قالت ما بك يا ولدي؟
أجابها: لقد استشرى الظلم في البلاد. فقالت له: حاربه يا ولدي، غيره بما استطعت...؟ فبكى حينها السيد الوزير في أحضان أمه، وهو يقول كيف أغيره وأنا جزء منه؟
يبدو أن الحوار مقتطع من فلم هندي لغرابته عن الواقع السياسي العراقي اليوم، فالجميع هنا يصرح بأنه جزء من التغيير، ولا احد هو جزء من النظام... مجلس النواب والوزراء وقادة الدولة كلهم جزء من التغيير، وكأن المواطن هو النظام الذي لابد أن يغير. ومازال إلى اليوم كل طرف وكل قائد سياسي يعتبر نفسه بأنه الأكثر حرصا وحزما في تصرفه ومواقفه وفي تبنيه المصالح العليا للشعب والوطن. كل يرى في نفسه صمام الآمان لا أحد فيهم اعترف يوما بسهو أو خطأ أو وهن أو عجز حتى ظهرت الساحة السياسية ميدان حرب والأحزاب مجموعة خنادق متقابلة واليد على الزناد: (أطلق النار) فمن سرق ملايين الدولارات اليوم يتخندق لصالح الشعب!!! ومن قاد عمليات الإرهاب اليوم يتخندق لصالح الشعب!!! وحتى السادة الأمريكان يعتقدون أنهم جزء من التغيير وأنهم صمام الآمان وإلا فهناك حروب أهلية وصراعات سياسية!! فيبقى السيد الوزير يبكي في أحضان أمه، وينظر إلى قادتنا وهم في السلطة يصرح بعضهم بأنه يطالب بإصلاح جذري للعملية السياسية، وآخر يطالب في تفعيل أداء الحكومة والثالث يطالب بالمشاركة الفاعلة في القرار السياسي، وليسأل بعدها فهل الإخلال الواضح بالتزامات مجلس النواب جزء من التغيير أم يا ترى الانسحابات والمقاطعات على مستوى الحكومة ومجلس النواب جزء من التغيير؟ هل مشكلة العلم العراقي والعقود النفطية المبرمة بشكل منفرد ومشكلة كركوك وتأثيراتها على الواقع هي جزء من حالات التغيير...؟ أنا أريد شخصا واحدا يقنعني بأن الطلب من الولايات المتحدة بتغيير رئيس الوزراء العراقي المنتخب منسجما مع تقاليد الحكم الديمقراطي ورغبة العراقيين في مساعي التغيير؟ دعوا هذا الوزير الرومانسي يبكي في أحضان والدته سرا دون أن تخبروه شيئا عن واقعنا المؤلم، لا أحد يخبره بأن ثمة مسؤول يتبوأ منصبا كبيرا في الدولة وفي الحكومة وينتقد الحكومة العراقية في مؤتمر دولي يعرض خارج العراق، ويوجه انتقادات حادة ضد بلده بما لا يصلح حتى للخطاب... ومن المؤكد انه يعتبرها جزءا من آلية التغيير الحديثة... لا أحد يشوش على السيد الوزير قداسة هذه اللحظة الشاعرية، والكلام (بيننا) نحن فعلا نحتاج إلى من يبكي في أحضان أمه ولو للحظة كل يوم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat