الديمقراطية المقنّعة
علاء محمد الكركوشي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  تتناول وسائل الإعلام المختلفة المرئية والسمعية منها الديمقراطية الكاملة أو الأمثل في المجتمع العالمي، وفي كل الأديان السماوية ومذاهبها وتفرعاتها الموجودة في دول العالم الأول أو المتقدم - كما يحلو للسياسيين أن يسموه - بصورة عامة وفي امريكا بصورة خاصة. الديمقراطية الي تنادي بها الولايات المتحدة الامريكية تنص على حرية الشعوب، وعلى حق تحديد المصير، وعلى حرية الأديان، وعلى كل ما هو مثالي من أجل رفع المستوى الاجتماعي والثقافي للإنسان على هذا الكوكب، بل وحتى الى حيواناته؛ فهذه جمعيات حقوق الحيوان تنادي بحق حفظ كرامة الحيوان، وتنادي بحفظ السلالات النادرة منها، وعمل جمعيات ومجمعات طبيعية ليتسنى لها ممارسة حياتها الطبيعية.. كل هذه الشعارات الجميلة البراقة التي تهتف بها امريكا، لها شرط واحد هو أن لا تتعارض مع مصلحتها الخاصة، أو تتناقض مع سياستها الخارجية أو الداخلية، حتى وإن كانت على خطأ, فتعمل بالدول ما تشاء، وتعين النظم السياسية أو الحكام المنضوين تحت لوائهم في الأرض فساداً، لكن المهم، أن مصلحتها وخططها لا تتأثر أو تتضرر بذلك الفساد.
 الأمر من ذلك كله، أن من يسوق أو يطبل لديمقراطية أمريكا يبجل بها ويعتبرها الدستور الأول والأمثل للحريات العالمية هو غالبية الاعلام العربي، والمفروض على الإعلام أن ينقل صورة حية لأعين الناس وأذهان الناس، وله التأثير الواسع والعميق في ايصال الصورة المعبرة أسرع من الخطبة أو المحاضرة. وقد اعتمد الحكام والملوك قديماً على الإعلام بشكل كبير، فكان له الأثر على اتخاذ القرارات.
 إن الإعلام مرتبط بسياسة الدولة المسيطرة على كل شيء، وبالتالي أغلبية الدول - إن لم يكن كلها - تخضع الى أمريكا بطريقة أو بأخرى، وقد نسي هذا الاعلام العربي أو تناسى كما تناست الدول، أن أساس الديمقراطية وأساس الحريات هو الإسلام، وأن الديمقراطية الحقيقية دستورها القرآن والسنة النبوية حين أعطى الرسول الكريم محمد (ص) حق العيش والتعايش في شبه الجزيرة العربية الى المسيح واليهود، وحتى في المدينة النورة بصورة خاصة.
 إن الرسالة السماوية التي جاءت على يد النبي المختار (ص) الذي قال لكل الناس، وبكل أديانهم وطوائفهم: إن كل انسان له حق العيش على هذه الأرض، وفي أي مكان، بشرط أن يكون مفيداً لنفسه وللمجتمع.. هذه هي الديمقراطية التي نادى بها الاسلام قبل 1400 سنة والتي  نشرها وعلمها للعلم أجمع.
 ولا نذكر مجرد الكلام، وانما التاريخ القديم والحديث يشهد على سوء التطبيقات الديمقراطية الامريكية، فمثلاً نرى أمريكا في الحرب العامية الثانية عندما رأت نفسها قد خسرت الحرب، لجأت الى استخدام أسلحة الدمار الشامل المحظورة دولياً، ضد اليابان في هيروشيما.
 وقد يقول قائل: إن تلك كانت قبل فترة طويلة ولها ظروفها, فنقول: إنه قبل فترة قصيرة جداً، قامت ثورة جميلة في تونس الخضراء، وخرج الشباب ينادون باسقاط الحكومة التي على رأسها زين العابدين بن علي، وأبدت أمريكا تعاطفها مع الشعب التونسي، ونددت بالحكومة، وانه يجب أن ترضخ للشعب، وفعلاً تم ذلك. ثم بعدها عصفت رياح التغير لتصل الى مصر أم الحضارات وشعبها المقدام الذي عرف بشجاعته ورفضه الدائم للظلم، وقيامه بالثورات، وخرج  بثورته في 25 فبراير ليسقط النظام (المباركي).
 والسلسلة تطول لتصل الى  ليبيا والجزائر والمغرب واليمن وسوريا، وكل ذلك بمباركة أمريكا ودورها الفعال - إن لم يكن المباشر - عن طريق وسائل الاعلام، ولكن عندما وصل الأمر الى الشعب البحريني الجريح، فقد تدخلت امريكا بكل قوتها من خلال التعتيم الاعلامي القوي جداً، والذي ضغطت به على كل وسائل الإعلام، وبكل طريقة، حتى لايتم نشر أي خبر أو توضح أي صورة من مطلب الشعب البحريني. أرادوا أن يغتالوا هذه الثورة الجميلة التي تعتبر أنظف ثورة سلمية في الشرق الأوسط، مع العلم أن هذا الشعب كل الذي أراده هو تغيير دستوري لاتغيير نظام الحكم، أو المساس بالعائلة المالكة، وانما أراد تغيير واقع الحال، ليضمن لهم حقهم وكرامتهم كبشر أولاً، وكبحرينيين ثانياً، مع ذلك رفضت أمريكا هذا التغيير.
 والأكثر من ذلك حتى لايظهر تدخلهم المباشر، أمرت القوات الخليجية التدخل وتفعل ما تريد، وتعبث فساداً بالبحرين، بمباركة أمريكا دولياً واعلامياً.. وللأسف كان موقف اعلامنا العربي وحتى على مستوى العراق ضعيفاً جداً, لقد شعرت أمريكا ان هذا التغيير لايخلو من نفَس شيعي حسيني، أو أن الشيعة وراء هذه المظاهرات التي بدأت تزحف على كل أرض البحرين شيعةً وسنة، فأبناء البحرين بكل مذاهبها خرجوا لتغيير هذا الدستور أو التطبيقات التي يعمل بها القانون أو الدولة البحرينية.. إن اخواننا في البحرين من خلال الشعارات التي رددت من قبل المتظاهرين، أردوا تغيير الدستور لا تغيير نظام الحكم، مع أن هذا من حقهم.
عموما، إن كلامنا عن الديمقراطية الامريكية يتلخص في أن أمريكا نصبت نفسها شرطياً للعالم، واتخذت من سياستها مقياساً للعمل بالديمقراطية، فلا أعلم من أعطاها هذا الحق؟ هل هو الاعلام الضعيف أم هو ضعف الدول عامة؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء محمد الكركوشي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/08



كتابة تعليق لموضوع : الديمقراطية المقنّعة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net