الإمامُ المَهدي (عج) وثنائيَّة الغيبِ والشهادة وقفةٌ معرفيَّة مع المُعطى القرآني الجزء الثالث
مرتضى علي الحلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مرتضى علي الحلي

جاء في تفسير قوله تعالى: (عالم الغيب)، أنَّ الله (عزَّ وجل) عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شيء، ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه، وقبل أن يفضيه إلى الملائكة. الكافي: الكليني: ج1/ ص 256.
وعن الإمام علي بن موسى الرضا (ع) أنه قال في تفسير هذه الآية الشريفة: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ...) أنَّ رسول الله (ص) هو المُرتضى عند الله تعالى، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على الغيب، فعلّمنا ما كان ويكون إلى يوم القيامة. الخرائج والجرائح: الراوندي: ص204.
ويقيناً أنَّ الإمامَ المهدي (ع) هو الوريث المعصوم لرسول الله محمد (ص) وآل بيته المعصومين (ع) بحكم قانون الوراثة الإلهيَّة للأرض التي هي منطوق قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) الأنبياء: 105.
والمعنى: هو ولقد كتبنا في الكتب المُنزلة من بعد ما كُتِب في اللوح المحفوظ: أنَّ الأرض يرثها عبادُ الله الصالحون المعصومون الذين قاموا بما أُمروا به, واجتنبوا ما نُهوا عنه وآخرهم من أهل بيت النبي محمد (ص) وهو الإمام المهدي (ع).
وأخيراً نقول: إنَّ التعاطي الأحادي الرؤية أي: الإيمان بعالم الشهادة فحسب: في هذه الحياة مع الأشياء لا يُحقق لنا حلاّ كاملاً في الإجابة عن أسئلتنا الوجودية دينياً ودنيوياً، فلا العلم الحديث يستطيع أن يُهذب الغرائز البشرية، ولا يُربي الوجدان الأخلاقي، ولا يمكن له أن يكون بديلاً وضعياً عن الدين، وإنما الدين هو الوحيد الذي يُلبي الإجابة كاملة عن أسئلتنا الوجودية اليوم، وخاصة ما يتعلق بأسئلة الغيبة الكبرى لإمامنا المهدي (ع).
فإذن، إهتمامنا بالإيمان بالغيب هو من جهة أمرٌ ديني عقدي، ومن جهة أخرى هو حلٌّ عقلاني مُريح ومُطمئِن لحيرة النفس في هذه الحياة الدنيا... ونختتم بحثنا بقوله تعالى: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) سورة البقرة: الآية 1-5.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat