صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

المعطيات الاسلوبية في عزاء طويريج  الجزء الأول
علي حسين الخباز

 الولوج الى عوالم الولاء لايحتاج الى معايير نقدية من انتاج مؤسساتي ذائع الصيت، فنحن لسنا بحاجة الى بلورة رؤية تقييمية للمنجز، بقدر ما نطمح الى تقديمه للمتلقي بالشكل الأنفع، وقراءة متأنية في كتاب عزاء طويريج للمؤلف الباحث (عبد الأمير عزيز القريشي) وهو من إصدارات العتبة العباسية المقدسة.
 أخضع الأسلوب البحثي لمعطيات متنوعة يوضح مسيرة الاحتفاء الولائي، وأهم مظاهر الاحتفاء هو اظهار الجزع، ونرى اصدار كتاب في هذا الوقت الذي لو تأملنا في بعض غايات الإعلام المعروض في الساحة لوجدناه يحاول أن يفلسف الأمر حسب اشتراطاته الفهمية، ويعتبرها في مجمل مساعي  الانسان للبحث عن القيمة التعويضية مع الاعتبارات الندمية، أو السعي لتحصيل الغبطة بالألم، إذ يعتبر البعض من الاعلاميين أن البحث في حيثيات القضية الحسينية تعني النبش في التأريخ، واستحضار فاجعة يتم تسويقها حسب مصطلحاتهم في كرنفال ديني قوامه الألم والمظلومية، وكذلك ثارت الثائرة حول مفهوم الاستحضار القيمي في المسيرة الولائية، وكأن احقاق الحق أمر ليس مهماً عندهم، ولانصرة الخير يساوي عندهم الاهتمام المبذول في الواقعة كما ينظرون هم اليها.
 وفي الحقيقة فان ملحمة بهذا العمق؛ تعد ملحمة اجتماعية ترصّ صفوف المؤمنين، وتخلق تماسكاً اجتماعيا يحقق التكافل، وتترسخ مبادىء الايثار والتسامح والتعاطف والرحمة، والتي تعد قمة المبادىء الاسلامية والانسانية.
 ونجد في المقدمة البحثية رؤية المؤلف واضحة بوجود تلازم مصيري بين الاسلام المحمدي وبين الحسين (ع) فأصبح بقاء الاسلام وديمومته بعد كربلاء مرتبطا ارتباطا مصيريا بعاشوراء الحسين، لنصل الى مفهوم الشعائر التي هي مجموعة عادات وتقاليد شعبية تداخلت فكريا وعقائديا؛ فامتلكت المؤثر الفعّال الذي جعلها امتدادا لنهضة الامام الحجة (عج)، وهذا يعني ان معطيات الواقعة تأخذنا نحو يقظة الضمائر  ويقظة المشاعر،  فهي واقعة حية في الأذهان لها شمولها واتساعها، حيث استمدت خصائصها من خصائص سيد الشهداء (ع).
 فيرى الباحث أن كل طاغية من الطواغيت يجد نفسه  في مواجهة الحسين (ع)، وأعتقد ان مثل هذا القول؛ يذكرني بقول الدكتاتور الشيوعي ستالين: (اقتلوا كربلاء) وصرح بها غيره من أهل العبث، وجميع الطغاة سعوا لشن الحرب المعنوية على كربلاء، لأنهم يخافون منها، وهي تتجلى  بتاريخها الحافل بالبطولات وبمقارعة الجبابرة.
 وجاء في مذكرات (همفر) وهو جاسوس بريطاني قديم، يقول: إن من أولى المسؤوليات التي كانت على عاتقنا؛ هي محاربة الشعائر الحسينية، ومنع المسيرات العاشورائية، ومواجهتها بنفوذ اعلامي مخابراتي... فهذا هو خوف الطغاة منذ العهد الاموي ومواقف الحكام منذ أول حجاج، واستمر الخوف لهارون والمتوكل واسلافهم... فليس هناك لغة تخيف الظالمين كالشعائر الحسينية.
 يقول المؤرخ البريطاني (جيبون): إن مذبحة كربلاء قد هزت العالم هزا عنيفا، ولذلك سعى الطغاة ولحد اليوم الى محاولات طمس شموخ كربلاء، وعدوا الزيارة واجبة مفترضة مأمور بها، وانها لاتترك للخوف. واستشهد الباحث ببعض أقوال الائمة (ع) كقوله: (من زار الحسين (ع) وجبت له الجنة) ليدخل صميم العملية الفكرية لمبدأ احتوائي، يمثل الصيغ المناسبة للتغير عن كينونة الواقعة.
 أجد هناك قصورا في فهم واستيعاب المكنون الخصمي الذي سيعرفنا بالتأكيد على أسس النهضة الحسينية، الوعد الحسيني يمثل الأمل الدائم لضرورة الخلاص من هذا السلب، وقد استشهد السيد الباحث بالعديد من الرؤى المتوثبة في فاجعة كربلاء؛ فالشعائر الحسينية تعني التجديد في المواضيع التاريخية، والتي ترتبط بجذر الواقعة الحسينية.
 هناك جانب شعوري يعتبر من أهم الجواذب الاجرائية للتلقي، ويعني بناء علاقات كائنة بين المدون النصي والمؤثر الخارجي، فلذلك كان اجراء الحاج المؤلف القريشي، هو حضور الوعي لمقاربة فهمية عن معنى التأسيس وأصل التسمية، وهذا السعي يُعتبر روح النص، فالتنويع التدويني يعتبر من أهم مميزات البحث الجاد، وطبيعة الحال فاصل تسميته عزاء طويريج هي النسبة المعروفة بقضاء الهندية طويريج.
أما قضية التأسيس فيشير الموروث الولائي الى أن العزاء الحسيني أسس على عهد الشريف الرضي (ع) ولا شك أن فعل القراءة لا يتضمن الشرح والتفصيل، وإعادة وصقل المدون، وانما البحث عن ثيمات الخلق الابداعي والرأي المستحصل في الفعل القرائي، فالحاج القريشي يرى كل ما ذكر من حيثيات في الموروث التاريخي؛ لايمكن عده دليلا على أن الشريف الرضي هو الذي أسس عزاء طويريج، لعدم وضوح الشاهد، هذا هو الافق المستقل في النص... ويذهب الى مايراه الشيخ محمد علي داعي الحق القريشي من أن مجموعة  كبيرة من أهالي طويريج كانوا ينظمون عزاء مواساة منهم لامامهم الشهيد... يخرجون من مكانهم في الصباح الباكر مشيا على الاقدام، ويصلون كربلاء وقت الظهر،  وهم بين نادب وصارخ ومفجوع يلطمون على صدرهم ويصرخون (يا حسين... يا حسين) وإذا بأهالي كربلاء يستقبلونهم لمشاركة العزاء...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/11



كتابة تعليق لموضوع : المعطيات الاسلوبية في عزاء طويريج  الجزء الأول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net