عولمة الإعلام والإعلام المتعولم
صباح محسن كاظم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صباح محسن كاظم

أصبح الإعلام والعولمة توأمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر، فعصر الانترنت والفضائيات قرب المسافات، والاتصالات بين الجميع، ولم يعد هناك أي قوة تحجب المعلوماتية، فبثوانٍ تصل إلى المرام... ومن غير تقريب المشاعر بين الإنسانية، من الممكن زراعة ثقافة الحب، وثقافة التعاون، وثقافة الحوار، وثقافة تبادل الرأي، بالضغط على حروف (الكيبورد). لا ريب إن للعولمة، دورا مهما في تنشيط الاتصال الإعلامي، وتسهيل نقل المعلوماتية والأحداث بسرعة مثيرة إلى أرجاء المعمورة، إذن العصر، عصر الإعلام، عصر الأقمار الصناعية، وعصر الانفتاح الفكري، و المعرفي، والثقافي، والسياسي. والعراق الجديد بأمس الحاجة إلى إعلام فاعل ومؤثر... من قبل كل الوطنيين غير المزيفين، والنفعيين، والمتلونين، وغير الانتهازيين من اجل عكس صورة حقيقية لما يجري في ارض الرافدين، فمن المؤسف أن يتربص بشعبنا النبيل الإعلام المغرض، والمحموم، في تشويه صورة العراق اليومية، وبعد المحاولات المسعورة لتشويه الحقائق، وقلبها، وفبركتها، وتلفيقها، وتعمية الرأي العام، وتعبئته ضد المشروع الديمقراطي الفيدرالي، ينبغي على الإعلاميين والصحفيين، توضيح الحقائق في الفضائيات والانترنت ووسائل الاتصال المتاحة... وكشف حقيقة التغيير للنظام الفاشستي الدموي بعد خمس سنوات من إسقاطه، وكشف سوءات النظام السابق وجرائمه، لأن الحملة المضادة للتغيير تتسع. نعم هناك إخفاق في جوانب الفساد المالي والإداري، وإخفاق في عملية الإسراع بالإعمار، وفظاعة وعنف المشهد العراقي المليء بالقتل والاغتيال والتفجير والتهجير، لكن السؤال من يقف وراء ذلك؟؟ أليس القتلة البعثيين والوهابيين وفقهاء الكراهية وراء ذلك كله... ونحن في عصر العولمة أصبح الدور الاستراتيجي للإعلام وتأثيراته في تشكيل الوعي، وتسويق المعلومات وسرعة النشر في الانترنت أو الفضائيات، فتأثير الإعلام المسموع، والمرئي، والمقروء، في صياغة الوعي الثقافي والسياسي أصبح كبيرا. هناك اعلامان؛ تنويري وتضليلي ولكل منهما أجندته الخاصة في تسويق خطابه الإعلامي، فالإعلام الجاد يتوخى الموضوعية، والحيادية، والصدق، والشفافية، في تناول الأحداث بواقعية. ووظيفة الإعلام الجاد والهادف والرصين هي تأسيس وعي ثقافي، وروحي، وقيمي، وجمالي، لدى المتلقي من خلال نقل المعلوماتية وتوظيفها للارتقاء بالتفكير الإنساني وانتشاله من جهله ونقصه المعرفي... كذلك زرع القيم، والمثل، والمبادئ، والفضائل النبيلة، في السلوك الإنساني وتطويره وتنمية المعرفة العلمية بأسرار الكون، وحركة الإنسان والجوانب العلمية والتكنولوجية، التي تخدم مسيرة البشرية في كل أبعاد الحياة كافة... يتمثل هذا الإعلام بشبكة الإعلام العراقية المتمثلة بكل روافدها الثقافية التي تحث الخطى لنشر مفاهيم العدالة، وحقوق الإنسان، والإصلاح السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، وتدريب المجتمع على الإيمان بالتعددية الاثنية والعرقية والسياسية والتداول السلمي للسلطة ونبذ الشخصنة ومصادرة الرأي الآخر. أما الإعلام المشوه المضلل، له أجندته الخاصة المدفوعة ببراغماتية نفعية قد تكون اقتصادية أو سياسية أو طائفية... إن وعي المواطن العراقي كبير جدا ويستطيع أن يفرز بوضوح (من مع.. ومن ضد) طموحات الشعب وتطلعاته وآماله، من يدجل ومن ينقل الحقيقة.... فما يخص بعض التوجهات السلبية من بعض الفضائيات المسماة عراقية !! فقد كشف الدور السيئ الذي تلعبه من اجل إثارة الفتنة الطائفية، أو محاولة تضخيم السلبيات وهي تبكي ليلا نهارا على البعثيين القتلة الفجرة، كذلك الضخ الإعلامي لقناة الجزيرة وتأثيرها في المحيط العربي للتحريض على العراق الجديد، ويختفي تحت معطفها العديد من القنوات الأعرابية أيضا... الإعلام العربي، والفضائيات العربية، قبل الدكتاتورية قبضت أثمانها من النظام البائد. لقد انفق الطغاة المليارات من ثروة العراق على التخريب الإعلامي الصدامي وهذا ما كشفته كوبونات النفط... و منذ سقوط الصنم فهي تمارس التزييف والتضليل وتشويه الحقائق، وتعمل على نشر الكراهية بين المكونات العراقية المتآلفة، والتحريض غير المبرر ضد السياسيين، وقوات الجيش والشرطة، والتلفيق بين الفينة والأخرى، والعنف وإشعال الفتنة الطائفية والتشكيك بنجاح العملية السياسية، وأخيرا التفت ساسة العراق إلى الدور المشبوه الذي يمارس فيه العديد من الإعلاميين والصحفيين الذين باعوا الكلمة بسوق النخاسة ووقعوا لصدام بالدم من اجل الحصول على هوية نقابة الصحفيين التابعة لعدي، وزيفوا التاريخ والحقائق ومجدوا الدكتاتورية على حساب آلام ومحن الشعب العراقي، والآن يلعبون نفس الدور السيئ والتخريب المستمر بالتحريض بالمواقع الالكترونية وبأسماء مستعارة، يختبئون بشكل مقنع، ويدعون الحرص على شعب العراق وتحريره من الاحتلال!!
من خلال فسحة الحرية التي لم تستثمر لصناعة الوعي بل لدعم الإرهاب، والالتفاف على المشروع الديمقراطي الفيدرالي، الذي قدم الشعب العراقي الدماء السخية من اجل نجاحه، فتراهم يحرفون الكلم عن مواضعه الحقيقية ويشوهون الواقع ويدفعون باتجاه العنف والإرهاب... إن مأساة الشعب العراقي في اغلبها نتيجة الإعلام الغادر في فضائيات التزوير، والدس، والتحليلات الكاذبة، والمبرقعة بالقومية، والتشويه تسوق العنف والدمار وتلعب على الورقة الطائفية... ومحاولة تمزيق الصف العراقي المتعدد في معتقداته، واثنياته، وقومياته، فهذا التشكيل المتنوع يمثل الثقافة العراقية بالفسيفساء الجميل فالتنوع الثر من الجبل إلى الهور، الذي يثري الثقافة من خلال التنوع الديني، والقومي، فالكردي، والتركماني، والسريالي، والمندائي، فكل طيف له موروثه ورؤاه التي تصب في بودقة الثقافة العراقية، وتسهم بتشكيل الوعي الرافديني المتألق، لقد فشل الإعلام العربي في دق إسفين بين المكونات العراقية منذ تفجيرات سامراء وشهادة النخب السياسية والفكرية والإعلامية، والرد المناسب هو وحدة العراقيين وإنجاح حملة أمن بغداد لمكافحة الإرهاب، وتجفيف منابعه للانطلاق بالاعمار والتنمية، وإنجاح سلطة فرض القانون، ومكافحة الإرهاب، من جهة أخرى وإشاعة ثقافة الوئام.. وثقافة التسامح.. وثقافة الولاء إلى العراق.. وتقريب وجهات النظر أضف إلى ذلك رصد السلبيات في الخدمات، أو الفساد المالي، والإداري والتأكيد على أهمية الإخلاص في بناء العراق الجديد، إن محاولة كم أفواه الصحفيين عن طريق استهدافهم الأخير الممثل بنقيبهم الشهيد شهاب التميمي أو إعاقة عملهم مرفوض رفضا قاطعا، فالإعلامي مرآة الحقيقة...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat