ظُلْمُ الطُّفُولَة..
اسراء عيسى
اسراء عيسى
ولدتُ وليتني ما كنتُ مولوداً..
فإن سألتموني: لماذا؟ أجبكم:
ولدتُ ولم تلفني قطعة بيضاء، ولم تحتضني أيدي الحنان, ولم تقبلني شفاه، ولم يعزف لي على أوتار الدلال, ولم يغنَّ لي بأعذب الألحان, ولدت أبكي، ولكن بكائي ليس كباقي الأطفال، كان بكاءً حزيناً؛ بسبب الفقر الذي سرق منّي عرائس السّكر، ودميتي، ورماني في الطرقات، واحتضنتني أزقتها، فلم ترحم شفافيتي أشعة الشمس، وصقلتني بطباع تنفرها الفطرة، لكني جبلتُ عليها حين أصابني سهم الدهر، فبنى على أكتافي الرقيقة جبل الهموم، فجسدتُ أبشع صورة للظلم التي رسمتها أيدي الطغاة.
((..أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)) (النحل:59).
الطغاة الذين قتلوا أحلامي الوردية, وجردوني عن مدرستي وملاعب صباي, ورموا كحل سعادتي بظلام مستنقع طمعهم، وأرادوا قتل براءتي بالطريق الوعر، لكن رقتي أبت إلّا أن ينحدر الدمع الساخن من قلبي الأبيض المتفطّر من ألم ممتزج بدعاء المظلوم ويهزّ عرش الباري، فلابدّ من أن تهوي عروشهم يوماً، ويذلّ عنفوانهم عندئذٍ سأتمنى الحياة، وسأرقص على عروشهم المهدّمة، فطالما رقصوا على جراحي، وسأستردّ أحلامي من جديد، وأزينها بوطن يحلم بالأمان، وبعدل يسطع في أرجائه، وسأبني صرحاً لكلّ أب خطفته سهام الحرب من أبنائه الصغار، وسأزرع الزيتون في أرض السّلام حتى لا تقتل الطفولة يوماً ما.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat