صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

قراءة في بحث/ ح3 الإمام الحسين (ع ) إمامته وقضيته
علي حسين الخباز
في قراءة لبحث السيد الميلاني في حلقته الثالثة تجد الدهشة احيانا في تفسير الموروث التاريخي نفسه في قيمة السيرة المحمدية الصحيحة حيث العمق المعنوي الذي ينجلي بعيدا الى اسوار الحجابات القسرية التي تعرض لها... رحب النبي (ص) بالحسين عليه السلام: مرحبا بك يا أبا عبد الله يا زين السموات والارض... فاستغرب أبي بن كعب الذي كان حاضرا وسمع الترحاب فراح يسأل:ـ كيف يكون زين السموات والارض غيرك يا رسول الله؟ فأجابه: والذي بعثني بالحق نبيا ان الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الارض، فانه مكتوب على يمين العرش: (الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة) فبدأ بدراسة الدلالات الكثيرة التي يحتويها هذا الحديث وتحليل فقراته... فالدلالة الأولى في اطلاق الكنية (أبا عبد الله) فنجد ان الرسول (ص) يستقبل الحسين عليه السلام بكنيته، وهذا يدل على قيم الاحترام... والدلالة الثانية اطلاق اللقب (زين السموات والارض) ونجد ان تأمل هذا الدلائل بمثل هذه الدقة لابد ان يسمى اتقانا تأمليا يكشف ابعاد النص فكريا وجماليا من خلال تعميق الدلالات... والدلالة الثالثة والتي تعنى بالقسم: (والذي بعثني بالحق نبيا...) والنبي (ص) لايحتاج الى مثل هذا القسم، لكنه ود ان يؤكدها لذهنية المتلقي المستقبلي.. هناك استخدام امثل لطاقة اللغة فمثلا لو لاحظنا مفهوم الدلالة الرابعة: (ان الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الارض ) اي ان مانعرفه عن الحسين هو قليل بالنسبة لمقامه عند اهل السماء، فقد عرفوه، ولايعني انهم عرفوه بكامل فضيلته وحقيقته؛ فأهل السماء ايضا لم يعرفوا كل حقيقة الحسين عليه السلام... 
أعتقد ان التأمل في العمق النصي موهبة تستوقف كل اشارة وعلامة ودلالة لتزيد المعنى ثراء لدرجة يصبح تحريضا ادراكيا خلاقا... اما الدلالة الخامسة تكمن في عبارة (مكتوب في يمين العرش) قد يظن البعض ان عبارة (يمين العرش) من العبارات الصريحة، والتي تأخذ بالتفسير الآني والمباشر والبسيط، وتجعل مهمة القراءة هنا مهمة نمطية مشغولة بنمطية الإستقبال. لكن سماحة السيد المؤلف يسأل ما معنى (المكتوب في يمين العرش)؟ ثمة قصور ذهني عام عند الانسان لايستطيع تصور المدركات الغيبية ليفهم هذه الدلالة الرسالية المستندة على حكمة ربانية... هي تجليات لابد ان تأخذنا نحو كم احتمالي ـ والاحتمال القوي الذي يراه سماحة السيد (الميلاني) هو ان يكون كناية ـ طاقة كاملة مستمدة من قوة المعنى الخفي، وتلك الكتابة ايضا لها مفهوم المعرفة والتوحيد، وان يكون الحسين عليه السلام من اركان هذه المعرفة ـ رؤيا خلاقة نافذة تتواصل مع امكانية المطلق وتصور هيئته في ذلك العالم ـ والدلالة السادسة تكمن في بنية الحديث (الحسين مصباح هدى وسفينة النجاة).
 وقد وردت في بعض القراءات (مصباح هاد) فقد حاول السيد الباحث يقرن فاعلية (القراءة... التلقي) بما عليه الارسال الثاني النص البحثي ليضع المتلقي امام واقع النص الاول (الحديث) ليزيد من درجة استيعابه، ويجعل تذوقه الجمالي كونه استخدم انتقادات تنسيقية تتوائم مع مفهوم الحديث، لتكون سندا دائما للايضاح: (لولا الحسين لماعرف الله وعبد، ولولا الحسين لما اهتدى الناس وما نجت الامة من الهلاك) ولكلا الاشارتين اكثر من مرجع نصي يهيء المعنى الكلي.. قضية التدوين البحثي لم يعد موقوفا على نقل احداث وتواريخ وتدوينات موثقة من حواشي بل في عملية امتلاك الحس النقدي البعض منه يتحرر الى شكل انطباعات والبعض الاخر الى فكر تحليلي يستند الى الخزين المعرفي الثقافي يجمع مجمل التجارب والأحداث ويعيد صياغتها.. بناء صورة جديدة تتوسع وغالبا ماتجتاز محدودية النص الوصفي، فتصبح توصيفات موضوعية تنطوي على كلي يرتقي بالادراك الى مستوى تأويلي ادراكي مضموني ـ مما يضفي على البحث تواصلا روحيا ووجدانيا.. فقرب لنا سماحة السيد الباحث بهذا المعنى مفهوم الشراكة.. فارهاب معاوية للناس وأخذ البيعة منهم لأبنه يزيد تجعله شريكا لجميع افعاله وحتى قضية قتل الحسين في العراق كانت بتخطيط معاوية، ولذلك يتحمل غلاة الحجاز والكوفة مسؤولية قتل الحسين.. لو تأملنا التأريخ لوجدنا ان ثمة اجراءات طبقت في مدن الكوفة وقراها تثبت ان لادور لأتباع أهل البيت في الكوفة، ولا في قتل الامام الحسين ع بل هي قضية أموية حفلت بها الخوارج المتواجدون في الكوفة، ولهذا منعت السلطات تدوين واقعة الطف ونقل تفاصيلها، فلم نعثر على كتب مؤلفة في المقتل الحسيني من الرواة القدامى الا القليل، فيكون المنقذ الوحيد هو اللجوء الى الاعتماد على القرائن والشواهد واستنباط الأمور من خلال الأخبار.
هناك اذن مساحة اشتغال واسعة تبعد التدوين البحثي عن النمطية، وفي نفس المجال ايضا حاول الأمويون التعتيم على الواقعة كي لاتنقل احداثها الى العالم، وكي لاتتحدث الأجيال عن قدسية المقتول ووحشية القاتل؛ فالبعض اليوم يشكك في تلاوة الرأس الشريف للقرآن الكريم، بينما يروي الخبر (ابن عساكر) ويقول السيد الباحث: هناك من لايصدق ان وحشية جند آل امية تصل حد أخذ القرط من أذن بنات رسول الله ص ويذكرها الحافظ الذهبي. والبعض الآخر ينكر عملية سحق الخيول لجسد الحسين الشريف واسماء الخيالة موجودة مدونة... 
وهذا يعني لنا ان غرائبية الواقع التاريخي جعل العقول تعجز عن التصديق... المشكلة تترتب على ماهية الأحكام فهل تكمن قيمة المصداقية بما يصدقه العقل فقط بالمستساغ منها، وما لايحتمله العقل ينكر، تبقى الواقعة بنوعيها الأحداث والرموز السلبية والاحداث والرموز الايجابية تشكل الكثير من الخرق للناموس الطبيعي؛ فالايجاب له كراماته. وقد حدثت في الطف كرامات كثيرة مذهلة والسلب له تجاوزات بات لايصدقها العقل... فلماذا الى الآن يصدر البعض ممن يفترض ان يكون من اهل اليقين انطباعات تائهة بينما سياسيو المذاهب الأخرى من العلماء يتعاملون مع الواقعة بفن زرع الريبة وحداثوية الشك ويتفنون بمهارة الطعن.. المعارضة ـ الدس ـ التحريض ـ الأحكام المزاجية فمنهم من يرى شرعية حكومة يزيد وعلى هذا يصبح الخروج على حكمه حراما؛ فلذلك كان يوم عاشوراء عندهم عيدا من الأعياد، وهناك من قال ان الحسين شهيد لايمكن ان يعزى بل يبارك هي مجرد تبريرات، وهناك من منع البراءة من قتلة الحسين على احتمال التوبة... ويتسائل سماحة السيد علي الميلاني في بحثه الجاد... اذا كانوا هم يهتمون لحفظ ماء وجه؛ فلماذا لانهتم لحفظ هذه الواقعة... فلسفة الشعائر الحسينية هي اقامة الشعائر للاعلان عن مظلومية أهل البيت (ع) ولتأكيد ايماني يصر على رفع لواء النصرة عاليا ويقينا ان بحثا بهذه الحركة يعد احتراما لعقلية المتلقي وايمانا بحتمية الواقعة كفعل خالد يتنامى عبر الأزمنة.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/01



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في بحث/ ح3 الإمام الحسين (ع ) إمامته وقضيته
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net