الوحدة النفسية مفهومها أشكالها وأسبابها وعلاجها ح1
د . فضيلة عرفات محمد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فضيلة عرفات محمد

يعاني الإنسان المعاصر في المجتمعات كافة من مشكلات نفسية واجتماعية واقتصادية ومهنية عدة نتيجة للتطور التكنولوجي الهائل والسريع الذي يعجز الفرد من ملاحقته فضلا عن التغيرات التي لحقت بالقيم الإنسانية، فضلا عن التحولات السريعة التي مر بها أفراد المجتمعات مما أدى إلى أضرار نفسية كبيرة بالفرد العراقي، ومن هذه المشكلات النفسية مشكلة الشعور بالوحدة النفسية.
ان الشعور بالوحدة النفسية حالة ينفرد بها الإنسان عن غيره من الكائنات الحية بسبب امتلاكه نظاماً اجتماعياً، يتأثر به ويؤثر فيه، وأي خلل قد يحدث في الأواصر التي تربط الإنسان بغيره من أبناء جنسه أو أي تغير يحدث في النظام الاجتماعي، ينعكس على الفرد، وينتج عنه اضطراب في الطابع الاجتماعي المكتسب لدى الأفراد، ما يولد لديهم الشعور بالاغتراب أو الانعزال أو معاناة الوحدة النفسية وكما تترك آثارا على الفرد حيث من شأنها أن تؤثر على مجمل نشاطاته كما أنها تُعد نواة لمشكلات أخرى.
كما يشير العالم رايز مان ( Riesman 1995 ): بأن معظم الأفراد لا يستطيعون التعايش مع متطلبات التقدم التكنولوجي الهائل دون أن يتعرضوا إلى الكثير من صور الإحساس بالوحدة النفسية، كما يعتبر الإحساس بالوحدة النفسية تعد نقطة البدء لكثير من المشكلات التي يعاني منها الإنسان المعاصر؛ لأن تأثيراتها تتبادل فيما بينها في حلقة دائرية إذ تؤثر الواحدة بالأخرى .
وكما يرى الدكتور فيصل محمد خير: "الحياة الإنسانية في مجتمعاتنا المعاصرة تعقدت كثيرا ولم تعد بهذه البساطة التي كانت عليها في السابق, لقد تفاقمت صعوبات الحياة وتعددت مشاكل الإنسان وزادت الأعباء وأصبح من الصعب على الإنسان تحقيق معظم حاجاته وطموحاته أو أن يسلك في الحياة دون معاناة أو ألم، وهذه الظروف الحياتية الصعبة والمتلاحقة بما فيها الظروف المادية الصعبة والتغيرات السريعة التي طرأت على مجتمعاتنا العربية والتحديات التي تواجه هذه المجتمعات والحروب المتلاحقة والعدوان والدمار وغير ذلك زادت من معاناة الإنسان وصراعاته الفكرية والنفسية كما زادت من الضغوط النفسية ومن حالات الإحباط والقلق والحرمان والاكتئاب والشعور بالوحدة النفسية والاغتراب، وجعله ذلك يفقد توازنه العقلي والنفسي ويعرضه إلى العديد من الاضطرابات النفسية والعقلية والسلوكية ويضعف قدرته على العمل والعطاء والإنجاز كما يؤثر سلبا على صحة الإنسان وبيئته ومجتمعه, وهذا الحال ينطبق على كل إنسان ذكرا أم أنثى صغيرا أو كبيرا).
كما أشارت نتائج بعض الدراسات إلى وجود ارتباط موجب بين إحساس الأبناء بالوحدة النفسية ومتغيرات اضطراب العلاقات الوالدين والتفكك الأسري والاتجاهات السلبية التي تتمثل في إثارة الألم النفسي والقسوة والتفرقة والإهمال والتذبذب في المعاملة.
ولقد اهتم الإسلام بالصحة النفسية للفرد والمجتمع، وأن الدين الإسلامي يعتبر مصدرا لاستكمال النزعة الفطرية فهو يعين الفرد على تحقق الصحة النفسية فهو علاج حقيقي لأزمات النفس . قال تعالى: (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (سورة الرعد: الآية 28. كما قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيءٍ مِن الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مِن الأموَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصابِرِينَ * الذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنا إِلَيهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ المُهْتَدُونَ) سورة البقرة: 155-157.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat