الغيب في القرآن الكريم ..
نرجس مهدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 غير خافي عن أهل الإيمان ، علو شأن القرآن الكريم ، غزارة علمه،وضوح برهانه والمنهج الأسنى ..

فمن تمسك به أمن ونجا ومن تخلف عنه هوى..
ولكن اسرار تأويله لاتهتدي إليه كل العقول ..فأنوار حقائق خفاياه لاتصلها قريحة كل احد من الناس ..
لذا تعدد المفسرون ولكن أهل الذكر من وضعوا النقاط فوق الحروف ..
قال تعالى :((ومايعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم )) ....(1)
فهم منبع العلم وأُلوا الأمر ..
وردت مفردة الغيب في القرآن الكريم مرات عديدة ،وكان بعضها حالات عامة واخرى خاصة .
وسورة البقرة المباركة حوت اول آياتها على كلمة الغيب وجعلتها اولى صفات المتقين ..
قال تعالى : ((الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ))...(2) 
فالغيب هو : خلاف الشهادة ، وينطبق على مالايقع عليه الحس ..والمراد( الإيمان بالغيب هنا) في مقابل الوحي والإيقان بالإخرة وهو الإيمان بالله تعالى ..
ويكون الإيمان بأصول الدين (( التوحيد ، العدل ، النبوة ،الإمامة والمعاد ))..
وصفة الإيمان بالغيب ..مقيدة للمتقين او كصفة تعريفية لهم 
والتقوى هي التحلية بعد التخلية ..
فمعنى التخلية :الإخلاص من الرذائل والمعاصي .
والتحلي بالصفات الحميدة والفضائل ، فإذا كان معنى التقوى ترك مالاينبغي من التخلية ، فالإيمان بالغيب يكون صفة إيجابية اي ماينبغي فعله ..
ومعنى  آخر للغيب:يؤمنون بنور غيبي من الله تعالى في قلوبهم ..نظروا في قول الرسول (صل الله عليه وآله) فعرفوا صدق قوله فلمست شغاف قلوبهم شهده ، فآمنوا به ..
والغيب غيبان : غيب غاب عنكم ، وآخر غبت عنه ..
فالذي غاب عنكم هو عالم الأرواح ، فإنه قد كان حاضراً حين كنت في الروح في استماع خطاب الحق ومعاينة آثاره الربوبية وشهود الملائكة وتعارف الأرواح من الأنبياء والأولياء ...
فغاب عنكم اذ تعلقت بجسدكم ، ونظرت بالمحسوسات اي بالحواس الخمس من عالم الاجسام .
وأما الغيب الذي غبت عنه :
فهو غيب الغيب وهو حضرة الربوبية وقد غبت عنه بالوجود ، وما غاب عنكم بالوجود فالله تعالى معكم أينما كنتم ، نحن بعيدين عنه وهو قريب منا ..
(( ونحن اقرب إليكم من حبل الوريد )) ...(3)
ولقد كان الإيمان بالغيب هو مفرق الطريق لإرتقاء الإنسان عن عالم البهيمة ..
 لكن الله تعالى وصف المؤمنين المتقين  فجعل صفتهم المميزة صفة ((الذين يؤمنون بالغيب ))في الآية المباركة ..
فتشفِ معها الروح ، وتزيل الحُجُب، فيصير الغيب عند المؤمن شهادة  ،
يتلقى المعلوم والمجهول ، فالإيمان بالغيب عندها يكون الثمرة الطبيعية لإزالة الحجب الساترة .
قال الإمام الصادق (عليه السلام): عن قول الله تعالى (الذين يؤمنون بالغيب ) : قال : من آمن بقيام القائم (عليه السلام) انه حق ..وفي نسخة من أقر بقيام القائم (عليه السلام)...(4)
فالمؤمن يؤمن بالله تعالى حال الغيب كما حال الحضور...
يتفكر ،يستدل ،يؤمن فيزداد يقينه .
وهذا من المتواتر القطعي عند المسلمين أنه في آخر الزمان سيظهر المهدي (عليه السلام)  من ولد فاطمة (عليها السلام) ليملأ الأرض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجورا ، وهو حي يرزق بيمينه ترزق الورى وبوجوده ثبتت الأرض والسماء ..
فحجة الله حاضراً في غيبتة سلام الله عليه ..
اللهم عجل لوليك الفرج .

(1)...آل عمران ..آية 7
(2)...سورة البقرة ..آية 3
(3)...سورة ق ..آية 16
(4)...كمال الدين وتمام النعمة

الموضوع السابق التشبيه والاستعارة

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat