أن من الكنى الخاصة المأثورة لآية الله العظمى والعصمة الكبرى فاطمة الزهراء صلوات الله عليها: «أم أبيها».
وقد اختلف العلماء في معنى هذه الكنية العظيمة وذهبوا فيها إلى مذهب تشعبت فيها آراء الفضلاء الصائبة
* كيف تكون فاطمة أم أبيها؟
ومن الواضح أن المراد من هذا اللفظ هو الاستعمال المجازي وليس المعنى الحقيقي، وعليه كيف نجد المعنى المجازي المناسب دون التورط بمعارض؟
* «أم» لغة بمعنى القصد كما في «اللهم»، قال تعالى (ولا آمين البيت الحرام ) ويقال «أم فلان فلانا» أي قصده والغالب استعمالها بمعنى «الأصل» يقال: «أم الجيش» «ام القرى»
الأم تعني أيضا الثمرة لأنها القصد والمقصود من الشجرة.
بناءاً على ما مر يتبين لنا عدة وجوه في معنى «أم أبيها»:
•الوجه الأول: إن فاطمة الزهراء (عليها السلام) ثمرة شجرة النبوة وحاصل عمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصدف درر العصمة ولئاليها، وقد استقرت بها السماوات العلوية والأرضون السفلية.وفاطمة الزهراء (عليها السلام) هي المقصود الأصلي والأصل الكلي من بين بنات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمعنى «أم أبيها» أن فاطمة الزهراء (عليها السلام) أصل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي الولد الذي كان يقصده ويريده النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويريد نتائجها الكريمة وفوائدها العظيمة المترتبة عليها من جهة البنوة، ومن فضائلها النفسانية المطلوبة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وعليه يكون معنى «أم» أي القصد والأصل والمقصود والمراد. وهذا المعنى ينسجم مع مذهب اللغويين، بل والمحدثين أيضا.
وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «فاطمة روحي ومهجة قلبي، وفاطمة مني وأنا من فاطمة»، فهي أصل وجود النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحقيقته، ومجمع الأنوار ومنبع الأسرار للرسالة، وكأن النبي فاطمة وفاطمة هي النبي، واتحاد نورهما ظاهر وبديهي.
•الوجه الثاني :يكون الاستعمال في «أم أبيها» إستعمالا مجازيا لا حقيقيا، وهو عبارة عن أسلوب للتعبير المتداول بين الآباء والأبناء للإعراب عن المحبة والعطف، وبذلك أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخاطب ابنته العزيزة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كأنه قال «يا أمي» ليحكي عن شدة حبه لابنته، ويشهد له قوله في الحديث «يحبها ويكنيها بأم أبيها».
•الوجه الثالث : قول النبي (ص)
«كل بني أنثى فإن عصبتهم لأبيهم، ما خلا ولد فاطمة فإني أنا عصبتهم وأنا أبوهم» «وأنا وليهم» فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) عصبتهم وأصلهم وأبوهم، تنتهي إليه هذه الفروع النابتة والغصون النامية فصار جد بني فاطمة لأمهم أباهم وصارت فاطمة الزهراء (عليها السلام) أبا وأما لأبنائها وللسادات والذرية الطيبة النازلة منها (عليها السلام).
ولما صار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - أبا- وهو جدهم لأمهم صارت فاطمة الزهراء (عليها السلام) أم أبيها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat