ذاتَ صباح مشمس ، وأنا أردّد مع نفسي عبارات حديث الكساء المرويّ عن فاطمة الزهراء_عليه السلام_،،إنّي ماَ خَلقتُ سماءَ مبنيّة ولا أرضاً مدحية....إلى العبارة التي تقول ، ولاشمساً مضيئة ألا لأجلكم ،،كنتُ حينها أتأمّل خيوط الشمس الذهبيّة ،وهي ممتدة على وجهِ الأرض ، كانت جميلة رغم مابها مِن حرًّ ، ولّما دنوت منها أكثرَ فأكثر ، قرات حروفاً بل اسطراً، هي تلك التي روتها أسماء بنت عُميس ، وتناقلها الكثيرونَ ، لِمافيها مِن إعجازٍ واستجابةٍ للدعاء، برِد الشمس بعدَ الغروب وإن كانت رُدت مِن قبلِ هذا للنبيّ سليمان_عليهالسلام_ويوشع بن نون -عليهالسلام-إلا أنّها لم تقترنْ باسمِ أحدهما كاقترانها باسمِ بن ابي طالب-عليه السلام- وبينما أناغارقةٌ في هذه التأمّلات ، تخيلّ لي صوتٌ ينبعثُ مِن قرصِ الشمس قائلاً : ليتَ الإشراق حينها كان بيدي ولم آفل ، لبقيتُ انتظر حتّى يستيقظّ الرسول -صلى الله عليه وآله- مثلما كانَ ابو الحسن -عليه السلام-ينتظرُ ، ولم يكن قد صلى فرضَ العصر، إذكانَ السندّ لراسِ خاتم الأنبياء -صلى الله عليه واله- حينَ تلقيهِ وحي السماء ، حيثُ السكون والهدوء بصدرِ الإيمان كلّه ، وكأنّه أحال الأشياء إلى جمادٍ ألاّ انفاسهُ الممتزجة بأنفاس المصطفى-صلى الله عليه وآله-
كانَ عطرُها الفوّاح يستعيدُ ذكريات ِ الطفولة ، تلك التي تربّى فيها بحضنهِ وهو صغير إلى أن كبرَ وخَبُرَ ، مثلما أشار إليه -عليه السلام- في بعض خُطبه :《وقد علمتم موضعي من رسول الله -صلى الله عليه وآله-بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا وليد ، ويضمني إلى صدرهِ ، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده ، ويشمني عرفه ، وكانَ يمضغ الشيء ثم يلقّمنيه》(١)، وبينَ زحمة الذكريات هذه ومتعتها أشارَ الوقتُ بالغروب ، فصرتُ مأمورة بالذهابِ ، مجبرة على ترك الأحبّة ، ولّما نشرَ الليلُ سواده وتلألأت نجوم السماء ، ارتفع صوتُ النبيّ -صلى الله عليه وآله- بهذا الدعاء{اللهم إنّ علياً كانَ في طاعتك فأردد عليه الشمس } (٢)فرُدّت حينها للإمام ، وبردّها كانَ أجملُ الختام لقِصّة اسميتها (العَجيبة).
......... ..................... .................
(١) شرح اصول الكافي ج ٣، ص ٤٧٨
(٢)كتاب الأربعين :ج١، ص ٤٣٨
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat