صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

عيد الأرض
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أتحفنا الإسلام بمعلومات كونية عديدة قد لا يستطيع العلم البشري مهما تقدم من معرفتها على وجه الدقة والتحديد .. كمدة بناء الأرض ، ومدة تقدير أقواتها ، ومدة رفع السماء ، وتحديد الأسبقية في بناءهما وسلسلة انشاءهما ، وكذلك بعض تفاصيل بداية الكون ونهايته ، ومعلومات عن طبيعة نظام وعمل الأفلاك وبعض أهم مكوناتها ، كالشمس والقمر والنجوم .. الخ

ومن بين تلك البيانات الكونية المهمّة هو تحديد زمان دحو الأرض وهو في الخامس والعشرين من ذي القعدة ، ودحو الأرض غير خلقها ، دحوها بمعنى اكتمال تكوينها وانطلاقها بالشكل الذي تكون فيه قادرة على اداء مهامها في هذا الكون ، كصلاحيتها لعيش البشرية مثلا ، قال تعالى ( وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا ، أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ) النازعات ٣٠ ، ٣١ ، فلنفهمها كالطفل ، يُخلق ويتخلّق في بطن أمّه حتى وقت الولادة التي فيها يُأذن له بالعيش خارج رحمةِ الرحم بعد ان تحلّى بالحد الادنى لإمكانيات العيش الذاتي .. فيكون عيد ميلاد الانسان يوم ولادته لا يوم حمل أمه به .. وكذا الأرض ، فيصحّ أن نقول ان عيد ميلادها هو يوم اكتمال خلقها وبداية اداء عملها ووظيفتها ، اي يوم دحوها ..

لم يترك الإسلام هذه المناسبة التي أتحفنا بالعلم بها دون تفاعل ودون تعاطي معها ، فجعل العبادة في هذا اليوم وتكريمه وتقديسه يعدل عبادة مائة سنة .. باعتبار ان علاقة الأرض مع الإنسان من أهمّ علاقات الإنسان مع هذا الكون الذي ينتمي اليه والطبيعة التي يعيش معها ، فالأرض تمثل أباً وأمّاً للانسان ، لأنه تكوّن من تلاقح تربتها وماءها ، ولأنه تربّى في أحظانها وعاش في كنفها وتنعّم بخيراتها ، وتدخلت الأرض في تربية الإنسان واكتساب كافة خبراته وإمكانياته ، ثم ستضمه بعد ذلك جدثاً في باطنها ..

قد نكون غرباء عنها روحاً ولكن لسنا غرباء عنها جسداً وتربيةً وصحبةً ، نحن ننتمي اليها بالمشاعر والأحاسيس ، وتشترك معنا في كل ما هو مهمّ ونفيس ..

يحتفل العالم في ٢٢ نيسان من كل عام بيوم الأرض العالمي ، وهو يوم اعتباري تم تحديده من أجل دعم اجراءات حماية البيئة وبدأ الاحتفال به منذ عام ١٩٧٠ ، في حين أن عيد او يوم الأرض في الإسلام هو عيدها الحقيقي والكوني وليس عيدا افتراضيا ، وفيه ينبغي ان تُكرّم الأرض ويحتفى بها احتفاء يتناسب معها ومع العلاقة التي تربطها بالبشرية ..

ولا بد من الإشارة الى أن الأخبار تقرن حدثين حصلا في هذا اليوم ، وهما تعيين موضع الكعبة المشرفة وهبوط ابينا آدم عليه السلام على الأرض ، فعن الامام الرضا ع واصفاً يوم دحو الأرض : ( يوم نُشرت فيه الرحمة ، ودُحيت فيه الأرض ، ونُصبت فيه الكعبة ، وهبط فيه آدم (عليه السلام) ) الكافي ٤ / ١٥٠ .. مما يشير الى أن الأرض بعد أن دُحيت اصبحت صالحة لعبادة الإنسان وتكامله اتجاه خالقه ، فنُصب فيها بيت الله ونزل عليها خليفته ..

مبارك للإنسانية عيد ويوم الأرض ..
٢٥_ذو_القعدة
دحو_الأرض

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/05



كتابة تعليق لموضوع : عيد الأرض
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net