العهد مسؤولية
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

البحث في معنى قوله تعالى (والذين ينقضون عهدَ اللهِ من بعد ميثاقه )الرعد:25
العهد الأمان واليمين والموثق والذمة والحفاظ والوصية، وعهدَإليه أي أوصاه، ومنه اشتق العهد الذي يكتب للولاة، والعهدة كتاب الشراء، وهي أيضا الدرك، والعهد والمعهد المنزل الذي لا يزال القوم اذا انتأوا عنه رجعوا إليه، والمعهد الموضع الذي كنت تعهد به
هو الحلف بين القوم، وقد حالفه أي عاهده، وتحالفوا، للعهد قدسية عظمى في شرائع السماء، وهو روح وجود الإنسان، وجوهر رابطته بالله عزوجل، على مستوى العقيدة والسلوك، قال تعالى: (وأوفوا بالعهدِإن العهدَ كان مسؤولا) الإسراء: 34 أن ذا العهد كان مسؤولا عن الوفاء بعهده، وهو الإنسان نفسه المنوطة به مسؤولية الوفاء بالعهد.
وفي الحديث (، ما نقض العهدَ قومٌ إلا سلّط اللهُ عليهم عدوّهم،
وجاءت بيانات الشريعة متضافرة على قدسية العهد، ابتداءً من التعامل مع الطفل، وتربيته على الوفاء بالعهد، بالوفاء له، كما ورد عن الامام الصادق (ع) قال: قال رسول الله (ص): (أحبّوا الصبيان وارحموهم واذا وعدتموهم فأوفوا لهم، فانهم لا يرون إلا أنكم ترزقونهم) وانتهاء بالمجتمع في علاقاته ومعاملاته ومعاهداته حتى مع العدو.
فقد جاء عن الامام علي (ع) في عهده إلى واليه على مصر. (مالك الأشتر) قوله: (واذا عقدت بينك وبين عدوك عقدة، أو ألبسته منك ذمة؛ فحط عهدك بالوفاء، وارع ذمتك بالأمانة، فانه ليس من فرائض الله شيء الناس؛ أشد عليه اجتماعا مع تفرق أهوائهم، وتشتت آرائهم من الوفاء بالعهود. ليؤكد الامام (ع) في هذا البيان: أن العهد بين المسلمين أنفسِهم من باب أولى هو من أقدس الروابط والصلات.
يحدثنا التاريخ ان في زمن الحجاج تعهد احدهم باطلاق سراح سجين الى غد المحكمة بكلمة عهد فقط وحضر المتعهد لموته فعفى الله عنه
العهد هو ما ركبه الله تعالى في نفوس الناس من أدلة وجوده وتوحيده منذ الخلق الأول.أخذ عليهم العهدَ والميثاق، وأشهدهم على أنفسهم ألستُ بربكم قالوا بلى.. ، فاقروا له يومئذ بالطاعة..)
وبقي هذا الاعترافُ ثابتاً في عمق الفطرة الانسانية فوق كل المعارف والعلوم والابداعات (وقيل: عهود الله ثلاثة، عهد أخذه على جميع ذرية آدم بأن يقولوا بربوبيته، وعهد أخذه على النبيين بأن يقيموا الدين ولا يتفرقوا فيه، وعهد أخذه على العلماء بأن يبيّنوا الحق ولا يكتموه) الرأي القائل: بأن العهدَ يتمثلُ فيما رسمته السماء من خط تشريعي وبرنامج عملي لضبط السلوك الانساني على كافة مستوياته ومجالاته (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) المائدة/ 48.
وهذه الشريعة والمنهاج العملي للانسان، يعالج كافة قضاياه على مستوى العبادة وعلى مستوى العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، التي رسم الله تعالى لها حدودها وضوابطها، والزم الانسان بمراعاة تلك الحدود فقال عزوجل: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين) النساء/14. وقال تعالى: (تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) البقرة/ 229.
فما من حركة أو تصرف أو واقعة إلا ولله فيها حكم وضابط من الأمر أو النهي من امتثله فقد وفا بالعهد، ومن خرقه فقد خان العهد، ويستطيع المتتبع أن يستقرئ نظام الشريعة وضوابطها في كثير من أمثلة الحلال والحرام في الاسلام، ليضع يده على مفردات هذا العهد المأخوذ على بني آدم، والمبينة في مواضعها.والآية تناولت اليهود الذين أخذ الله عليهم ميثاقا في توراتهم بالاعتراف والاقرار بنبوة النبي محمد (ص) كما في خطاب الله لبني اسرائيل من قبل: (اوفوا بعهدي أوف بعهدكم).
ولكنهم في النهاية وقفوا في وجه الرسول (ص) ناقضين العهد ومتحدين القيم الانسانية، والى هذا اليوم يخرق اليهود كل نواميس وعهود الانسانية، وتستمر أحقادهم على المسلمين وعلى كل مقدسات الاسلام. الامر الذي يدعو المسلمين للوقوف أمام مسؤولياتهم تجاه هذه الشرذمة الحاقدة والمغضوب عليها في السموات والأرض.
ومن يرد أن يغضبَ الله فعليه أن يكرّس جهدَه في تعرية موقف هؤلاء من كل القيم الانسانية، حتى يقيّض اللهُ لهم من يذيقهم الذلة والمسكنة والهوان.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat