صفحة الكاتب : الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

إمامٌ.. فاسقٌ.. جاهل!! بحث لسماحة المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم
 
كان البحث في شَدِّ أزر النبي صلى الله عليه وآله، والكلام في الحديث الذي وقع مورد اتفاق الفريقين: عَلِيٌّ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى‏، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي.
 
وإحدى الخصوصيات التي كانت في هارون هي شَدُّ الأزر ﴿هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾.
 
ينبغي أن يكون الذي يجلس بعد الخاتم صلى الله عليه وآله ممن يُشدُّ به أزرُ النبي صلى الله عليه وآله بالضرورة، وهو من كان جامعاً لأمرين: أحدهما: القُدرَةُ والصَّولة، وأن يكون كراراً غير فرار، وثانيهما: العلم والحكمة.
أما بالنسبة للقدرة والصولة فقد بحثناها في الجلسة السابقة.
 
وأما بالنسبة للعلم والحكمة: فما كان مورد اتفاقٍ دون أن يناقش فيه أحدٌ، بل لا يمكن لأحد أن يناقش فيه، هو أنّ حلال المعضلات العلميّة والمشكلات الدينية هو علي بن أبي طالب حصراً.
ولكن إلى أي حدٍّ كان المستوى العلمي لمن جلسوا مكانه على مِسنَد الخلافة؟!
 
ههنا روايةٌ نقلها أساطين محدّثي العامة، ورجال السند بأكمله مورد وثوق، والرواية من الجهة الفنية حجة عند العامة، وهذه الرواية هي:
 
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا أمير المؤمنين إنّي غبت عن امرأتي سنتين فجئت وهي حبلى، فشاور عمر رضي الله عنه ناساً في رَجمِها: ومشاورته للأصحاب هنا لكونه محتاجاً في هذه المسألة.
 
فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين إن كان لك عليها سبيلٌ فليس لك على ما في بطنها سبيل، فاتركها حتى تضع: فإنّ ما قاله معاذ يعني أن المرأة إن كانت مقصرة لكن أيُّ ذنبٍ للطفل في رحمها؟ ألم يكن الطفل سيقتل في هذا الرجم؟ وإذا كان سيموت، فما الحال يوم الحساب الذي لا يغادر صغيرة أو كبيرة؟ ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾ أي جواب ستجيب؟ هذا منطق معاذ بن جبل، فماذا فعل عمر؟
 
فتَرَكَهَا فولدت غلاماً قد خرجت ثناياه، فعَرَفَ الرجلُ الشبّه فيه، فقال: ابني ورب الكعبة، فقال عمر رضي الله عنه: عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ.
 
إلى أيِّ حَدٍّ كان الجهل؟ ينبغي أن تُحَلَّلَ هذه المطالب جيداً بناء على العلم والبرهان، لا بالسب والشتم والتهكم.
 
إنّ أقلَّ إنسانٍ عاقلٍ يفهم أنّ الأم لو كانت مذنبةً فأيُّ ذنبٍ للطفل في رحمها؟ إذا كانت الأمّ مستحقةً للجزاء لِفعلٍ فعلته فأي معصية للطفل في رحمها؟ هذه من أبجديات المطالب!
وقد كان الخليفة جاهلاً إلى حدٍّ وبعيداً عن العلم إلى حدِّ أن كلمة معاذ جعلته يقول أنّ النساء عجزت أن يلدن مثله!!
هذا حَدُّ علم الخليفة الثاني!
ثم ختم الكلام الذي نقله المحدثون: لولا معاذ لهلك عمر. وهذا اعترافه واقراره.
 
الخلاصة: أنت مَن ادعيت أنك أمير المؤمنين وخليفة المسلمين وأنك قد نجوت من جهنم بهذه الكلمة!!
بأيّ منطق يجلس مثل هذا كخليفة للنبي صلى الله عليه وآله؟
 
ههنا يعجز الجميع، لأن من نقل هذه القضايا قد نقلها عن الثقات، ونقلها أرباب الحديث وأساطين المحدثين وأرباب الفَنّ.
 
وههنا ظهرت مشكلةٌ لعلماء العامة، وهي مشكلةٌ لا يمكن حلُّها بأيّ عقلٍ ومنطق، فكيف تكون خلافة النبي هكذا؟
 
وبما أن لكل إنسانٍ فطرة، وبما أنّه لا يُعقل أن تكون خلافة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله الذي نزل عليه القرآن بهذا النحو، ويكون الجالس مكانه صلى الله عليه وآله والآخذ لخلافته على هذا القدر من الجهل! مع وجود من عنده ذلك المقدار من العلم؟!
 
إن ذلك لا يعقل، إذ كيف تتقبل فطرة البشر مثل هذا؟!
 
وجدوا الحل لذلك فيما يلي، وقد ذكر ذلك أساطين أهل العامة ممن سنذكر أسماءهم وهم مورد اتفاق الكل والمرجع العلميّ لكافة أئمة المذاهب الأربعة في علم الكلام، ومنهم: الباقلاني صاحب التمهيد، والعضدي صاحب المواقف..
 
لقد وجد هؤلاء أنّ حلّ العقدة في أن يطرحوا هذه النظريّة في باب الخلافة، وهذه ليست نظرية شخص واحد.
فقالوا: جوّز الأكثرون إمامة المفضول مع وجود الفاضل!
 
ههنا يعجز الجميع ويظهر الحق كالشمس.
 
فمع وجود الفاضل الذي يقول: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي فَلَأَنَا بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّي بِطُرُقِ الْأَرْض‏.
تكون إمامة هذا المفضول جائزة!! وهو الذي يقول: لولا معاذ لهلك عمر!!
 
وما يدعوا لتعجُّب أكابر أهل العلم فعلاً هو قولهم أنّ إمامة المفضول مع وجود الفاضل جائزةٌ شرعاً، فقولهم (جوّز الأكثرون) يعني شرعاً، أن يكون الإمام جاهلاً مع وجود العالم!
 
أن يكون الإمام فاسقاً مع وجود العادل!
قالوا هذا لكنهم لم يلتفتوا إلى أنهم خالفوا نصّ القرآن الكريم: ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَالله يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (البقرة247).
 
لقد قَدَّمَ الله طالوت عليكم جميعاً، ووجه تقديمه أمران: أحدهما شجاعته وثانيهما علمه وحكمته.
هذا نص القرآن الكريم، فماذا تفعلون مع نص القرآن هذا؟
 
النتيجة: أنَّ مذهب العامة مخالفٌ لنصّ كلام الله تعالى.
وقد صرحوا كلُّهُم أن الجاهل يمكن أن يكون إماماً مع وجود العالم! ونَصَّ القرآن أنه لا يمكن!
 
هل لأحدٍ منهم القدرة على الجواب على هذا؟
ما تعلقت به مشيئة الله تعالى أن يَظهَرَ حقُّ عليٍّ عليه السلام، ويظهر أن أبا بكر وعمر في أسفل سافلي الجهل، وذلك بما يلي:
 
قال الجمهور: والكلام للباقلاني في التمهيد، وينبغي أن تفهم الدنيا حتى تعرف أين الحق وأين الباطل.
 
قال الجمهور من أهل الإثبات وأصحاب الحديث: لا ينخلع الإمام بفِسقه: إذا صار إمام الأمة وخليفة النبي صلى الله عليه وآله  فاسقاً تبقى إمامته محفوظة مع الفسق!! هذه الكلمة الأولى.
 
وظلمِه: وإذا صار ظالماً أيضاً يبقى خليفةً وإماماً للأمة! حتى لو وصل ظلمه لهذا الحد:
 
بغصب الأموال، وضرب الأبشار، وتناول النفوس المحرمة: أن يصل حدُّه حتى إلى أن يقتل تلك النفوس التي حرمها الله تعالى فلا يسقط بذلك عن إمامة الأمة وخلافة النبي صلى الله عليه وآله؟! هذا مذهبٌ؟!
 
وتضييع الحقوق: فلو ضيَّعَ حق كلِّ صاحبِ حَقٍّ لا يخرج عن كونه إماماً! كلام من هذا؟! ليس كلام زيد وعمر، إنه كلام الباقلاني!! وآخر كلمة:
 
وتعطيل الحدود: فلو عَطَّلَ كلَّ حدود الله تعالى لا يضر ذلك بإمامته!!
 
هذه هي خلافة النبي صلى الله عليه وآله؟
هذا القرآن ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ (الحجرات6).
 
إلى هذا الحد من انعدام الوعي؟!
عندما يكون حَدُّ إدراك الباقلانيّ هو هذا، فما محل بقيّة العامة من الإعراب؟! هذا هو مذهب الحقّ؟!
 
ومن جهةٍ أخرى فإن إمام الجماعة الذي يأخذ بعهدته القراءة عن المأموم يجب أن يكون عادلاً! أما خليفة النبيّ وإمام الأمة فإنه يبقى على إمامته في نظر متكلمي العامة ولو كان أفسق الفساق!
 
هل الحق هنا أم هناك؟
﴿قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/08



كتابة تعليق لموضوع : إمامٌ.. فاسقٌ.. جاهل!! بحث لسماحة المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net