صفحة الكاتب : علي الشمري

الصيام غايته وخصوصياته وشموليته
علي الشمري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لم تكن فريضة الصوم وليدة ظهور الاسلام وانتشاره في أوساط العديد من أمم الارض بل إنها أمر وواجب إلهي ثابت وقديم بقدم وجود الانسان على وجه البسيطة، وهذا مايستدل من مضمون الآية القرآنية الشريفة: ((يا أيُّها الذين آمنوا كـُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم....)) وهذا يدل على أن الامم السابقة على الاسلام كان فيها الصوم واجبا أيضا بدلالة حرف التشبيه (الكاف) لكن صوم تلك الأمم يغاير صومنا من حيث الخصوصية، وأن اتفق معهم من حيث الماهية أوالمفهوم (الامتناع)، فالصوم في الاسلام يعنى الامساك عن المأكل والمشرب والمحرمات منذ الفجر إلى آذان المغرب، على حين أن صوم أهل الكتاب يباين صومنا، إذ يرى صاحب كتاب تفسير الميزان العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي (قدس سره): 
(أن الصوم المكتوب عليهم هو غير الصوم المكتوب علينا (المسلمين) من حيث الوقت والخصوصيات والاوصاف، فالنظر في الاية انما هو من حيث أصل الصوم لا من حيث خصوصياته) من هنا كان الصوم في الاسلام بهذا الخصوصية لم يكن عند أحد من قبل أما من حيث ماهية الصوم أي الامساك فأنه موجود عند الامم الأخرى، وهذا ما أراده سبحانه وتعالى بقوله في محكم قرآنه المجيد: ((كما كتب على الذين من قبلكم...)) ثم أن هذه الآية تدل على أن الصوم أمر ثابت وقديم بقدم وجود الانسان ولهذا صاغ سبحانه وتعالى فعل الكتابة (كـُتبَ) على الزمن الماضي ليدل على شدة قدم هذه الفريضة على الانسان وأن اختلفت في صيغتها وخصوصيتها من أمة الى أخرى، وأن هذا القدم في الزمن يلزم الانسان ويوجب عليه الاداء لأن الامر محسوم منذ زمن بعيد ولكنه قد نزل الآن فعليه بالأداء لان هذا الواجب موغل في القدم.. 
أما قوله عزوجل في بقية الاية القرانية: ((لعلكم تتقون)) تبين الغاية من الصيام وإن دلالة (لعل) في الاية ليست للترجي كما يذهب أهل النحو، وإنما هي تدل على الغاية أي بمعنى: (حتى تتقون) لأن الخطاب صادر منه تعالى ويستحيل عليه أن يترجى عبادة وأنما يفرض عليهم الامر ثم يوضح لهم غايته والافادة منه وهي (التقوى)، ونلحظ أن المفعول به للفعل (يتقون) محذوف وذلك ليدل على أن التقوى تشمل كل شيء، فهي تقوى من الاكل والمشرب و وتقوى من امتداد العين الى ما حرم الله وتقوى في الفقر لإعانته ومساعدته وتقوى بالانسانية لتهذيبها وتعليمها الصبر وكسر الشهوة وتملك زمام النفس والاستحواذ على سلطانها، والتحمّل حتى يقوى المرء على مقارعة الحياة القاسية ومواجهة الظلم فهي تقوى في كل شيء، إذن كل ذلك هو ما احتوته فريضة الصيام من مضامين روحية ومعنوية مقرونه بأفعال وممارسات عبادية تصب في ساحة التقوى والعمل الصالح المرتجى منه طاعة الباري تعالى ونيل مرضاته.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي الشمري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/13



كتابة تعليق لموضوع : الصيام غايته وخصوصياته وشموليته
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net