نوافذ... الكذب آفة الحديث
عبد المحسن الباوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد المحسن الباوي

لو صُنفت الرذائل التي تتصف بها بعض نفوس بني البشر حسب شدة قبحها ودناءتها، فلا شك أن صفة الكذب سوف تحتل مرتبة متقدمة بينها، يقول مولانا أمير المؤمنين (ع): (أقبحُ شيء الإفك، أقبح الخلائق الكذب، شرّ الأخلاق الكذب والنفاق، شرّ الشيم الكذب، لا شيمة أقبح من الكذب، لا سوء أسوأ من الكذب)؛ وذلك لأنها أساس معظم الشرور التي تصيب الفرد والمجتمع، فالكذب خصلة خسيسة ذميمة قبيحة تجرّ الويلات على الإنسان كفرد أو كجماعات وشعوب وأمم... وهذا ما حذرتنا منه الآيات الكريمة بأشدّ التحذير فقال تعالى: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاء لِلَّهِ...) الحج: 30 -31، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) غافر: 28، ولا يخفى أن اللهجة الشديدة التي تكلمت بها هذه الآيات الكريمات تنبئنا عن عظم خطر هذه الآفة على حياة الفرد والمجتمع، فالكذب يفسد علاقة المرء بربِّه (عزّ وجل)، ويفسد علاقته بأبناء مجتمعه، ويقطع روابط الصلة التي أمر اللهُ بها أن توصل.
ومن أعجب الأحاديث التي مررت بها في هذا المضمار، هو الحديث الوارد عن رسول الله (ص) حين سُئل: (أيكون المؤمن جباناً؟ قال: نعم، أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال: نعم، أيكون المؤمن كذاباً؟ قال: لا). وقال (ص): (إياكم والكذب، فإن الكذبَ مجانب للإيمان). وفي هذه الأحاديث ما فيها من خطورة الابتلاء بهذه الخصلة الذميمة، حيث أن صفة الإيمان لا تنتفي من الجبان البخيل بالرغم من قبح هاتين الخصلتين، على العكس تماماً من الكاذب، حيث تنتفي عنه صفة الإيمان، وهذا هو البلاء الكبير والخسران العظيم الذي يورد صاحبه حرَّ الجحيم..
لقد سادت ثقافة شيطانية غريبة تفيد (بأنك إن لم تكذب فلن تستطيع العيش..!) ألا قبّح اللهُ الحياة مع خصلة تسلب صاحبها صفة الإيمان، وتصيبه في الدنيا بخزي وعار وشنار وفي الآخرة عذاب أليم. وجرت بنا الأمور اليوم حتى أصبح الصادق في قوله وفعله عملة نادرة يصعب الظفر بها، أما إذا وليت وجهك شطر الأسواق، فسوف تستقبلك رائحة الكذب التي تزكم الأنوف، إلا من رحم ربي، وقليل ما هم. أما طرقَ سمعَك أيها الإنسان الكاذب قولُ الحبيب المصطفى (ص): (إن الملائكة تفرّ من جيفة الكذب ميلين)، وأنت تعلم أن المكان الذي تهجره الملائكة تستوطنه الشياطين، ولا تلتقي البركة والشياطين في مكان واحد. فالكذب أيها الإخوة أساس كل الشرور، ومنبع كل الخبائث، يقول مولانا الحسن العسكري (ع): (خطت الخبائث في بيت وجعل مفتاحه الكذب).
وفقنا الله وإياكم للتحلي بالصدق قولاً وعملاً، وتجنب الكذب قولاً وعملاً حتى لا تفارقنا روح الإيمان فنخسر الدنيا والآخرة وذلك الخسران المبين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat