يتَهادَى النُّورُ في رُوحي , ثمَّ لا يلبث أنْ يَغيب ,كما شَمسُ الأصيِل خَلْفَ التِلَال ساعَةَ الغُرُوب.
تَاركَاً ألَم الفِراق ولَوعَة الحَنين وبَقَايَا سراب لَمْ تَطَلَه أشواقي , فَتَبدأ رحلة النَحيب , وَتَتَدثّرُ أحلامي بِأكفّاني
وَأبكيك ..
هَكَذَا هُوَ حُضُوركَ سيّدي في أعمَاقِ ذَاتي , فَأنتَ ليَ الرُوح , وَأنتَ نَبض القَلب , وَذَاكَ الحلم الّذي
أتتَّبع أثّرَه .. يَا لِهَذَا العشق ! مَا أروَعَه !
مَولاي : شَوقي إِلَيكَ يُبَعثرني ويَجعَل مني أشلاءً .. مُذ رَأت عَينَاي َ نورَك , منذُ ذَلِكَ الحين لم تَعُدْ روحي تَسكُنُ جَسَدي وبَقَتْ على أعتَاب ضريحِكَ, تَلُوذُ بِحَرَمِك عَسَى أن تَفيضُ عَليها مِن بَهَاء ضِياءكَ , فَتَرتَقي
تَستَجدي قَبَسَاً من نُور , ونَبَضاً تَستَمد بِه حَيَاة من نَوعٍ آخر , نبَضٌاً يُعلن وِلادةً جَديدة.
لم أعُدْ ألتَقي وَ رُوحي ! فهِيَ لاَ تَزَال ُ هَائِمَةً في مَلَكُوتِ هَوَاك .. نَعَم فَارَقتني دُونَمَا عَودة ..
وَهَل لها أن تَعُود حَبِيسَة سِجني ! وقَد كُتِبَ لَهَا أن تَهِيمَ في عَالَم العِشق .. عَالم يَتّسِعُ للكَونِ بِأكمَله .
لَطَالَمَا سَبَقتني لِتَضمّك , وِلَطَالَمَا أخَذهَا الحَنين ,فَغَادَرَتني , وَ ارتَقَت عَن الزَمَان , وتجَرَّدَت عن المَكَان
وَ تَوَجَّهَت إلَيك , إلَى حَيثُ تَمُرُّ أروَاحَ المُشتَاقين
فَأراَهَا تُسَارع , وَتُسَابق إلَى جَنَّةٍ عَرضُهَا السَّمَاوَات والأرض أُعِدّت لِلعَاشِقين ,إلى حَيثُ سَقَى الله أرضَاً
بِرَحمَه مِنهُ فتَاقَت إليهَا أرواحُ العُطَاشَى ..
أنتَ كَالحُلم سيدي ! أملاكُ تَطُوفُ حَول ضَريحك تَلوذُ به , وَأنا أقصَتني الذنُوب فأصبحتُ كَصحراء
لاسَبيل لأن يَنبُت فيها زَرع ..
أن يُكتَب لنا الوجود في هّذَا العَالَم
أن تَفيضَ أنواركم عَلَى ذَاكّ الوُجُود
أن نُخلَق من فَاضِلِ طينَة الطُهر
أن نَذوبَ شَوقَاً , عِشقَاً , وَ حَنين لِأصل خِلقَتِنا ,
مُنتَهى غَاية آمَال المُريدين , لِأنّكم السَّبيل إلى الله , وبَاب الله الّذي منهُ يُؤتَى
أن نذوب شّوقَاٍ وعِشقَاً
أن نُعَاني لَوعَة الفراق
أن نشعُرَ بكم في كل نَبضة وشَهقة
هو قدُرنَا الذي خُلقنَا لِأجله , لأن اللهَ خَلقَنا للكمال وأرادنا له
ولَكنّكم ترأفون بِنَا ..
تُعَلِمونَا سرّ الوُجود, آخذين بأيدينَا لِنبدَأَ أُولَى خَطَوَاتنا في السّيرِ إلَى الله .
لَطَالَمَا شَعَرتُ بِأنَّني أمتَلك من حَنين مَا لايتَّسع لَه مَكان , لَطَالمَا احتَوَيتُ ذَاكَ الشعور بِقَلبي واحتَضنته في أعماقي
مّولايَ .. أيُهَا الضُامن أمَا آنَ لِقَلبي أن يَسجُدَ لِله عَلَى أعتَابك ؟ أمَا آنَ للرُوحِ أن تَستَكين ؟وَ لِلقَلب أن يهدَأ؟
أمَا آنَ لي أن ألقَاكَ ؟وأن تَطَأ جَبهَتي قُدسَ أعتَابك ,لترسمَ في لَوحَة الوجود أحداثَ اللِقاء ,متى سَيدي ومَتى ؟
وهل لروحٍ أضناَهَا الفراق أن تَصبر ؟ وَهَل لي في العُمرِ بقيّة , وَهَل أستَحقُ الوُصُول وذنُوبي أرهَقتني وَأثقَلَت كَاهِلي
وَكَيفَ أقَابلك وأنا لَم أتَجَرّد بعد من سجنِ نفسي ,ولازلتُ أرزَحُ في سِجنِ الدُنيا ؟
وَكيفَ لِقَلبي أن يُشعَّ نُورَاً إذَا لم يَتَطهَّر بِدُعَائكم .
أمَولايَ وَروحي بابن المُرتَضى
أُقسِم عَلَيكَ بِيُوسُف فاطمة إلّا مادَعوتَني , وَسمَحتَ لي أن أقبّلَ أعتَابك .
لاتَطردني عن بَابكَ وَأنتَ الكَريم وَأبوابك مَفتوحةً للعَاشقين , وأدخلني في حصن التّوحيد لآمن من عَذاب العشق
فَمَا لِعشقي من شِفَاء سِوى اللقاء .. وَمَالِقَلبي من حيَاة , ولا لي من نَجَاة ..
أيُهَا المَولَى الرَؤوف هَبني مِنكَ نَظرة وائذَن لي بِالدخُول في حصن ِ وِلاَيَتك ,فِإن لَم أكُن أهلُ لِذَلِك فَأنتَ أهل.
هَكّذَا نَحنُ ..
خُلِقنَا وفي قلوبِنَا جَذوةُ حَنين لكم , وبَدأت النيرانُ بالاشتِعَال , فهي تتأجج في كل ِ لَحظَة
كل مُنَايَ سَيدي أن أبقى على قَيدِ الفَنَاء ..
لِذَا سَأبقى عَلَى أعتَاب الانتِظَار
حتّى تقل لي أيُهَا الرَّؤوف ..
قَدْ أُذِنَ لَكِ ...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat