صفحة الكاتب : سجاد الحسيني

معضلة خبراء الفقه الإسلامي في المحكمة الاتحادية العليا
سجاد الحسيني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا}البقرة/ 187

باتت مفردة الإسلام بعبع يرعب الكثير  ربما يرجع سبب ذلك إلى سوء الادارة والفساد الذي اقترن بالاحزاب التي ترفع شعار الإسلام حتى وصل الأمر إلى معاداة الإسلام نفسه وهذا هو التعريف الحقيقي لخلط الأوراق!

ينشغل العراقيين اليوم باقرار قانون المحكمة الاتحادية العليا لكن نشاهد اعتراض واسع على نص دستوري واضح وصريح يتعلق بتكوين المحكمة الإتحادية وهي خبراء "الفقه الإسلامي"  اضافة الى القضاة وفقها القانون  (مادة ٩٢)

وأوجه الاعتراض كثيرة أبرزها كيف لخبير فقهي ان يكون ضمن المحكمة وهو غير متخصص وايضا يعتبرونه تاصيل لولاية الفقيه!

في بادئ الامر علينا ان نميز بين نوعين من المحاكم هناك محاكم جنائية ومدنية هذه يتوجب فيها التخصص وان كان عملها له صلة وثيقة بالدين الإسلامي واعرف الكثير من القضاة يرجعون باحكامهم إلى الشريعة الإسلامية وبعضهم يرجع إلى مرجع تقليده قبل ان يصدر حكم معين ليبرئ ذمته امام الله مع ذلك نقول يجب ان يكون من يعمل بهذا النوع من المحاكم قضاة متخرجين من المعهد القضائي حصرا

اما المحكمة الاتحادية هي محكمة دستورية فقط وفقط لا علاقة لها بالنوع الأول لا من قريب ولا من بعيد ، هي  محكمة متخصصة بمراقبة القوانين وتوضح دستوريتها من عدمها والمصادقة عليها وهذا الامر يتطلب إلمام بالقوانين والدستور وهذا الإلمام لاينحصر بالقاضي بل ممكن ان نجده في اساتذة الدستور وفقها القانون والمحاميين وخبراء الفقه الإسلامي وغيرهم حتى يوجد في المحاكم الدستورية لبعض البلدان ناشطين ومحامين وخبراء إلى جانب القضاة بعتبار ان القوانين التي يشرعها مجلس النواب متنوعة وتهم شرائح كل شرائح المجتمع فاين المشكلة في ذلك؟

 

اما حاجة خبراء الفقه الإسلامي فهي ضرورية اذ تنص المادة الثانية من الدستور العراقي  على مايلي:

أولا: ألأسلام دين الدولة الرسمي ، وهو مصدر أساس للتشريع

أ – لا بجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام ألأسلام

ب – لايجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية

ج – لايجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات ألأساسية الواردة في هذا الدستور

ثانيا : يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية ألأسلامية لغالبية الشعب ألعراقي ، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع ألأفراد في الحرية والممارسة الدينية ، كالمسيحين ، وألأيزيديين ، والصائبة والمندائيين .

والسؤال هنا لو شرع مجلس النواب قانون فيه مخالفة لثوابت الإسلام من سيستخرج ذلك الخلل؟ كما هو موجود فعلا في القوانين التي فيها مخالفة للإسلام نفسه لا الى ثوابته فحسب!

مثل قانون اتاحة شرب الخمر والعنف الاسري والأحوال الشخصية وغيرها الكثير ،

واستغرب ممن ينتقد الحكومة  ومجلس النواب ويدعوها إلى الالتزام بالدستور كيف يخالف الدستور في هذه الفقرة، وكيف لمن يتهم الإسلام بأنه غير صالح للحكم ولايوجد لدينا اي قانون إسلامي!!

 "تلك إذا قسمة ضيزى"

كما خُدع العراقيين بالامس القريب بالجهات والاصوات التي نددت ورفضت قانون الأحوال الشخصية الجعفري بانه يتيح زواج القاصرات وانه يضطهد المرأة حتى رفض القانون وسرعان ما ظهر زيف وكذب هؤلاء اذ لايوجد اي شيء من هذا القبيل ، بل توجد هكذا تصرفات في بعض الكنائس حسب التقارير التي تشير الى ذلك اذ تتكرر عمليات الاغتصاب للقاصرات واعتراف بعض البابوات بحق المثليين لكن هذه الافعال لم تجد من يستنكرها في مجتمعاتنا الاسلامية اقل تقدير بب اخذ البعض بتبريرها وعدها تصرفات شخصية وحريات شخصية!!

تتكرر اليوم نفس الحملة ومن ذات الجهات لرفض وازالة فقرة خبراء الفقه الإسلامي من المحكمة الاتحادية وكأن الإسلام بات بعبع حتى نتحسس منه كل هذا التحسس!

وهل ثمة مشكلة حين ترشح المرجعية العليا بالنجف الأشرف او الوقفين الشيعي والسني اشخاص أكفاء ورعين متخصصين بالقضاء ليكونوا ضمن المحكمة التي يقتصر عملها على مراقبة القوانين في حال مخالفتها للدستور وأحكام الشريعة؟ هل فقدنا ثقتنا بالمرجعية ام ماذا؟!

 

فالإسلام معروف على امتداده بالقضاة واساسا منهة القاضي إسلامية وشرعية بحته وهي من صلاحيات الإمام والفقيه الجامع للشرائط وهذا مثبت في كل رسائل مراجع التقليد دون استثناء  والا لماذا في احوالنا الشخصية كالارث والزواج والطلاق وغيرها نعود فيها إلى الحاكم الشرعي ولانكتفي بقاضي المحكمة!! (مالكم كيف تحكمون)

بعد هذا التوضيح الموجز اعتقد الهدف الحقيقي ليس كما يعلن بانها دعوة للمدنية والتعايش والحريات لان الإسلام اساسا يكفل ذلك وأكثر، بل بات واضحا ان الهدف الحقيقي هو "الإسلام نفسه"

والا كيف يتم مشروع التطبيع ومشروع الابراهيمية الجديد في ظل تمسك الدولة بهويتها الإسلامية وثوابته وأحكامه وكأننا نعارض الله تعالى في حكمه وحدوده

نصيحتي لكل مغرر به ويعترض على دون معرفة واطلاع في زمن كثر فيه التضليل والتشويش والتشويه وخلط الأوراق ان لاتكون اداة لارادات خارجية مارقة هدفها عولمة العالم وصهره في بوتقة واحده وهذا يستوجب تمزيق وطمس الهوية الإسلامية التي كرمنا الله تعالى بها وخصنا بها دون غيرنا فهذه نعمة تستوجب الشكر لا الكفر والا من يصر على فعله عليه ان يحضر جوابا أمام محكمة العدل الإلهية،. والله المستعان.

سجاد الحسيني

٢٩ رجب الاصب ٢٠٢١


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سجاد الحسيني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/15



كتابة تعليق لموضوع : معضلة خبراء الفقه الإسلامي في المحكمة الاتحادية العليا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net