دور الأسرة في التربية والنمو الأخلاقي مرحلة ما قبل المدرسة (من الولادة- ست سنوات)
كامل حسين علي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كامل حسين علي

قال الله تعالى عن الرسول العظيم (ص): (وَإنَّكَ لَعَلى خُلُق عَظيم) القلم/4.
تعتبر الأسرة الحاضنة الأولى للطفل، منذ لحظة ولادته، والتي تؤثر في مستقبل نمط شخصيته في بداية حياته، إلا أنه يكون على استعداد لمعرفة كل شيء عن هذا العالم من خلال والديه اللذين يكونان المصدر الأساسي لكل معلوماته، في مرحلة ما قبل المدرسة، ويكتسب الطفل من أسرته العديد من القيم والمعتقدات والخبرات.
وكذلك العديد من العادات والاتجاهات، وأنماط السلوك الأخلاقي في سنوات حياته الأولى. وحين يولد الطفل، يكون لديه استعداد فطري، لتعلم الأخلاق والسلوك الأخلاقي، فيما بعد، إذا تهيأت له الفرصة للتربية الأخلاقية السليمة.. وحيث يقول رسول الله (ص):{اللهم كما أحسنت خـَلـْقي فأحسن خُلقي}. والأخلاق: مجموعة قيم سلوكية في حياة الإنسان، يتشربها من خلال سلوك أسرته، وأن الوازع الخلقي في حياة الإنسان، ثبت أنه من المؤثرات التي تعمل في الحياة الأسرية، حيث يقول رسول الله (ص): (أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم) ففي مرحلة الرضاعة (السنتين الأولى) لا يكون الرضيع قد نما لديه الضمير، ولا نظام للقيم. ولذلك لا يمكن الحكم عليه في ضوء مقياس للسلوك الأخلاقي، ولا يصح أن نقول أن سلوكه أخلاقي أو غير أخلاقي، وأنه سوف يتعلم معايير السلوك الأخلاقي من والديه ومعلميه ورفاقه فيما بعد، عندما يسمح مستوى نموه بذلك.
ومعروف أن تعلم السلوك الأخلاقي، عملية طويلة وبطيئة، توضع بذورها منذ هذه المرحلة العمرية، وتجنى ثمارها فيما بعد، وحكم الرضيع على السلوك (صواب أو خطأ) يكون في ضوء ما ينتج عنه من سرور أو ألم له شخصياً، وليس في ضوء حسنه أو رواءته في ذاته، ولا في ضوء القبول أو الرفض الاجتماعي. إن الرضيع لا يشعر بالذنب حين يخطئ، ويقسم (بياجه) في أبحاثه حول قدرة الطفل على المحاكمات الأخلاقية، مسيرة تطور هذه القابلية إلى مراحل: في الأولى المسماة مرحلة (الفوضوية) أو (اللانظامية) ولا تمثل التعليمات والأوامر الأخلاقية أية مكانة لدى الأطفال، بل يخضع كل شيء لما تمليه عليه رغباته ومتطلبات بذاته، وهي في الطفولة المبكرة، يكون النمو العقلي للطفل، لم يصل بعد إلى درجة تسمح له بتعليم المبادئ الأخلاقية المجردة، فيما يتعلق بالصواب والخطأ، ولكنه يستطيع بالتدريج أن يتعلم ذلك في مواقف الحياة اليومية العملية.
إن ذاكرة الطفل لا تساعد بعد على الاحتفاظ بتعليمات ومبادئ السلوك الأخلاقي، من موقف لآخر، وقدرته على تعميم ما يتعلمه من موقف لموقف آخر ما زالت محدودة.
وقد يخطئ الوالدان والمربون أثناء تعليم الطفل الاتجاهات الأخلاقية والسلوك الأخلاقي، فقد يزجرونه على سلوك معين في يوم، ثم يتسامحون معه لنفس السلوك في يوم آخر، وهو لا يفهم لماذا هذا ؟
وقد يأتي الوالدان أو المربون سلوكاً ويحرمونه على الطفل، وهو أيضاً لا يفهم سبباً لذلك، إنهم يطالبونه دائماً بإطاعة تعليماتهم، ولكننا نعلم أن أفضل قاعدة لتعليم السلوك الأخلاقي، هي أن نقول للطفل (افعل كما نفعل) وليس (افعل كما نقول).
إن الطفل يتعلم من الكبار المحيطين به.. ويلاحظ لدى البعض الأطفال في هذه المرحلة، بعض أنماط السلوك التي لا تساير السلوك الأخلاقي المطلوب، ومعظمها نتيجة لرغبة الطفل في لفت أنظار الآخرين، وجهله بمعايير السلوك الأخلاقي، ومن أمثلة ذلك؛ نقص الطاعة والشقاوة الزائدة، والكذب ونوبات الغضب والتخريب...
وعلى الصعيد الأخلاقي، تعتبر هذه الفترة مرحلة العادات الموجبة، التي تمهد البيئة المحيطة لإحيائها لدى الطفل، بغية النظم والانضباط على مبادرته وسلوكياته، وما يزال الطفل يخلط في هذه المرحلة، بين مفهوم الفضيلة ومفهوم الطاعة، والتي يتوقف إلى حد بعيد، تمسك الطفل بها على مدى شعوره بالجدارة والكفاية، ويستدرج الطفل نحو الطاعة، ويتأسى بأبويه في سلوكهما، وتغدوا الطاعة معياراًَ له بدلاً من الفضيلة.
وفي هذه المرحلة، تكون العادات الموجبة وهي الأخلاقية الوحيدة التي يمكن اكتسابها من هذا السن، فالتوجيهات العملية والأساليب التطبيقية، تنفع الأطفال أكثر من التوجيهات اللفظية وغير العملية، والقدوة الحسنة في سلوك الآباء والأمهات الفعلي، لا مجرد الواعظ الكلامي.. كما ثبت أيضا، أن الأفعال التي تناقض الأفعال، تصبح كارثة على الطفل، والمدى البعيد وتغرس في نفسه عدم الانصياع والطاعة لوالديه، ويفقد الثقة بهما.
التطبيقات التربوية التي تساهم في التربية الأخلاقية:
1. يجب على الوالدين أن يكونوا القدوة الحسنة في السلوك الأخلاقي، ويطالبوا الأطفال بأن يفعلوا كما يفعلون لا كما يقولون.
2. أن يؤخذ بنظر الاعتبار مرحلة الطفل وعمره في السلوك الأخلاقي، الذي يتناسب معه.
3. تجنب الأطفال من سماع الألفاظ والممارسات السيئة في البيت، وفي مخالطة الآخرين.
4. تسميع الأطفال بعض القصص البسيطة، والمناسبة والمشوقة عن أخلاق الرسول الأكرم (ص) وعن أهل بيته (ع).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat