السير نحو الملكوت
م . م حنان رضا حمودي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
م . م حنان رضا حمودي

أسير وحيدة بدرب المجد، أطرق ابواب الخلود بدماء البقاء، يرن اسمي بصدى الخلود، يضيق الوقت، ويحين الرحيل، لدار الخلود، سأسرد قصتي لأهلي وناسي: أنا الفارسة (رابعة علي هيجل)، قررت أن أرحل عن مدينتي كركوك قضاء الحويجة ناحية الزاب الاسفل قرية صبيح تحتاني التي تربيت فيها؛ نظرا لهجمات الظلام الداعشي، فرأيت من سُرقت اموالهم، وصادروا بعض منازلهم، وإما أن يُعتقل أو يُعدم من يقف بوجههم، مع قلة توفر الغذاء وارتفاع الأسعار، لذلك قررنا الاعتماد في البداية على زراعة محصول الحنطة فقط، لكنه غير كاف لاستمرارنا في العيش، مع انتشار الأمراض وعدم توفر الدواء.
قال الامام علي (عليه السلام): ((من خاف ربّه كفّ ظلمه)) إلا أن الظلام لا يفهم ولا يخاف الله، فرحلت عنها طالبة الأمان الذي سرقه أتباع الظلام، أنا مواليد 1964 وعدد اولادي (14)، وهم (8) بنات، و(6) اولاد، منهم (8) ممن شاركوني في الخلود وهم: (ماهر، مظهر، مزهر، موسى، سعاد، سناء، سلوى، سمر) مع زوجي (علي حسين علي) وكان وضعنا المعاشي معتمداً على راتب زوجي التقاعدي .
وبناءً على هذا تركنا الديار، بعد أن جاء الدواعش الى الحويجة، لنتجه نحو مدينة العلم كل على حدة، ولم نتمكن من الخروج جميعا، فالحويجة كانت تحت سيطرة المارقين (الدواعش)، ذهب ابني ماهر اولاً في يوم 5/4/2015، ثم ذهب بعده اخوتي: (موسى، ومزهر، ومظهر) يوم 5/10/2016.
خرجتُ مع والدتي الكبيرة بالعمر من قضاء الحويجة بتاريخ 6/1/2017 ركبنا حماراً استأجرناه بـ60 ألفاً؛ لعدم تمكننا من ركوب السيارة، فقد كان الدواعش ينصبون سيطرات، ويمنعون خروج الناس من الحويجة، وبهذه الوسيلة تمكنا من العبور نحو العلم، بينما لحقت بنا: (سناء، سلوى، وسمر) مع ابيهن يوم 17/1/2017 ثم اجتمعنا في مدينة العلم، وبسبب غلاء المعيشة، اضطررنا للانتقال الى مدينة الشرقاط؛ لأن الاجار ارخص هناك، وبقينا ثلاثة ايام في الشرقاط في هيكل بيت في منطقة الخصم، لنكمل حياتنا بعيداً عن الافكار التكفيرية، وإذا بالفكر التكفيري يلحق نفوسنا المعلقة بحبل الله الذي لا ينقطع، ليحيط مدينة الشرقاط من عدة محاور الساعة الثالثة فجرا 10/6/2017 في شهر رمضان؛ ليزرعوا الرعب في قلوب الناس الآمنة، فهم لا يحبون ان يعيش الاخرون بسلام، فوقف الجيش كالدرع الواقي من سهام الجبن والرذيلة، ففر الدواعش منهم، وعند سماع الناس بهجوم الدواعش، قاموا بحماية منازلهم، ما عدى الهيكل الذي كنا نسكن به، كان بلا شبابيك وابواب تحمينا من دخول الاعداء الى مكاننا، وكنا بعيدين عن نقاط حماية الجيش والحشد الشعبي، ولا نملك سلاحاً لندافع به عن انفسنا، ليتوجه الدواعش الهاربون نحو الهيكل ليحتلوه، ويهاجموا منه الجيش.
وعندما سمع صاحب هيكل الدار أصواتاً، تصور انهم اصحابه، قد جاءوا لرؤيته، فنزل من سطح الدار متوجها نحوهم، فتفاجأ برؤية اعداء الانسانية داعش، فاردوه قتيلا ثم قام الدواعش المارقون بـالهجوم على الطابق الثاني الذي نتواجد به، ليصبوا جام غضبهم مما اصابهم من خسارة اتباعهم على يد حماة الوطن؛ لينفذوا حكم الظلم باتجاه العائلة، بعد ان تناولوا سحور رمضان في الساعة الثالثة فجراً، وهم بانتظار وقت الصلاة ليصلوا، فما كانت تعلم هذه العائلة ان الله تعالى اختارها لتنال الشهادة على يد أبشع خلق الله، فتعالت اصوات النساء بعد قتلهم الأب والأولاد، ثم بعدها قتلوا النساء رمياً بالرصاص.
وعندما أحس المارقون بقدوم الجيش نحوهم، قاموا بتفجير انفسهم على جثث العائلة، وبعد مدة لم تستطع والدة الفارسة رابعة تحمل صدمة استشهادهم، فتوفت من الحزن على ابنتها وعائلتها، لتلحق بهذا الركب الملكوتي، ليبقى الاولاد الستة بلا معيل بعد استشهاد والدهم وقطع راتبه التقاعدي، رغم انه مصدرهم الوحيد في المعيشة.
قال اقارب الشهداء: إن الاجهزة الامنية حاولت انقاذ الفوارس، وقتلوا مجموعة من الانتحاريين، ولكن عند اقتحام المنزل وتحريره، وجدوا الفوارس قد التحقوا بركب الشهداء الابرار، فإنا لله وإنا اليه راجعون.
وبعد انتصارات اخواننا قوات الحق من (الجيش والحشد الشعبي والقوة الجوية والشرطة الاتحادية) في ساحات المعركة، لاسيما تحرير الفلوجة والشرقاط والموصل وتلعفر، توجه اخواننا نحو الحويجة لتحريرها، وإنقاذ الاطفال والنساء الابرياء، ولوقف افكار من يريد سرقة ثروات العراق وقتل أهله.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat