صفحة الكاتب : عبد الخالق الفلاح

غربة الحقيقة
عبد الخالق الفلاح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من يحكم العراق الآن...هذا هو السؤال... من الأخطاء في الانتسابات الغير السليمة التي تطلق من قبل الكثيرين من الكتاب والمحللين في أن الحكومات التي قادت العراق ولازالت منذ الاطاحة بصدام حسين والبعث هي حكومات دينية وهذا غير صحيح ولا اعتقد أن النظام العراقي الحالي هو ديني وهي بعيد كل البعد عن الدين ويمكن مراجعة الدستور العراقي الحالي وقراءة بنوده، وإنما هو نظام يقال عنه ديمقراطي مدني كما نص عليه وفي الحقيقة تعتمد على ورقة فاقعة اللون وهي المحاصصة ، حتى تأتي بتحالفات ورقية سريعاً ما تنتهي و لا تمت للدستور بصلة وانما توافقات شكلية للحصول على المناصب، ولا يمكن احتساب تعددية المشاركين في السلطة تعني ديمقراطية حاكمية دون مضامين حقيقية وأسس ترتكز عليها وفق هذا المفهوم ، من القوى السياسية المشاركة في العملية السياسة التي تقود البلد ،نعم هناك أحزاب دينية موجودة ولا يمكن ان نقول بأنها هي التي تحكم وتدير كل مفاصل النظام ،وكذلك هناك أناس يدعون التدين مشاركين في السلطة، ولكن هذا لا يعني أن النظام اسلامي ابداً . فهناك الكثير من الاحزاب العلمانية والقومية بيسارها ويمينها وبعض الحركات المدنية التي تتصيد بالماء العكر و الضالعة في بحر الفشل والإفساد وتشارك في الحكومة ولعل بعض الحكومات تدعي ايضاً أنها هي حكومة التكنوقراط المستقلين ،وجميعهم يغرقون في بحر النهب والسرقات إلأ ما رحم ربي ولو كانت هذه المجموعات لديها ثقة بنفسها وبجمهورها، لما دخلت تحت تسميات ومظلات اخرى..الخ كما هي في سائرون ..نعم الديمقراطية تسمح لجميع التيارات الفكرية (الدينية واليسارية والقومية والليبرالية) بالعمل الحر ضمن الدستور، إلا إنه لا يسمح يفرض أي مبدأ من مبادئ الأحزاب على السلطة التي تعني قدرت ادارة الدولة دون تمييز بين أفراد المجتمع على اساس الدين او القومية او العشيرة او المنطقة او المذهب انما كلهم مثل اسنان المشط في الحقوق والواجبات ، وعليه فالمطلوب هو دعم الديمقراطية وتطويرها نحو الأفضل لإنضاج معطياتها في البناء، وليس هدمها بذريعة أن هناك أحزاب إسلامية حاكمة تناست فشل الجميع في ادارة الدولة لأنهم ليسوا رجال دولة انما رجال حكومات بدون وطنية.

الديمقراطيات تدرك أن الوصول إلى اتفاق عام على قضية خلافية يتطلب الوصول إلى الحلول الوسط التي قد لا تكون سهلة المنال دائما. وكما قال المهاتما غاندي "فإن عدم التسامح في حد ذاته يمثل صورة من صور العنف وعقبة أمام نمو الروح الديمقراطية الحقة "،كما تقوم الديمقراطية بالعمل على نزع صيغة التحكم المركزي بالسلطة ونقلها إلى المستويات المحلية والإقليمية، متفهمة أن الحكومة المحلية ينبغي أن تتصف بسهولة الوصول إليها من قبل الشعب والاستجابة لاحتياجاته قدر الإمكان.

كما ان تتنوع نظم الحكم الديمقراطية يعكس الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية التي ينفرد بها كل مجتمع ورغم ان الديمقراطية لا تزال أملا مشتركا لدى العراقيين ولكن لازالت رهينة المصالح الغير الوطنية ، و كانت هذه الديمقراطية قد أصبحت شعارات فقط ،وفيما يتعلق بالبنية السياسية العراقية الجديدة،ولكن ليس للقيادات بشكل عام وجهة نظر متماســكة، ولكن تظهر باستمرار لمحات أفكار انية مضطربة و هناك رغبة في المجتمع إلى الأفضل وأكثر ديمقراطية ولكن تواجه بالشلل ، وهذا لا يدعو للدهشــة ما دمنا إزاء مجتمع عانى من جراء القمع. و معظم القادة كشفوا عن ارتياب طبيعي في دولة قوية؛على اساس إنهم لا يريدون إحياء ســلطة مســتبدة تكون محور الحكم ، وهم لا يفكرون من منظور الدولة ذات اسس وبنيان قوي وإنمــا مــن منظــور مصالحهم والكثير منهم يؤيدون حكومة لا مركزية تعتمد علــى كثير من الرقابة المتبادلة في مواجهة الســلطة و ربما يتفقــون فــي هــذه النقطة على حكومة إقليمية قويــة ومركزها ضعيف ورغم وجود بعض التداخل في الطموحات، يُظهر نمط تركيز مختلف لدى مختلف الجماعات. فالديمقراطية ترتكز على مبادئ أساسية وليست على ممارسات فردية ذات أبعاد قريبة المدى انما بعيدة المدى.

وهناك خلافات جوهرية بين اركان العملية السياسية ، في التقاليد الإسلامية تعترف بأن الناس أحرار وأصحاب سيادة،وهذه الصيحات هي ذات الصراع في سياق الجدل بين العلمانية والدين، والأدوار السياسية لكل منهما في خضم الاتهامات البعض للبعض الاخر مثلاً ، تقول الأحزاب الإسلامية مثلاً إن الحركة المدنية تسعى إلى تدمير الهوية الاصيلة للعراق، وتسعى لبناء علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وحلفائها وتقول الأحزاب المدنية إن الأحزاب الدينية في العراق تعتمد على الرعب الذي تثيره الحركات الإسلامية المسلحة للهيمنة على البلاد، وزجها في نزاعات إقليمية، خدمة لأجندات خارجية، . ورغم ذلك فكلهم يشاركون في الانتخابات عبر قوائم خالصة أو تحالفوا مع أطراف سياسية مختلفة، وحققوا حضوراً كبيراً في البرلمان العراقي دون وجود رؤيا لإيجاد فلسفة بناء جديدة يقبله معظم العراقيين على التجمع حولها والتعاون على أساسها، وتحت فكرة عراق موحد تتضمن تعبيــرا عــن التنوع الثقافي والعرقي في العراق أمامها لايجاد فرصة النجاح ، يتطلب تفكيرا جديدا ورؤية جديدة وكذلك رأب الصدع بين الجماعات العراقية. وإلا في الآراء والتصورات التي تم استعراضها ستقوى وقد تحدث تجزئة للعراق — وإن لم يتم تسميتها تجزئة في واقع الأمر انما اقاليم ، إن مساعدة العراق على ضم الصفوف وليس شق الصفوف وهو الخلاص من هيمنة الأحزاب المتأكلة و المتهافتة على السلطة واللجوء الى الديمقراطية الحقيقية لا الصورية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الخالق الفلاح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/02



كتابة تعليق لموضوع : غربة الحقيقة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net