التخمة وكثرة الأكل
خضير عباس الخفاجي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
خضير عباس الخفاجي

يروى عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (كثرة الأكل مكروه) وكذلك قال (ع): (إن الله يبغض كثرة الاكل) حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم: (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، الغذاء في اعتبار القرآن وسيلة لا غاية، فهو وسيلة ضرورية لابد منها لحياة الإنسان، حيث دعا إليها القرآن (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً) وجعل الله تعالى في غريزة الإنسان ميلا للطعام، وقضت حكمته أن يرافق هذا الميل لذة تمتع الإنسان بطعامه، ولتبنيه العصارات الهضمية، وأفعال الهضم، فليست اللذة هي غاية الأعمال الغريزية، وأن الوقوف عند التلذذ والتمتع في الطعام والشراب إنما ينزل الإنسان إلى مستوى الحيوان، وهذا من صفات الكافرين والجاحدين، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) ومن الجهة الغريزية فإن (الأصل في الأغذية إنها لبناء الجسم وإعاضته ما يندثر من أنسجته، ولتقديم القدرة الكافية التي لاتستنفد في الحفاظ على حرارته، وفي قيام أجهزته بأعمالها). والاعتدال في الطعام والشراب هو أمر لابد منه، حيث أن الاعتدال في أي أمر هو أسمى درجاته، والاعتدال في أمر الطعام والشراب هو المقصد الذي ذهبت إليه الآية الكريمة (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) ففي هذه الآية دعوة للإنسان إلى الطعام والشراب ثم يأتي التحذير مباشرة عن الافراط في ذلك، ولقد كان الاعتدال واقعا في حياة الرسول (ص) وحياة الأئمة (ع) فلم تقتصر توجيهاته (ص) على عدم الافراط في الطعام، بل حذر أيضا من التقتير فيه حيث منع أقواما من الصوم أياما متتاليات دون افطار. وقد اتفق على مبدأ الاعتدال في الطعام والشراب كل من مر على الارض من أنبياء وحكماء واطباء، فهذا لقمان الحكيم يوصي ولده بقوله: (وإذا كنت في الطعام فاحفظ معدتك) على أن الدقة في بيان الاعتدال في الطعام والشراب تظهر جلية في حديث الرسول (ص) (ماملأ آدمي وعاء قط شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه).
وقبل ان نتحدث عن الاسراف نذكر بأن احتياجات الانسان الطبيعي من العناصر الغذائية الاساسية السكريات والدهون والبروتينات ومن الفيتامينات والعناصر المعدنية تختلف حسب سنه وجنسه وعمله وحالته الغريزية، فالرجل الكهل مثلا يحتاج (20-26) غم من البروتينات و(100)غم سكر كحد أدنى، ولكمية من الدهون بحيث تؤمن 20% من طاقته اليومية، ولكميات محدودة من الفيتامينات والمعادن لامجال لذكرها هنا. والاسراف أما ان يكون بالتهام كمية كبيرة من الطعام فوق حاجة الانسان أو بازدياد الطعام دون وضعه جيدا ويسمى ذلك بالشره وسبب الشره يكون نفسيا غالبا، ويكون اما كظاهرة للحرمان او التدليل او بسبب الملل كما هو عند بعض الاطفال او بسبب التعلق باللذة او بسبب التقليد، وقد يكون سبب الشره غريزيا كما هو في الحمل او يكون مرضيا وهناك أنواع أخرى من الاسراف، كالاسراف بنوع من الأطعمة على حساب الأطعمة الاخرى أو اسراف بتلبية كل ما تشتهي النفس مما يوقعها في براثن العادة السيئة ومن الاسراف تجاوز المباحات إلى الأغذية المحرمة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat