صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

بأي غَيْرة أستشهد الإمام الجواد ع ..؟
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يذكر لنا التاريخ غيرتين كانتا سبباً لقتل الإمام الجواد ع ولم يحسم رأيه بأيهما استشهد عليه السلام ، وهما :

الأولى / غيرة العلماء : وذلك على أثر الخلاف الفقهي الذي وقع في عهد الخليفة العباسي المعتصم حول حدّ السارق والمكان الذي تُقطع منه يد السارق ..! حيث جمع المعتصم العلماء ومنهم إلإمام الجواد ع واستفتاهم حول مكان القطع ، واختلفوا عندها بالجواب ، فبعضهم قال من الكرسوع ( الزند ) بحجة قوله تعالى ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ) النساء ٤٣ ، والمسح يكون بالكف .. وبعضهم قال من المرفق ، بحجة قوله تعالى ( وأيديكم الى المرافق ) المائدة ٦ ، وعندما وصل الأمر للإمام الجواد ع امتنع عن الإجابة ، ولكن المعتصم أقسم عليه بالله أن يعطي رأيه ، وعلى أثر ذلك قال ع : فأما إذ أقسمت عليّ بالله ، فإني أقول : إنهم اخطؤوا فيه السنّة ، قإن القطع يجب ان يكون من مفصل أصول الأصابع فيُترك الكف .. قول رسول الله ص واله : ( السجود على سبعة اعضاء ، الوجه واليدين والركبتين والرجلين ) فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها ، وقال الله تبارك وتعالى ( وأن المساجد لله ) .. ( فلا تدعوا مع الله أحدا ) وما كان لله لا يُقطع ..

فأعجب هذا الرأي المعتصم وأعتمد عليه وأمر بقطع اليد من مفصل الأصابع .. وهنا يقول قاضي بغداد ابن أبي داوود : فقامت قيامتي وتمنيت أن لم أكن حيّاً ، وبعد ثلاثة ايام صرت الى المعتصم .. الخبر ، فوشى بالإمام ونصح المعتصم بالخلاص من الإمام الجواد ع لأن الحادثة سوف تعزز امامة الجواد وأحقيته عند الناس .. فأخذ المعتصم بالنصيحة ودبروا المكيدة في سمّ الإمام عن طريق أحد الكتّاب .. واستشهد الامام ع . ( تفاصيل الخبر في تفسير العياشي ١ : ٣١٩ - ٣٢٠ ) .

الثانية / غيرة النساء : قيل إن أم الفضل بنت المأمون - زوجة الامام الجواد ع - لما قدمت معه من المدينة - الى بغداد - سمّته ، وذلك بعد أن وقف جعفر ابن المأمون على غيرتها من أم الامام الهادي ع وشدة حب الامام الجواد ع لها ، وأن ام الفضل لم ترزق من الامام الجواد ع ولدا ، فقال جعفر لأخته في ذلك - سَم إلإمام الجواد - فأجابته ، فجعلت له السمّ في العنب الرازقي .. فاستشهد عليه السلام على أثره ..( يُراجع مروج الذهب للمسعودي ) .

فهاتان روايتان تذكران سبب قتل الإمام والجهة التي قامت بقتله والطريقة التي مات بها سلام الله عليه ، ولا بد من تعليقات :

١. الروايات التاريخية تُثبت أصل سمّ الامام عليه السلام واستشهاده على أثر ذلك وأن قاتله هو المعتصم العباسي لعنه الله بغض النظر عن اليد التي نفذت الجريمة والطريقة التي نفذت بها ..

٢. يُستفاد من هذه الروايات ايضاً مدى الأثر والبغض والمكيدة التي تُخلفها الغيرة وحب الأنا عندما تتملك صاحبها ، سواء كان صاحبها بعقلية وعواطف امرأة أم بعقلية فقيه وقاضي ..!!

٣. لعل امتناع الإمام الجواد ع عن ابداء رأيه في محضر أُناس قريبين من السلطة ولهم عندها وجاهة خاصة وأن هذا الرأي سيزلزل عروشهم تلك .. ناتج عن العواقب التي يعرفها إلإمام والنتائج الوخيمة التي ستسفر عنه .. ولهذا حاول أن يتجنبها وأن يقدّم الأهم على المهمّ .. ولكن اصرار الطاغي على الإجابة جعل الامام بين امرين ، عدم اجابة طلب الخليفة .. وهذا لا يخلوا من خطورة كبيرة ..!! أو تأييد الاراء الخاطئة للفقهاء .. وهذا ما لا يصدر عن مثله عليه السلام ولا يشهد بزور .. !! فلم يكن سوى ابداء الحكم الإلهي بذلك .. والله العالم

٤. توضح رواية المسألة الفقهية كيفية معالجة المسألة من قبل الإمام عليه السلام وءلك من خلال القرآن الكريم والسنّة النبوية معاً ، وتبيّن مدى أهمية السنة في تفسير القران واستنباط احكام الدين ، في حين نرى أن الخطأ الذي وقع فيه غيره هو بسبب الاعتماد على رأيه في تفسير القرآن واستنباط الحكم دون الرجوع الى أرباب القرآن وعدله ..

آجركم الله


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/07



كتابة تعليق لموضوع : بأي غَيْرة أستشهد الإمام الجواد ع ..؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net