التصوير و الاستعارة في القران الكريم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن الانتقال بالنص من حالة الجمود إلى الحالة التعبيرية، وإضفاء المرونة عليها بحيث يستطيع الباحث الإحساس بها الأمر الذي يمكنه من خلالها كشف إيحاءات جديدة غير مطروقة، ليخلق بها توافقا يجعله قادرا على جمع الأضداد المختلفة، هو ما يمثل الاستعارة والتصوير الحقيقي الذي يتميز به القران الكريم، داخل نصوص الآيات القرآنية، والتي من خلال خصائصها التعبيرية والبلاغية يستطيع الباحث أن يلتمس التجليات اللفظية للاستعارة في تمثيل الفعل للأشياء التي لا يمكنها القيام بذات الفعل، وبهذه الصفة يمكن إضفاء العقل على الأشياء الغير عاقلة، وهذا ما نجده في الآية الكريمة: (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ) ق/30 ونجد أيضا إضافة الحركة التي اختصت بها الكائنات الحية إلى بعض الجوامد، كما في الآية الكريمة: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) فصلت/11 حيث نجد أن الأرض والسماء قد أخذت صفة السعي، بحيث يستطيع الباحث ملاحظة دقة التصوير لهذه الصفة، بحيث أوجز في بيان الحالة التي جاءت بها الأرض و السماء وهذا دليل قاطع على الإيجاز و التوسع الموجود في لغة القران، وهذا بيان مستفيض يرينا صورة الإبداع الحقيقي لهذه الآيات. كما نلاحظ وضوح الاستعارة الصورية، بدليل التقارب الوصفي الذي يصنع الوصلة الحقيقية بين الصورة الاستعارية والأصل الدقيق لهذه الصورة، من خلال اعتماد الدليل الحسي الموجود داخل الآيات الكريمة، وهذا ما نجده في الآية الكريمة: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} يس/39 والتي يتضح من مضمونها مقدار استخدام الصورة التشبيهية داخل الآيات، وهذا ما يعطي تماسكا لغويا قويا داخل السور. وبهذا يتضح المعنى المتوخى من الآية الكريمة بالنسبة للباحث، ومن جهة أخرى يلاحظ الباحث أن تلك الألفاظ الاستعارية لا يمكن الاستغناء عنها، واستخدام لفظ آخر يشكل تحديا حقيقيا لأصل اللغة والكلمات، وهذا ما أحل الاستعارة القرآنية محل المعجزات التي يعجز التطور الحاصل في اللغة عن اللحاق بها أو بمراتبها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat