فصل في بيان فلسفة شدة ابتلاء الأنبياء والأوصياء والمؤمنين (2)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 فالانسان اذا عاش هموم الدنيا وآلامها واسقامها ومشاكلها وعنائها وشعر بأن امواج الفتن والمحن تزحف نحوه ، خفّ تعلقه بها ـ اي الدنيا ـ وقل ركونه إليها ونفر قلبه منها . واذا اعتقد بوجود عالم آخر ، وفضاء رحب فارغ من جميع انواع الشقاء والتعاسة ، ارتحل إليه . واذا لم يتمكن من السفر بجسمه لذهب بروحه وبعث بقلبه الى ذلك العالم.

وواضح جدا ان المفاسد الروحية والخلقية والسلوكية بأسرها تنجم عن حب الدنيا والغفلة عن الله سبحانه وعالم الآخرة ، وان حب الدنيا رأس كل خطيئة.

في حين ان الصلاح الروحي والخلقي والسلوكي ينبعث من التوجه نحو الحق ، ودار الكرامة ـ عالم الآخرة ـ ومن اللامبالاة بالدنيا وعدم الانبهار بزخارفها.

 اذاً ، علمنا من هذا التمهيد بأن لطف الحق تبارك وتعالى وعنايته كلما شملت لشخص أكثر ، ووسعته رحمة الذات المقدسة بصورة أوفى ، كلما أبعده سبحانه عن هذا العالم وزخرفه أكثر ، ودفع عنه امواج المحن والفتن اكثر ، حتى تنقلع رغبته في الدنيا وزركشتها ، ووجّه وجهه حسب مستوى إيمانه الى عالم الآخرة وارتبطت روحه بذلك العالم .

وان لم تكن جدوى من احتمال شدائد المحن الا هذه الجهة ـ الانزجار والاعراض عن الدنيا والاقبال نحو الآخرة ـ لوحدها ، لكفى .


 عن أبي جعفر عليه السلام قال: «ان الله تعالى ليتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية من الغَيبة ويَحميه الدنيا كما يحمي الطبيب المريض» (1) .

ونقل هذا المعنى في حديث آخر . ولا يحسبن أحد ان محبة الحق وشدة عناية ذاته الأقدس ، لبعض عباده جزاف ومن دون جهة ـ والعياذ بالله ـ بل كل خطوة يخطوها مؤمن وعبد من عباده ، غمرته رحمة الحق المتعالي واقبل على عبده قدر ذراع.
ان مَثَل الايمان وتوفير بواعث التوفيق ، مَثَل الإنسان قد حمل مصباحا وسلك طريقا مظلما فكلما تقدم خطوة ، أضاء أمامه واهتدى للخطوة اللاحقة . فكلما رفع الإنسان قدما نحو عالم الآخرة ، اتضح السبيل أكثر ، وغمرته عنايات الحق بصورة أكبر ، وتوفرت عوامل التوجه الى عالم القرب ـ الآخرة ـ والانزعاج عن عالم البعد ـ الدنيا ـ . والعنايات الأزلية للحق المتعالي انما تسع الأنبياء والاولياء لعلمه ـ سبحانه ـ الازلي بطاعتهم ايام التكليف .

كما انكم لو علمتم ايام طفولة والديكم بأن أحدهما سيطيعكم ويسعى في تأمين رضاكم وثانيهما يبعث على سخطكم وامتعاضكم ، فمن المعلوم ان ألطافكم ستشمل المطيع اكثر من الثاني منذ الايام الأولى.


أمونة جبار الحلفي


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/08



كتابة تعليق لموضوع : فصل في بيان فلسفة شدة ابتلاء الأنبياء والأوصياء والمؤمنين (2)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net