الامام علي عليه السلام من المهد إلى اللحد ( 1)
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن الله تعالى الذي هو على كل شيء قدير ولا يعجزه شيء شاء أن يظهر لعباده الفرد الكامل من خلقه ليريهم قدرته على الإبداع في الصنع ويبرهن لهم على أن من الممكن أن يقرب الله البشر إلى أعلى درجة من الشرف يمكن للموجود أن يبلغها، فخلق الله محمد (ص ) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ليكون كل واحد مثالاً كاملاً للقدرة الإلهية، وشاهداً حياً لأرقى موجود في مراتب الصعود.
الحديث حول شخصية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ونجعلها محور كلامنا، وندور في فلكها لما في ذلك من فوائد دينية، علمية، روحية، تربوية، تنفع العباد والبلاد.
فالتحدث عن أمير المؤمنين يشمل التكلم عن الإسلام في جميع مجالاته وخاصة في دور التكوين والتأسيس وعن مدى تأثير التربية الإسلامية في النفوس وتبلورها ببركة تلك التعاليم وتكهرب النفوس بنفسية النبي (صلّى الله عليه وآله) تلك النفسية القوية بالمبدأ الأعلى.
نذكر في هذه الصحائف شيئاً عن حياة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في ظل الإسلام وبعض مواقفه في المواطن الخطرة،باستقبال الأخطار التي ارتعدت منها الفرائض وخفقت عندها القلوب خفقان الطير.
تبدأ تلك الحوادث المتسلسلة من أيام بعثة النبي (صلّى الله عليه وآله) والشروع بالدعوة الصامتة، والناطقة والسرية والعلنية وأدوار تلك الدعوة وتطورها في مكة، وتنتهي بهجرة النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى المدينة.
وهنا يتطور الموقف إلى العمل بصورة أوسع وأصعب، ويبدأ دور الحروب والغزوات والمجازر التي أجج الكفار نارها، فارتوت الأرض من الدماء وانقلبت البوادي إلى مقابر.
نذكر مواقف الإمام (عليه السلام) في تلك المراحل المذهلة، واستعداده للتضحية في سبيل المبدأ بحيث ما كان يقف في طريقه شيء يغير اتجاهه وانطباعه عن الدين.
وتنتهي فترة الجهاد بشهادة الرسول الأعظم، فيتطور الجهاد بنوع من السكوت والصبر أو الكلام بما يقتضيه الحال وما تفرضه المصلحة العامة للإسلام والمسلمين.
ينقضي ربع قرن والإمام جليس بيته، مسلوب الإمكانيات فاقداً قدرة النهوض بأعباء الخلافة وما هناك من لوازم ومتطلبات ومسؤولية أمام الله والتاريخ لأن المسؤولية تابعة للقدرة والقوة ونفوذ الكلمة وجوداً وعدماً.
وتنتهي تلك الفترة المؤلمة بمقتل عثمان وانتقال الخلافة إلى الإمام مرة ثانية بعد انتزاعها منه إثر واقعة الغدير.
فيبدأ دور المسؤولية وبيان مسؤوليات الحكم في القانون الإسلامي، وتطبيق أحكام الله في جميع المجالات، والاصطدام بالنزعات والاتجاهات المخالفة وما هناك من مشاكل وعراقيل ومواقف حرجة.
نسير مع التاريخ حيث سار الإمام حتى ينتهي البحث بشهادة الإمام (عليه السلام)، وما هناك من نماذج من العدالة الإلهية ونفسيات طيبة تتجلى في وصايا الإمام عندما أحس بخطر الوفاة.
نتمم هذا البحث بما تيسر من كلمات الإمام وتعاليمه القيمة وفضائله ومكارم أخلاقه.
وبذلك ينتهي البحث إن شاء الله.
ونضطر أن نقتطف من كل حادثة جملة ترتبط بالإمام، ومن كل غزوة جانباً يتعلق بالذات بموقف الإمام فيها .
وأنا على يقين أن الإحاطة بجميع مزايا هذا الإمام خارج عن نطاق البشر وقدرة البيان، لأنه (عليه السلام) كالبحر لا يدرك طرفاه ولا يبلغ جانباه ولا يمكن الغوص إلى عمقه.
فالمتحدث عن شخصية الإمام يجد أمامه عوالم غير متناهية، يطير في فضائها وأرجائها، ومهما أوتي من حول وقوة فإن التعب يدركه قبل أن يدرك مداها.
ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat