة ونجاح.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat