الإسلام وأزمة الغذاء ( 2 )
كريم عزيز عبد السيد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كريم عزيز عبد السيد

اما في ظل النظام الاقتصادي الإسلامي، فهو قائم على الاهتمام بالفرد والمجتمع على حد سواء. ولكي نبني مجتمعا سويا لابد ان نبني انسانا عقائديا مؤمنا راسخ الايمان، ليستوعب القيم والمفاهيم الإسلامية منطلقا في كل اقواله وافعاله من مبدأ مخافة الله سبحانه، وبالتالي سيكون لدينا مجتمع متكامل ناضج قادر على تحمل المسؤولية.
ان بناء الانسان يبدأ من البناء الأخلاقي والسلوكي الإسلامي، فاذا استطعنا ان نقوِّم السلوك الإنساني بحيث يحقق المغزى الاساسي لبنائه القائم على مبدأ الاخلاق الحميدة، استطعنا ان نبني مجتمعا اخلاقيا قادرا على التعامل مع الواقع بموضوعية ووعي بعيدا عن الرذائل والقبائح والانحرافات السلوكية.
والمبدأ الثاني هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فلو استطعنا ان نبني انسانا متحلـِّيا بالخلق والسلوك الحسن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، نكون عمليا بنينا مجتمعا قويا متراصا قادرا على قيادة نفسه، ودفعها الى الامام ليعيش مزدهرا متطورا بعيدا عن المزايدات، والمراهنات الضعيفة والبغيضة.
حين يتعامل هذا الانسان مع المجتمع تعاملا روحيا من خلال نظرته الى المال على انه مال الله جعله خليفة عليه، لابد ان يُحسن التصرف فيه من خلال دفع الخمس والزكاة والصدقات، والمساهمة في التكافل الاجتماعي، او عندما تكون هناك صدق النية، والامانة، والالتزام بالدين والتفاعل معه في كل التعاملات داخل الاسرة او في السوق والمعمل والدائرة والطريق والمجتمع، سوف لن تكون هناك ازمة تُذكر في مجال الزراعة والصناعة والتجارة والتعاملات اليومية، وسيكون هناك ازدهار اقتصادي، ولن تكون هناك ازمة زراعة او غذاء؛ لأن الدولة ستعمل على دعم الفلاح بصدق، ولأنه سيزرع الأرض بكل ما أوتي من قوة ليدعم السوق دون النظر الى الربح او الخسارة، وان العامل ورب العمل سيعملان سوية على توفير افضل المصنوعات بأعلى جودة دون ان يكون هدفهما الربح على حساب النوعية؛ لأنهم جميعا يضعون امامهم انهم ينطلقون في اعمالهم من مخافة الله عز وجل، وان عملهم عبادة كالصلاة والصوم، وان الذي يقدمونه للمجتمع عليه اجر وثواب من الله جلت قدرته وما يفعلونه هو من اجل هذا الثواب.
وبالنتيجة لن يكون هناك فقير، ولن تكون هناك ازمة غذاء، ولا احتكار للسلع، ولا ظلم للعباد بل تكافل وتحابب ومودة اسلامية قائمة على مخافة الله سبحانه، ومحبة رسوله صلى الله عليه واله واهل بيته الطاهرين عليهم السلام في ظل نظام يتساوى فيه المواطنون بمختلف مذاهبهم وشرائحهم ودياناتهم ومعتقداتهم لا فرق بينهم الا بمقدار ما يقدمونه من عمل خير لأنفسهم وللمجتمع بقوة الايمان، ورسوخ العقيدة وتقوى الله جل جلاله... قال تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) صدق الله العلي العظيم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat