العملُ روحُ الحياة
الشيخ فيصل الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ فيصل الكاظمي

وقف رجلٌ أنصاري أمام النبي (ص) يسأله أن يعينه، فقد ترك أطفالاً خلفه يشكون الجوع! نظرَ إليه رسول الله (ص) فوجده قوياً، قادراً على العمل والكسب، فسأله: هل في دارك ما يُباع؟ فقال: ليس لي إلا حلس (قطعة فراش)، وقعب (إناء للماء أو اللبن)، فطلب منه النبي (ص) أن يأتيَه بالحلس! فجاء به إليه فرفعة النبي (ص) ونادى في مسجده: مَنْ يشتري؟ فقال أحدُ الصحابة: اشتريه بدرهم! فقال (ص): مَنْ يزيد؟ فقال آخر: عليّ بدرهمين، فباعه النبي (ص)، ثم أعطى الأنصاري درهماً وأمره أن يشتري به طعاماً لأهله ثم يأتيه، فلما رجع أمره أن يشتري رأس فأس، فلما جاء بتلك الحديدة أدخل فيها النبي (ص) خشبة، ثم طلب منه أن يأتي الجبل ويحتطب، ثم يأتيه بعد خمسة عشر يوماً... ولما انقضت المدة جاء الرجل ومعه عدة دراهم، وقد أعال عياله طول تلك المدة، وبقي عنده فائض من دراهم، فالتفت (ص) إلى أصحابة وقال: هذا ما أردت!! فالنبي (ص) أراد من ذلك الرجل أن يفجّر ما عنده من طاقة معطلة، وأن ينطلق الى العمل والنشاط ومعالجة الحياة والتفاعل معها، وما أراد منه أن يتحوّل إلى كلٍّ على المجتمع، وهو (ص) الذي يقول: (ملعونٌ من ألقى كلّه على الناس).
وقد حث الإسلامُ على العمل في الأحاديث الشريفة: (إن الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل الله...).
وعنه (ص) (العبادة سبعة أجزاء، أفضلها طلب الحلال). ولهذا يُروي عن علي (ع)، انه كان إذا رأى رجلاً، أعجبته هيئته يسأل عن حرفته، فان قيل لا حرفة له سقط من عينه!
وكان الإمام الصادق (ع) يأخذ المسحاة، ويعملُ في أرض له حتى يتصبّب جسمه عرقاً، فقال له بعض أصحابه: جعلنا الله فداك دعنا نعمل لك، أو تعمله الغلمان؟ فأجابهم (ع): (لا.. دعوني فإني أشتهي أن يراني اللهُ عز وجل، أعمل في يدي، وأطلب الحلال في أذى نفسي).
أنه (ع) يدعونا إلى العمل والنشاط، ويكره لنا الخمولَ والكسل، ولو في أحرج الأوقات.. كيف والحديث المشهور عن النبي (ص): (لو قامتِ القيامة على أحدكم وفي يده فسيل نخل فليغرسه).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat