في وقت يتهافت البعض في الحصول على وظيفة او منصب‘
او كرسي او مقعد او مؤسسة شكلية او عنوان وهمي.
وتجدهم يستقتلون وينبطحون من اجل ذلك.
في حين ان كل هذه العناوين والوظائف غير دائمة ولا تستمر ومؤقتة.
وتخضع لمزايدات وحسابات ومصالح سياسية واقتصادية وعلاقاتية.
الا الكاتب فهو الوظيفة الدائمة والمنصب الازلي‘
والمكان العظيم الذي لا يمكن ان ينازعه عليه احد.
رغم ان تقاليد السياسة العراقية وخلال حقب زمنية متعاقبة‘
تحجب حضوره ووجوده وتعمل على نفيه واقصائه.
لأنها تريده صاحب دكان لبيع الاوهام وقلم للايجار‘
من خلال مقالات سياسية سطحية ترويجية او دعائية‘
محشوة بالانشاء واللغو والتفسيرات المزاجية‘
وان يلهب الجماهير بمقالات حماسية تحريضية ملفقة‘
تقوم على خلق اعداء وهميين لتحريك التناقضات داخل المجتمع.
لذلك هو غائب عن المشاركة في صناعة القرار.
الا مجموعة معينة تم صناعتها حسب الطلب والمواصفات‘
وهؤلاء سيصلون اليوم او غدا الى طموحاتهم ونزواتهم.
لأن احلامهم ضئيلة ومحدودة وعادة ما يكتب هؤلاء بلغة‘
ويفعلون عكسها وشتان ما بين الكاتب والمستكتب.
الكاتب الحقيقي هو الذي ينحاز لمعاناة الناس وهمومهم.
ينتج ثقافة وفكر ورؤية بديلة للخراب.
يمثل تجربة حياة بكل جرأتها وفرادتها وعمقها‘
وجذورها وحرارتها.
في هذه التفاصيل ترقد الحقيقة وتسكن الهموم والمشاعر.
الكتابة هي المهنة الاستثنائية التي تذهب في اكتشاف التفاصيل‘
( الوضوح والوعي والجرأة والجمال )‘
بعفوية تقترب من مواضع جروح الناس واحزانهم وهمومهم‘
لأنك تكتب بحبر قلبك وعطر روحك بدون الحاجة للحذلقة والاستعراض.
كل الاشياء لها لغة ( الجدران / اللوحات / الطرقات
الوجوه / المواقف / الاحداث / الثكالى / اليتم / الفرح ).
والكاتب هو من يستنطقها ويجعل لها صورا تتكلم نيابة عنها.
هو قادر ان يدون سنوات الفجيعة والدم والضياع‘
بما في ذلك المواقف الحزينة والصامتة.
يستطيع ان ينزع اقنعة الواقع ومظاهره الشكلية.
وان يغوص في الاعماق ويحررها من اغلالها الداخلية والخارجية‘
الاجتماعية والنفسية ‘ ويحطم القيم الرثة والسائدة والقناعات الجاهزة.
الكاتب هو من يحمل ارث هذه الامة بضميره الحي‘
من جيل لأخر ومن زمن لأخر ومن شمعة لأخرى.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat