مازال المفكرون والمثقفون يتقاطرون على مرقد أبي الفضل العباس (ع) لكي ينهلوا من جود عطائه وسخاء فكره الذي توهج نورا لا ينطفئ مدى العصور... لكي يستلهموا زهوا وشموخا من كفيه التي مذ عانقت الثرى... خطت دربا يسلكه من شاء الارتقاء إلى علياء الله سبحانه... ومن أولئك المفكرين فضيلة (الشيخ محمد باقر القرشي) الذي كان لنا معه هذا اللقاء:
صدى الروضتين: ما تتطلبه المرحلة من الباحث الإسلامي ؟
دور الباحث الإسلامي دور المرشد للطريق، فهو يستقصي الحقائق في جميع المصادر ولمختلف المذاهب واستجلائها، والخروج بها إلى الساحة ويجب أن يكون متسلحا بثروة علمية وثقافات عديدة مطعمة بروح العصر ويحيط علما بالمشاكل الراهنة التي يعاني منها المجتمع وسبل معالجتها في بحوثه، ويتكلم حسب العقلية الاجتماعية الموجودة في عصره ليتسنى له تحقيق التأثير الأكبر في النفوس. أما بالنسبة إلى ثقافتنا لا نغالي إذا قلنا إننا نملك رصيدا هائلا من الفكر والعقيدة وعلى كافة الأصعدة.
وإن محاسن السلوك والأخلاق هو ما يميزنا عن أي ثقافة أخرى، وهو ما يرتقي بنا إذا ما نحن أنزلناه على ارض الواقع وجعلناه سمة لنا نفخر بحملها.
صدى الروضتين : ما هو دور الباحث الإسلامي في تقويم الحركات الفكرية والسياسية ؟
السياسة نوعان فمنها ما يرتبط بالأضاليل والخداع، فينبغي لأي باحث الابتعاد عنها للمحافظة على صورته ودوره وأمانته، وأذكر مقولة لشيخ الأزهر محمد عبده رحمه الله إذ قال: (اللهم إني أعوذ بك من ساس ويسوس ومساس ومن كل ما اشتق منها) لأنها تنشد الأضاليل والأباطيل...
وهنالك سياسة الإسلام التي تنشد سلام الإنسان وتسير مع الحق حيثما سار وتهدف إلى خدمة البشرية، وهذه جزء من الرسالة المحمدية (والإسلام دين وسياسة) وهي مبنية على الحق والواقع. و برأيي يجب أن تشاع بين الناس وتعتبر قدوة لكل سياسي يود أن يحقق الخير والصلاح للمجتمع و(خدمة الإسلام والمسلمين) لو جعلها السائر في هذا الطريق نصب عينيه لفاز برضوان الله تعالى وهي الحكمة التي أؤمن بها.
أما بخصوص الحركات الفكرية فأود الإشارة هنا للحركات التي تدعي المهدوية، فهذه الأفكار لها جذور قديمة قدم القضية الإسلامية، فمنهم من ادعى انه هو الإمام المهدي، ومنهم من ادعى انه نائبه، وقضية الإمام روحي له الفداء قضية واضحة، وهنالك علامات لظهوره. وقد أوضح هذا الأمر في العديد من المؤلفات والمصادر التي كتبت عن الإمام المهدي (ع) ليس من أبناء الشيعة فحسب بل حتى من أبناء السنة، فهو قضية إسلامية عامة لا تقتصر على مذهب دون آخر، ويجب التنبه إلى هذه المسألة. وللباحث مساحة ودور في تبيان تفاصيل هذه القضية واستجلائها للعوام.
أما من ناحية خدمتي لأهل البيت (ع) فأعتقد إنني قمت بواجبي وأقولها وأنا مرتاح البال لاسيما وأنني الفت أكثر من أربعة وأربعين كتابا في المذهب ترجمة إلى اللغة الانكليزية والفرنسية، وتعتبر أول موسوعة في العالم العربي تترجم إلى هذه اللغات.
ونصيحتي إلى الأجيال أن يقتدوا بمذهب أهل البيت عليهم السلام لأنهم المثل الأعلى لكل فضيلة. ولا ننسى هنا دور الإعلام العقائدي الذي يجب أن يكون منفتحا وملما بالحياة الاجتماعية ليناقشها ويطرحها ضمن المنظومة الفكرية القويمة، ويكلم عقول الناس وعواطفهم، ولا غرض له سوى إشاعة الفضيلة بين الناس، ويأخذ بالآليات الإعلامية الحديثة في سبيل خدمة أهدافه هذه... وأتمنى من الله القدير أن يوفق الجميع لما فيه خدمة الدين والإنسان...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat