العراقي بين سهولة التهجير وصعوبة الاقامة
حامد الحمراني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حامد الحمراني

المفردات بنت ووليدة واقعها ، فهي تتأثر بألاجواء السياسية والاجتماعية والتاريخية، تنمو وتكبر ثم تشيخ، ثم يخرج منها ما يسيىء، والواقع العراقي غاية في التغيير والاضطراب والتأسيس، وقال أحد المتمنطقين الجدد " قُل لي ماذا يردد الناس.. أقل لك ما هو واقعهم السياسي ، وقل لي ما رأي المواطنين بالعبوات الناسفة ، أقل لك كيف هو واقعهم الكهربائي ."
وكلمات العراقيين كالآتي: (مفخخة، عميل خائن مرتد صدامي، الكتل السياسية والكونكريتية والقتل على الهوية، وجواز السفر أس، وسيطرات الحدود، اللجوء والمولدات، والناصبي والرافضي وحظر التجوال، الدولار العراقي والدينار الامريكي وبالعكس، خط موبايل عراقنا كورك، والتبريد في الطائرات العراقية، والثلج المتوسط ، وصبر العراقيين الذي لا ينفد، ونفط الامريكيين الذي بدأ ينفد .(
وأغرب المفردات الحديثة جداً هي ( الاقامة داخل الوطن الواحد) .
ومن مدينة (دولا راوا) حيث مقر عملنا الجديد الى (عين كاوا) حيث مقر أسايش ( أمن أربيل ) ...
قال صديقي البصراوي الهارب من الايام: بعد قليل سنتحول من مواطنين الى مقيمين بعد إكمال هوية السكن .وبالرغم من أن إجراءات المعاملة كانت سهلة جدا وأنتهت في ساعات الا أن صديقي أردف قائلا : لو كنا نسعى للاقامة في السويد اوفرنسا لهان الامر.... ولكن... !!!
قلت له: انا شخصيا اتحمل هذه الاجراءات وما فوقها وما تحتها وعن يمينها إذا ارجعتني أقيم في بيتي في بغداد التي يعترض عليها اسايش الارهابيين ( القواعد )، فنحن في السنة الخامسة للهجرة والمهجرين ولا بصيص لعودتنا سالمين بعد أن أخذوا صوراً لنا ليس لتكملة الهويات بل للــــــ .
والحقيقة اقول لقد تعامل معنا السيد الضابط بمنتهى الاحترام والتقديروالضيافة الكردية، وقدّم الينا الشاي، فأنا أول مرة في حياتي (عمري أكثر من عشرين سنة) أجلس أمام ضابط أمن، فقد كان شرطيا واحدا او احيانا نصف شرطي في زمن أسايش صدام كفيل ان يجعل المنطقة او المحلة جحيما .
فاسايش صدام كانت تعرف المعارض من عدمه من خلال لون البشرة ولا حاجة له بالسؤال، فأنت مطلوب للحكومة كائن من تكون، فأما هارب من حروبه الخاسرة، او متجاوز في بناء غرفة في بيتك، او اخوك حلاق، أو عمك يقرأ ويكتب، أو خالك طالب لجوء الى الشعلة، وبعد انتهاء الحروب ... فمن الممكن ان يقول لك: لماذا لم تمت في هذه الحروب ؟ .
وفي يوم من الايام قال لي أحد عناصر الامن في النظام السابق: لماذا وجهك أصفر ؟
قلت له بشكل تلقائي وودي ولم اعرف انه يعمل بالأمن: عندي فقر دم ...
قال : يعني انك تتهم الحزب (البعث) والثورة والقائد الضرورة جدا بعدم توفير الدم للمواطن ؟
ولم استطع الافلات منه الا عندما قلت له بلهجة مصرية : ياسيدي لا دخل للحكومة بلون بشرتي انا " معنديش دم خالص ".
في نفس اليوم الذي ذهبنا فيه الى أسايش اربيل، بدأنا نفلسف كلمة الأمن، فأغرب ما في اللغة العربية عند العراقيين وضواحيهم أن مفردة الامن تثير فيهم الفزع والخوف والتقزز والقرف، عكس الدول الاخرى التي تعني عندهم الهدوء والسكينة والقانون .
قال صديقي : اليوم يفترض أن نفطر أضخم فطور بالحياة ونأخذ معنا أكياس من المهدئات ...!!
قلت له تخاف من أمن اربيل ؟
قال : ابداً ... بل لا اريد اتذكر أسايش صدام .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat