ربما ارتبكت أو تلعثمت أو ربما ارتعشت فرائصي، فصوت ضحكته أخذتني إلى عوالم أخرى، ولهجته المصرية وهي ترحب بي نقلتني إلى أسعد لحظات حياتي: هل أنت يا سيدي..؟ هل فعلاً هو الأستاذ الباحث المصري أحمد راسم النفيس، الذي أذهل الدنيا وقلب الموازيين كلها لأنه عانق مذهب الحق- وما إن عرفته بهويتي حتى شعرت أنه فعلاً هو- واكتشفت لحظتها أن ضحكته كانت بكاءً وهو ينثر الصلوات سلاماً على مرقدي الحسين وأخيه العباس عليهما السلام ويبعث سلامه الحار إلى كربلاء وإعلام الروضة العباسية وجريدة صدى الروضتين وإلى جميع الزائرين.
قلت: سيدي قلوبنا معك- فما هي أخبار جمعية محاربة التشيع؟
فقال: هل سمعتم بعنوان (أصحاب المكتبات يحذرون من دخول الكتاب الشيعي) إذ جاء فيه {تبذل بعض العناصر الشيعية في مصر جهوداً مكثفة لنشر الكتب الخاصة بهم من خلال إقناع بعض دور النشر الكبرى لطبع كتبهم، مما يسبب انحرافا في سوق الكتاب المصري عن طريق المؤلفات الشيعية المغرضة. وأن بعض دور النشر الكبيرة، تقوم بطبع ونشر كتب الشيعة في مصر، وتخصيص مخازن لتلك الكتب تمهيداً لطرحها في الأسواق}.!!
وأضاف أصحاب المكتبات {إن صاحب دار نشر مشهورة بطبع الكتب الشيعية، يقوم بتصديرها إلى إيران وتوزيعها في مصر مقابل حصوله على السجاد الإيراني}.!!
قلت: وما صحة هذا الخبر يا أستاذنا العزيز؟
ضحك حينها وقال: صدقني، إن ناقل هذا التقرير لا يعرف من أين تشرق الشمس ولا حتى أين تغرب. والجريمة التي ارتكبها تاجر السجاد، هي طباعة كتاب واحد لي حول كتاب الشيعة والتشيع، مقابل عشرات الكتب التي طبعها للدكتور عمارة، والدكتور سليم العواد، والدكتور زغلول النجار، وغيرهم من رموز الفكر السني. كتاب واحد قالوا عنه: كتب أغرقت السوق، وملأت المخازن والمستودعات، مقابل الامتناع عن نشر كتب أخرى حرصاًَ على مشاعر القوم.
سألته حينها: أستاذنا العزيز هل فعلاً إن سوق الكتاب المصري يشهد وجود كتب شيعية؟ فأجابني: ببركة تخلفهم العقلي، وتبعيتهم الفكرية، قد تحول السوق إلى مستنقع للكتب الوهابية المدعومة، والتي يخصص لها أجنحة كاملة من معرض الكتاب !! هي يا أخي حالة من الخوف الإقتصادي والجزع مائة بالمائة.
قلت: سيدي يبدو أنها مهزلة؟
فأجاب: نعم والله هي مهزلة، وهم لا يخجلون من فقرهم الفكري وجفاف قريحتهم- رغم هذا الكم الهائل من دور النشر التي لا هم لها إلا طباعة ثم إعادة وتدوير كتب ابن رجب وابن شعبان وابن رمضان وابن شوال فضلاً عن ابن تيمية. ومع ذلك فلم تفلح هذه الأطنان من الكتب في بث الطمأنينة في نفوسهم، فما زالوا يعيشون ثقافة الاحتقار لكل من خالفهم- والمهم أن جمعية محاربة الولاء لأهل البيت التي اعتلت تلك الصحيفة القومية تشكو ما أسمته {إعدام كتب داعية الوئام وحمامة السلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم في معرض دمشق للكتاب} تلك الكتب التي تهاجم الشيعة مثل كتاب منهاج السنة، والسماح بعرض كتاب ابن مطهر الحلي منهاج الكرامة الذي يكفر الصحابة.
قلت: نريد أن نعرف هل حقاً هناك تطاول على الصحابة؟
فأجاب: يا أخي قبل أيام واجهت داعيتهم الشيخ يوسف البدري، وسألته هل قتلة الحسين (ع) فيهم من الصحابة ؟ فأجابني: لا من التابعين... ما إن قلت له (قتلة الحسين) انسحب من الندوة فوراً... وعليك أن تعرف أيضاً أن المغرب والجزائر منعت كتب ابن تيمية الداعية لإراقة دماء المسلمين حرصاً على وحدة الإسلام.
قلت له محذراً: أشيع أنك أتيت مسجداً لأتباع الشيعة، لإقامة الصلوات الشيعية كما يسمونها...؟
ضحك حينها الأستاذ أحمد راسم النفيس وقال: أنا أسكن في شقة مؤجرة في عمارة الحاج صابر نصر في الدور السادس، منذ أكثر من عشرين عاماً، بعد أن قام مالكها رحمه الله بتحويل شقة في الدور الأرضي إلى زاوية أصبحت للأوقاف منذ عهد بعيد، وسلمتها الحكومة إلى المتطرفين الوهابيين نكاية بي... ولكن الخيال الفصيح (للكتكوت) الصحفي يبيح له الكذب والافتراء، وهذه هي أخلاقهم وللأسف الشديد... وأنا حقيقة مكسوف لهم نعم مكسوف لهم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat