صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

تعليقات على "الرسالة إلى ديوجينيتُس" - 1 / 3
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مقدمة

من المفيد، في مجال حوار الاديان، الاطلاع على الانتاجات الأولى للاديان لاسيما تلك التي تتطور بمرور الزمن وتتأثر بالعوامل الإجتماعية والسياسية التي تحيط بها. والمسيحية هي احد هذه الاديان. فبلا شك كانت المسيحية قبل اعتناق الامبراطور الروماني قسطنطينوس للمسيحية وانعقاد مجمع نيقية سنة 325م تختلف عن المسيحية بعده! والمسيحيون لا يخشون من هذه الحقيقة، لأن "الأصالة الدينية" أو "السلفية" ليست من ضمن مفاهيمهم الدينية، ونعني بذلك ان يكون زمن التشريع، كما في الاسلام، هو زمن حضور النبي (صلى الله عليه وآله) ونزول الوحي عليه، بل المسيحيون لديهم صلاحيات تشريعية مستمرة من خلال المجامع المسكونية التي كانوا يعقدونها، ويزعمون انها مجامع معصومة لأن الأقنوم الثالث (الروح القدس) يحضرها ويسدد القساوسة الحاضرين فيها!! ولذلك كانت تلك المجامع مصدراً لتشريع عقائد وتشريعات لم تكن معروفة في القرون المسيحية الاولى، والى يومنا هذا نجد ان زمن التشريع مفتوح عندهم! وفي المقابل فإنَّ لديهم ما يُعرف بالتقليد والمقصود به التعاليم الشفوية الموروثة عندهم منذ بداية بولس في بشارته الى استقرار العقيدة الدينية في حوالي القرن الرابع او الخامس الميلادي. والتقليد عندهم هو الحاكم على العقيدة المكتوبة في العهد الجديد وعلى جميع التراث المكتوب!

اما بخصوص الرسالة إلى ديوجينيتُس (The Epistle to Diognetus)، والتي تسمى ايضاً في بعض الطبعات الانجليزية (The Epistle of Mathetes to Diognetus) أي (رسالة المريد الى ديوجينيتُس)، ويقول الانبا موسى ان معنى (Mathetes) هو تلميذ الرسل[1]! وهذا معنى مجازي وليس حرفي. هذه الرسالة هناك عدّة اسباب دفعتنا لانتقائها بالقراءة والنقد وتسليط بعض الضوء عليها، منها انها تعدّ من الكتابات المسيحية الدفاعية المبكرّة، ورغم ان َّ البعض حديثاً يميل الى ان ينسبها الى كوادراتوس وهو أيضاً صاحب اقدم كتابة دفاعية عن المسيحية، وتعتبر ضمن اللاهوت الدفاعي! ومن الاسباب المهمة ايضاً أنها رسالة مجهولة الكاتب ومع ذلك تحضى بالقبول من قبل المسيحيين والتبجيل والتقديس!! فليست اسفار الكتاب المقدس مجهولة المؤلف وحدها هي التي تحضى بالتبجيل والتقديس في المسيحية فحسب بل حتى كتابات الآباء الاوائل!!

كتب القمص تادرس يعقوب ملطي: (يعتبر البعض الرسالة إلى ديوجين أو الرسالة إلى ديوجنس أو ديوجنيتوس، أو ديوغنيتس The Epistle to Diognetus ضمن الكتابات الرسوليّة، ويصنّفها البعض ضمن كتابات المناضلين أو المدافعين Apologists، وهي رسالة نفسيّة نجهل كاتبها وتاريخ كتابتها ومكان الكتابة، يكتنفها الغموض. قام بتعريبها چورچ صابر في سلسلة "الأصول المسيحيّة الشرقيّة"، وقد اعتمد في تقديمه لها على ما جاء في سلسلة Source Chétiennes، عام 1951م لـ H. L. Marou (مجلّد 33)، كثيرًا ما اعتمدت عليها في الرجوع إلى بعض الترجمات الأخرى، خاصة التي باللغة الإنجليزيّة)[2]!

أسباب ظهور الكتابات الدفاعية في المسيحية:

والمقصود بالكتابات الدفاعية عند المسيحيين هي الكتابات التي يكتبها المسيحيون دفاعاً عن عقيدتهم. وتطورت تلك الكتابات حتى اصبحت تعرف عندهم بـ (علم اللاهوت الدفاعي)!

كتب القمص أثناسيوس فهمي جورج: (المسيحية عندما ظهرت كدين جديد حُوربت من ثلاث فئات هم: اليهود، والوثنيون وبعض من الفلاسفة. أما أسباب مناهضة هذه الفئات الثلاث للمسيحية كديانة جديدة ويمكننا تلخيصها في الأتي:

1 - الدهماء والرعاع من الشعب: هاجموا المسيحية معللين عملهم هذا بأن آباء هذه الديانة المسيحية يهاجمون ويناهضون العادات والتقاليد المتوارثة لديهم.

2- المنتفعون من كهنة المعابد الوثنية والسحرة والمشعوذون: وجميع الذين يعتنقون العبادات الوثنية رأوا أن المسيحية هي سبب في تزلزل أرضيتهم وزعزعة مكانتهم الدينية، مما كان له تأثيرًا قويًا على أرزاقهم.

3- اليهود: رأوا في المسيحيين جاحدين لعقيدة موسى والأنبياء بل ومقاومين لها.

4- الفلاسفة اليونانيون: كانوا يسخرون من مبادئ المسيحيين ومعتقداتهم ويرون أنها حماقات وغباوة ولا تجذب سوى غير المثقفين والمنحطين فكريًا.

5 - وأخيرًا رجال الدولة والحكام الرسميون: الذين كانوا يؤمنون بتعدد الآلهة (الشرك) ويعملون على نموّ هذه المعتقدات وحمايتها فقد رأوا في هؤلاء المسيحيين أنهم مندوبين لإبادة معتقداتهم ويعملون على زعزعة أساساتهم.

ثانيًا: الكتابات الدفاعية: وعليه فمن بداية القرن الثاني الميلادي وضع المسيحيون على عاتقهم أن يكتبوا الدفاعات ضد اليهود من جهة والوثنيين من جهة أخرى.

1- دفاعات ضد اليهود: كانت طبيعية ومنظمة وبدايتها كانت حول قانونية العهد الجديد ولاسيما إنجيل القديس مرقس وسفر أعمال الرسل.

ومن أشهر الذين كتبوا دفاعات حول هذه المشاكل هم:

* القديس يوستينوس الشهيد والفيلسوف (الحوار مع تريفوناس).

* أريستون البيلى (معارضة بابسكو وياسونوس حول المسيح).

* أبوليناريوس ياروبوليوس (ضد اليهود) وآخرون.

2- دفاعات ضد الوثنيين:

* وكانت تهدف إلى تفنيد اتهاماتهم وسوء ظنهم بالمسيحيين. فكانوا قد اتهموا المسيحيين بثلاثة اتهامات خطيرة هي:

* الكفر والإلحاد.

* ارتكاب الفحشاء (المعاشرات الأوديبية).

* أكل لحوم البشر (ولائم ثيستن).

3- دفاعات ضد ما يسمى جرائم تتعلق بالاسم (مسيحي): وذلك بحسب تشريعات تراجان (تريانون) إذ هو أول إمبراطور أعلن أن المسيحية ديانة محرمة، كما وضع تشريعات صارمة ضد الهيئات والجماعات السرية،........ التي أُعتبرت اجتماعات المسيحيين الدينية نوعًا منها نظرًا لأنً المسيحيين كانوا يجتمعون للصلاة في السراديب. ومن الآباء الذين كتبوا دفاعات ضد التهم السابقة:

* كوادراتوس (الدفاع)

* أرستيذيس الذي كتب دفاعه (من أجل الإيمان).

* أريستون البيلي (معارضة بابسكو وياسونوس حول المسيح)

* يوستينوس الشهيد والفيلسوف (الدفاع الأول والدفاع الثاني).

* أثيناغوراس (دفاع من أجل المسيحيين).

* وفي وقت لاحق كليمندس الإسكندري (كتاب المربى).

* أوريجانوس (ضد كلسوس))[3]. ... انتهى الاقتباس,

ويقول القمص تادرس يعقوب ملطي: (نجد أن المسيحية والمسيحيين قد هوجموا من كل من اليهود والمسيحيين المتهودين والوثنيين والفلاسفة وايضاً الاباطرة والحكام)[4]. وقد افرد هذا النص عن النص الذي سبقه بذكر عداء (المسيحيين المتهودين) للمسيحيين من اتباع بولس! وقال ايضاً في بيان هذا العداء: (المسيحيون المتهودون: أرادوا أن يجمعوا بين الإيمان والمسيحية من جهة، والناموس الموسوي من الجهة الأخرى، وقد نادى البعض منهم، الذين كانوا أصلاً من طائفة الفريسيين (أع 15... الخ)، بضرورة حفظ الشرائع اليهودية)[5]!

ويقول الأب بسّام آشجي: (حقبة الآباء المدافعين: كتب أعلامها باللغة اليونانية في القرن الثاني الميلادي خصوصاً في النصف الثاني منه. أشهر مؤلفاتها كتابات كوادراتوس (كتب أول رسالة دفاعية)، وارستيذس الأثيني (ترجمته الأرمنية فقط)، وارسطون البلاوي الفلسطيني، ويوستينوس الفيلسوف (فلسطين)، وتتيانوس السوري، وميلتياس (آسيا الصغرى)، وأبوليناريوس أسقف هيرابوليس، وأثيناغوراس الأثيني، وثيوفيلوس الأنطاكي، ومليطون البتول (آسيا الصغرى)، ورسالة ذيوغنيتس، وذيونيسيوس الكورنثي، وسيرابيون الأنطاكي، وهيغيسيبوس الفلسطيني، وإيرناوس أسقف ليون)[6].

الرِسالة والمُرسِل والمُرسَل إليه

أمّا الرسالة فقد نُشِرَتْ أول مرّة سنة 1592م. وتتكون من أثني عشرَ فصلاً، ويقول الأنبا موسى: (هناك شبهة كبيرة بأنَّ الفصلين الختاميين زائفان)[7]. وهي مكتوبة بلغة يونانية. و"المخطوط اليوناني الذى يحوى هذه الرسالة يرجع الى القرن الثالث عشر، وكان محفوظا فى مكتبة ستراسبورج، وهذا المخطوط يضع هذه الرسالة ضمن كتابات القديس يوستينوس الشهيد. ولكن للأسف فأن هذا المخطوط احترق فى سنة 1870م اثناء الحرب الفرنسية–الروسية. وكل المطبوعات التى نُشرت للرسالة تعتمد على هذه المخطوطة فى نسبتها الى يوستينوس، وفى هذه الحالة يرجع تاريخ كتابتها الى حوالى منتصف القرن الثاني"[8].

"ويقول البروفيسور كواستن استاذ علم الباترولوجي، عن هذه الرسالة، انها تستحق ان توضع فى صف اروع واجمل الكتابات التى وصلتنا من الادب المسيحي باللغة اليونانية ويقول ان الكاتب هو احد معلمي الخطابة، وتركيب عباراته جذاب للغاية ومتوازن تماماً، اسلوبه شفاف وواضح جداً. ومحتوى هذه الرسالة يكشف عن ان كاتبها انسان ذو ايمان حي مشتعل، وذو معرفة واسعة، وعقله مشبع تماما بمبادىء المسيحية، كما ان تعبيرات الرسالة تتألق ناراً وحيوية"[9].

وامّا المُرسِل فقد تراوحت آراء علماء المسيحية بين عدّة شخصيات مرشّحة لأن يكون أحدهما هو كاتب الرسالة، أهمها: هيبوليتوس وكوادراتوس وجوستان مارتير.

ولا تُعرَف شخصية هيبوليتوس Hippolytus على نحو جازم حتى قيل ان هناك روايتان عن حياته، الاولى انه كان ضابطاً ومسؤولاً عن القديس لورنس Laurence أثناء حبسه فتأثر به فآمن واتعتنق المسيحية. والثانية انه كان كاهناً رومانياً حوالي (170-235)م وهو من اهم كُتّاب اللاهوت في الكنيسة الرومانية الأولى، "ومن المحتمل أن يكون تلميذًا للقديس إيرينيؤس[10]، إذ كان مدينًا له في اللاهوتيات كما يظهر بوضوح في تعليمه عن الخلاص"[11]. ويحتمل بعض علماء المسيحية ان هيبوليتوس هو كاتب هذه الرسالة لأن الفصول 7، 11، 12 منها تذكرنا بما جاء في أعماله[12].

أمّا كوادراتوس Quadratous فهو صاحب اقدم كتابة دفاعية عن المسيحية، وتعتبر ضمن اللاهوت الدفاعي[13]! وقيل أنَّه كان اسقف اثينا، والذي يقولون عنه انه تلميذ الرسل أو من الأباء الرسوليين، واحدهم قال عنه انه نبي[14]!! فهو من الجيل الثاني بعد المسيح! وقيل هو ليس اسقف اثينا بل شخص آخر بنفس الأسم! وهناك من يشكك في انه من تلاميذ الرسل[15]!!

"كتب كوادراتوس دفاعه للإمبراطور أدريانوس في الفترة 123/124-129. حاليًا توجد قطعة صغيرة من هذا الدفاع وردت في تاريخ الكنيسة ليوسابيوس بما يشير إلى قانونية معجزات الرب. ويعتبر يوسابيوس هذا الدفاع هو برهانًا قويًا ومضيئًا بخصوص ذكاء الرجل وسرعة بديهيته، وأرثوذكسية ورسولية إيمانه، وأقدميته"[16]! بخلاف رأينا في مقالنا المشار إليه آنفاً وهو انه ليس للقطعة المتبقية من دفاع كوادراتوس قيمة دينية أو تأريخية[17]!

وامّا جوستان مارتير Justin Martyr المعروف أيضا بالقديس جاستن أو يوستينوس الشهيد (100 - 165)م، فقد ظلّت الرسالة لفترة زمنية طويلة بعد نشرها سنة 1592م تنسب إليه بوجه عام، "وفي العصور الحديثة أدخلها أتو Otto ضمن مؤلفات هذا الكاتب ولكن سميش Semisch وآخرون يؤكدون بشدّة بأنه من غير الممكن أن تكون لجوستان Justin، ونحن في تناولنا لهذه المسألة نعتمد كليّة على البرهان الذاتي، إذ لم تصلنا من العهود السابقة أية إفادة عن تأليف هذه الرسالة. ومن الصعوبة بمكان أن ننكر أن أسلوب الرسالة بأجمعه، وأيضاً عبارات خاصة تتضمنها تشير الى كاتب آخر غير جوستان Justin، وبناء عليه فإن أغلب النقاد الآن متفقون على أن الرسالة ليست رسالة جستان Justin، وانها يجب ان تنسب الى شخص عاش في زمن أسبق في تاريخ الكنيسة ... وقد قدمت براهين ذاتية عديدة تؤيد هذا الرأي وإذا إفترضنا أن الفصل الحادي عشر من الرسالة حقيقي، فهذا الفرض يؤيد تلك الحقيقة، إذ أن الكاتب يسمي نفسه "تلميذ الرسل" ولكن هناك شبهة كبيرة بأن الفصلين الختاميين زائفان. وحتى إن سلّمنا بأنهما حقيقيان فإن التعبير الذي يمكن الاستشهاد به يعطي بوضوح تفسيراً يختلف عن ذلك التفسير الذي يدل ضمناً على المعرفة الشخصية للكاتب بالرسل. فهو بالحقيقة يمكن أن يتبناه أي شخص حتى في يومنا هذا"[18].

ويقترح الانبا موسى اسماء اخرى وهم: إكليمنضس Clement الذي من روما وأبولس Apollos كأسماء للمؤلف المرجّح[19].

وامَّا المُرسَل إليه وهو ديوجينيتُس Diognetus ، فقد قيل أنَّه يوناني وثني، نقرأ هذا التعريف به من موقع الانبا تكلا هيمانوت: "من الصعب التعرف على شخصية ديوجينيتُس، وذلك لكثرة الذين حملوا هذا الاسم في القرون الأولى، إنما يظهر من الرسالة أنه إنسان وثنى شريف قد طلب من صديقه المسيحي أن يُخبره عن مفاهيم ديانته وطقوسها.... ويرى بعض العلماء أنه ربما يكون هو معلم الإمبراطور مرقس أوريليوس. بينما يرى البعض الآخر أنه موظف في الإمبراطورية الرومانية شغل منصبًا كبيرًا فيها، أو أنه الإمبراطور أدريانوس نفسه. وأما الاسم ديوجينيتس فتعنى حامل السماء وهو أحد ألقابه الشرفية"[20].

ويحتمل الأنبا موسى أنَّ الذي كُتِبَتْ إليه هذه الرسالة هو معلم (مربي) ماركس أوريليوس Marcus Aurelius[21]الإمبراطور الروماني السادس عشر (161-180)م كما أنه يُعتبر من الفلاسفة الرواقيين البارزين.

مصادر الرسالة الى ديوجينيتُس:

ذكر القمص أثناسيوس فهمي جورج (انطون فهمي جورج) مصار الرسالة الى ديوجينيتُس، وهي التالي[22]:

} 1) Philosoopoumena 10: 33.

2) Quasten: Parrology, vol. I, p. 248-

3) Hisl. eccl. 4, 3, 2.

4) Quasren, vol. I, p. 248 - 9.

5) Zeilschrift fU T kirchengeschichte. I. XLIII, 1924, p. 350.

6) Maxwell Stanifort h, p. 171.

7) I. M. Sailer, dcr Briefan Diogncms, cine perle de c hri srlisc hen Alt erthu rn s, Munic h, 1900, Apo logie , 15-t.

8) H. Puech: Histoire de la Liuerarure Grecque Chret ienne. t. 2, p. 217.

9) See: Quasien: Petrology. vol. I, p. 250.

10)H,B. Swete: Patristic Study, 1904, p. 46.

11) Maxwell Stani forth, p. 172.

12) Adgar Goodspeed: A History of Early Christian

Literature, 1966, p. 105.

* راجع الترجمة الإنجليزية للرسالة في:

* Penguin classics, Maxwell Staniforth. Early

Christian Writings. 1968, p. 173- 184.

* Ante Nicene Fathers, Eerdmans, 19th-cd. vol. I,

1083-p. 24.

* ويمكن قراءة فقرات منها أو تأملات عليها في:

* Bunsen's Hippolytus and His Age, vol. I, p. 188.

* Anne Prcmamb: A Treasury of Early Christianity,

1960, p. 46-50.

* II. Musurillo: The Fathers of the Primitive Church,

1966, p. 147-1 49.

* J. Qcasren, Parrology, vot. I, p. 248-252. {!

هذه الرسالة رغم انها من العصر المسيحي الاول، المبكر، الا ان لها مصادر معلومة، ويمكن لأي باحث الرجوع اليها. وهنا يبرز السؤال المهم: لماذا لا تتمتع اسفار العهد الجديد بنفس الشفافية التي تتمتع بها الرسالة الى ديوجينيتُس؟!! لماذا تُحاط مصادره بالسرّية والتكتّم!! لماذا لا يمكن لأي مسيحي الإطلاع على المصادر الأصلية لأسفار العهد الجديد؟!!

وليتذكَّر القاريء إنَّه لن يمكنه ابداً قراءة الكتاب المقدس أو العهد الجديد وحده بالرجوع الى مخطوطة اصلية من مخطوطاته، ولا يجرؤ علماء المسيحية ان يطبعوا مخطوطة واحدة من المخطوطات الاصلية ليتداولها المسيحيون بدون ان يدخلوا تعديلات عليها لأن في كل مخطوطة اختلافات لا تقبل أي كنيسة بتبنيها كنص مقدس بدون إدخال تعديلات توافق عقيدتها ورؤيتها الكنسيّة!!؟

الاختلافات العقائدية بين اتباع بولس

بعد مطالعة القاريء للرسالة الى ديوجينيتُس سيجد ان المسيحية التي تضمنتها هي المسيحية البسيطة القائمة على فكرة تأليه المسيح والمحبة والصلب والفداء، في حين ان مطالعة تأريخ الطوائف المسيحية في القرون الخمسة الأولى يكشف لنا عن اختلافات عقائدية في تفاصيل القضايا لم تحتويها الرسالة الى ديوجينيتُس وذلك لأحد سببين أو كليهما: الأول ان الرسالة موجهة الى شخص وثني لدعوته للإيمان، ولذلك لا بد ان تكون معبرة عن مسيحية مثالية بسيطة التفاصيل ومحببة ومنمقة، غاضَّةً النظر عن تعقيداتها والجوانب الغامضة فيها، إذ من غير المعقول ان يتم عرض مسيحية خلافية غامضة معقدة التفاصيل والعقيدة على إنسان وثني لغرض دعوته للإيمان. والثاني أن المسيحية في زمن كتابة الرسالة لم تكن قد تطورت الى العقيدة التي وصلت اليها في نهاية القرون الخمسة أو الستة الاولى، وهذا يعني أن هناك فارقاً بين المسيحية التي جاء تضمينها من قبل اتباع بولس في "الأناجيل الأربعة" وبين المسيحية التي تشكلت بعد ذلك بمرور الزمن والتعقيدات التي اضيفت اليها وأدّت الى الاختلافات التي وصلت الى درجة إتهام كل طرف بهرطقة الطرف الآخر (أي كفره) بل والقتال في بعض الأحيان!

فشتان بين المسيحية البسيطة في الرسالة الى ديوجينيتُس وبين مسيحية الكنائس والمجامع المسيحية! المسيحية التي انتقلت من رفع شعار (السمكة) في القرون الاولى ايام الاضطهاد الديني الى رفع شعار (الصليب) في القرون التي تلت اعتناق الدولة البيزنطية لها حينما أصبحت ديناً رسميّاً للدولة!

ولأنه لم يكن للمسيحية مرجع فكري واضح ومحدد ليرجع اليه علماء المسيحية ليبين لهم ما هو الحق وما هو الباطل من الأفكار والعقائد، ولأن اسفار العهد الجديد لم تكن قد تم اقرارها بالصورة التي هي عليه اليوم من حيث العدد والأسماء الى عقود كثيرة، الى سنة 397م[23]، أي أواخر القرن الرابع الميلادي! لذلك نجد كل عالم مسيحي يجتهد برأيه لتكوين العقيدة التي تناسب تفكيره وبحسب ما وصل إليه من تقليد شفوي!! ولذلك ظهرت آراء عقائدية عديدة، فيعمد بقية علماء المسيحية الى عقد مجامع مسيحية ليتذرعوا بالاغلبية العددية لمقاومة تلك الافكار، بدعوى الدفاع عن الايمان القويم! ومحركهم في ذلك التنافس فيما بينهم على مكانتهم الدينية والاجتماعية، ولكي يكون لتلك المجامع قوة دينية فقد زعموا ان الأقنوم الثالث (الروح القدس) يحضرها ويسددها ويكون رأيه مع الاغلبية!! (ديمقراطية الأقنوم الثالث)!! ولا ندري لماذا لا يسدد الأقنوم الثالث (الروح القدس) كل عالم من علماء المسيحية على حِدَة لكيلا يعتنقوا عقائد لا يقبلها!! أليس يزعم انجيل يوحنا ان المسيح قال انه سيذهب وسيرسل لهم المعزي أو المعين أو المؤيد - بحسب اختلاف الترجمات - والذي يفسرونه انه "الروح القدس الأقنوم"!! فأين هو أثره!!

في إنجيل يوحنا (12:16-13): (وأمَّا متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يُرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلَّم من نفسه، بل كلُّ ما يسمع يتكلَّم به ويُخبركم بأمور آتية).

عموماً كان لعلماء المسيحية افكاراً حرّة في تشكيل العقيدة، لغياب المرجع المعياري عندهم، والتي يرونها مناسبة وانها الحق، ولذلك ظهرت آراء كثيرة بمرور الزمان، نذكر منها:

ـ الدوكيتيون: ومعهم الاغنستيون وهم يقولون أن جسد المسيح لم يكن جسداً حقيقياً مادياً[24]. ويقول الدوكتيّون "إن المسيح لم يُصلب مطلقاً إنما بدا أو تراءى لليهود أنهم صلبوه. والواقع أن اسم الدوكيتيين مشتق من فعل يوناني معناه “يظهر"أو “يتراءى”؟ وهو رمز لمجمل عقيدتهم في الصلب"[25].

ـ الكيرنتيون: قيل انهم كانوا يجحدون لاهوت المسيح[26] ومعنى ذلك انهم يرفضون عقيدة بولس في اتخاذ المسيح الهاً، أي انهم يتفقون مع انجيل برنابا في هذه المسألة.

ـ الابيونيون: وهو مذهب موجود منذ العصر المسيحي الاول الذي يسمونه عصر الرسل، غير إنَّ تسميتهم لم تظهر الا في القرن الثاني الميلادي. وانتشرت أفكارهم في فلسطين والأقطار المجاورة. "والاسم "ابيونيون" ومن العبرانية "ابيونم" وتعني فقراء ومساكين. وهذه التسمية إما أطلقها هم على أنفسهم لينالوا الطوبى التي أعطاها السيد المسيح للمساكين بالروح، وإما أطلقها المسيحيون عليهم لأنهم فقراء ومساكين في أفكارهم. ولكنهم كانوا يختلفون في أفكارهم ومبادئهم، فهم فريقان بين متزمت ومعتدل: فالفريق المتزمت يحفظون ناموس موسي حفظًا حرفيًا، ويقدسون السبت، ويعتبرون الختان لازما للخلاص. وأوجبوا على المسيحيين حفظ الناموس القديم كشرط لخلاصهم. ومن جهة إيمانهم في المسيح، فقد أنكروا لاهوته وأزليته، ورفضوا اعتباره اللوغوس وكلمة الله وحكمته. وأنكروا ميلاده المعجزي من العذراء مريم، واعتبروه إنسانًا عاديًا كسائر البشر ولد حسب الطبيعة من يوسف ومريم، وأنه هو النبي الذي تنبأ عنه موسى ... ورفضوا الاعتقاد أن المسيح خضع للموت. كما اعتقدوا في مجيئه الثاني في مجد ملكي وأنه يعد لنفسه ولأتباعه - ولا سيما من أتقياء اليهود- مُلكًا ألفيًا والفريق المعتدل يحفظون ناموس العهد القديم، لكنهم لا يلزمون به الجميع ولا يتعصبون ضد من يرفضون حفظه. وكانوا يحتفلون بيوم الأحد، ولا يعترضون على آلام المسيح وموته، ولا ينكرون ولادة المسيح من العذراء بغير زواج وإن كانوا يشتركون مع المتزمتين في إنكار لاهوت المسيح وأزليته وثمة فريق ثالث من الأبيونيين كان للأسينيين والغنوسيين تأثيرات واضحة على أفكارهم واتجاهاتهم"[27].

ـ تلاميذ يوحنا المعمدان[28]: من الملفت للنظر ان تلاميذ يوحنا المعمدان تمسَّكوا بتعاليم يوحنا المعمدان بعد وفاته ولم يعتنقوا الايمان وفق عقيدة بولس، في حين ان الاناجيل ترسم صورمتناقضة للعلاقة بين يسوع المسيح ويوحنا المعمدان، الصورة الاولى هي:

· ان يوحنا المعمدان ظهر ليمهد الطريق لدعوة يسوع المسيح[29].

· ان يسوع المسيح بدأ دعوته بعد أعتقال يوحنا المعمدان[30]، حيث ان يوحنا يمثل اخر أنبياء العهد القديم[31].

· ان يسوع المسيح تعمًّد على يد يوحنا المعمدان[32]وان يسوع عندما أراد ان يتعمًّد على يد يوحنا المعمدان قال له يوحنا بأنه هو الذي يجب ان يتعمًّد على يد يسوع وليس العكس[33].

هذه الصور تتناقض مع الصورالاخرى:

· ان تلاميذ يوحنا المعمدان استمروا محافظين على تعاليم يوحنا المعمدان بعد أعتقاله، فالانجيل يخبرنا عن وجود تلاميذ ليوحنـا المعمدان يتعبدون بتعاليمه أثناء حياة يسوع المسيح[34]، غير أن يسوع لم يطلب منهم الايمان به وأتباعه ولا يوحنا المعمدان طلب منهم ذلك.

· لم تذكر الاناجيل أي شخص تحول في أيمانه الى يسوع المسيح وترك الايمان بيوحنا المعمدان أو تعاليمه مثلما كان يحدث مع اليهود والفريسيين والوثنيين الذين يتركون عقيدتهم ويؤمنوا بعقيدة يسوع المسيح (بحسب رواية الاناجيل).

· تناقضت رواية الاناجيل في موضوع معرفة يوحنا المعمدان لشخص يسوع ووظيفته، ففي موضع فيها نجد ان يسوع عندما أراد ان يتعمًّد على يد يوحنا المعمدان قال له يوحنا بأنه هو الذي يجب ان يتعمًّد على يد يسوع وليس العكس[35]، وفي موضع اخر نجد ان يوحنا المعمدان يجهل حقيقة يسوع وحقيقة وظيفته ! بحيث انه أرسل له وهو في السجن من يسأل يسوع عن حقيقته[36]!؟

الأناجيل توحي لقارئها ان دعوة يسوع المسيح هي دعوة متكاملة مع دعوة يوحنا المعمدان وان هاتين الدعوتين كانتا تسيران في خطين متوازين لان مصدرهما واحد وهدفهما واحد مما ينفي عن يسوع المسيح المزاعم القائلة بأنه كان محور احداث العهدين القديم والجديـد (لأنه لو كان كذلك لصب مجرى دعوة يوحنا المعمدان في يسوع المسيح بدل ان يتوازى معه)، وفي هذا الامر نقض لعقيدة أتباع بولس.


ـ النيقولاويون[37]: ورد ذكرهم في رؤيا يوحنا (6:2) مخاطباً كنيسة أفسس: (اما ما يسرني فيك انك تكره أعمـال النيقولاويين التي أكرهُهـا أنا أيضاً)، ثم يقـول في (15:2) مخاطباً كنيسة برغامُس: (وكذلك عندك قوم يتمسكون بتعليم النيقولاويين).

مدينة أفسس بأنهاقاعدة أقاليم اسيا[38]، وكذلك فأن مدينة برغامُس تقع في اسيا أيضاً قريباً من أفسس، ويبدوا أن مذهب النيقولاويين قد أنتشر في تلك المدينتين ونواحيهما، وقد يكون هذا هو السبب الذي دفع بولس لذكر المحنة التي يمر بها في اسيا حيث يقول: (فأنّا أيها الاخوة لانريد ان تجهلوا الشدة التي ألمًّت بنا في اسيا فثقُلَت علينا جـداً وجاوزت طاقتنا حتى يئسنا من الحياة)[39]، واسيا تطلق على القسم الغربي من تركيا اليوم[40]، أي في نفس موقع مدينتي أفسس وبرغامُس.
ومذهب النيقولاويين منسوب لنيقولاوس الشماس احد السبعة الشمامسة الذين أختارهم التلاميذ الاثني عشر[41] (أكابرالرسل) بعد صعود يسوع المسيح، ولانعرف شيئاً عن نيقولاوس سوى أنه كان "دخيلاً "من مدينة انطاكية[42] والدخيل تسمية تطلق على من كان أصله غير يهودي ثم يعتنق اليهودية[43].

كانت وظيفة الشمامسة السبعة هي توزيع الصدقات على المؤمنين وكانوا يُعمِّدون ويبشرون بالانجيل[44]، والشمامسة السبعة هم: استيفانـُس. فيلِـبُّس. بَروكورُس. نِيقانورُس. طِيمُـون. بَرمَناس. نيقُولاوس.

وكان هؤلاء الشمامسة السبعة على خلاف عقائدي مع بولس ولنا في ذلك ادلة وقرائن يقينية عديدة اهمها:

1. لم يكـن أي من هؤلاء الشمامسة السبعة مـن أتباع بولس ولم يذكر بولس اياً منهم في رسائله !

2. ان الخطبة الوحيدة لأستيفانُوس والمذكورة في أعمال الرسل (7: 53) لاتحتوي على ايٍ من المباديء التي أبتدعها بولس بل أنها تشير بوضوح الى أيمان استيفانُس بنبوة يسوع المسيح من خلال استشهاد أستيفانُوس بنبوءة من العهد القديم تقول بظهور نبي من قوم موسى، ثم يظهر أيمان أستيفانُس بنبوة يسوع المسيح من قوله في نهاية خطبته المذكورة: (أي نبيٍ لم يضطهده اباؤكم فقد قتلوا الذين أنبأوا بمجيء البـار وأنتم أصبحتم له خونة وقتلة)[45] وفي ترجمة اخرى (الذي أسلمتموه وقتلتموه[46])[47].

3. ان فيلِبُّس كان يُعمِّد المؤمنين الجدد بيسوع بالماء[48]بخلاف بولس الذي أبتدع طريقة جديدة للمعمودية وذلك بوضع الايدي فقط[49] ! وهذه أحـدى جوانب تغيير بولس لشريعة يسـوع المسيح.

4. أن الخلاف العقائدي بين النيقولاويين (أتباع نيقولاوس) ويوحنا (صاحب سفر الرؤيا في العهد الجديد وهو من أتباع بولس) انما يدل على الخلاف العقائدي بين نيقولاوس وبولس كما هو واضح.

وقد ذكرت طبعة الكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة) صراحةً ان النيقولاويين المذكورين في سفر رؤيا يوحنا هم أتباع نيقولاوس الشماس، الا أنها أتهمت نيقولاوس الشماس أنه "ضلَّ في الايمان وخرج عن الكنيسة"بحسب تعبيرهم[50]،

ولنا عند هذا الاتهام الملحوظات الآتية:

1. لم يجرؤ بولس على اتهام نيقولاوس صراحةً بالخروج عن تعاليم المسيح لانه يعلم ان تعاليم نيقولاوس هي نفس تعاليم بطرس ويعقوب وبرنابا وبقية أكابر الرسل فأعلانه معادات نيقولاوس يعني أعلانه الحرب على كنيسة أورشليم كلها وهو ما كان يهدد أستمرارية دعوة بولس التي أتخذت من كنيسة أورشليم (بزعامة بطرس) غطاءاً لها لفترة طويلة، في حين ان كاتب سفر رؤيا يوحنا قد صرَّح بذكر أسم النيقولاويين لأن زمن كتابة هذا السفر كان في حوالي سنة 95م[51]أي بعدما ثبًّتت دعوة بولس أركانها.

2. زعم أتباع بولس بأن أولئك الشمامسة السبعة (ونيقولاوس أحدهم) كانت لديهم أسرار يسوع المسيح[52]، فأن صح ذلك فأن تلك الاسرار هي التي دفعت بولس وأتباعه الى معاداة نيقولاوس، ونحن نوجه سؤالنا الى أتباع بولس: لماذا أبتعدت دعوة بولس عن أولئك الشمامسة السبعة أصحاب الاسرار اليسوعية بحيث ان بولس نفسه قد تجاهلهم كلياً ولم يذكرهم فـي ايٍ من رسائله ؟!!

3. ان بعض الترجمات الحديثة والشروحات للعهد الجديد تحاول عدم الربط بين النيقولاويين ونيقولاوس أو حتى الاشارة الى ذلك تجنباً لهذا المأزق، ومن تلك الترجمات هي طبعة العهد الجديد (بولس باسيم) ص 964 الهامش وطبعة العهد الجديد (المطبعة الكاثوليكية) ص850 الهامش، وطبعة العهد الجديد (روفائيل الاول) ص426.

ـ عقيدة أوريجانوس (185-254))م: يضع الروح القدس في درجة أقل من الابن، فيقول أن الابن وحده هو من الآب فقط، ولكن الروح القدس هو من الآب بواسطة الابن، ويقول الآرثوذكس المشرقيون ان هذه هي بداية ظهور عقيدة الكاثوليك في انبثاق الروح القدس من الآب والابن. "وهكذا مهد أوريجانوس لإنكار أريوس ومن بعده مقدونيوس للاهوت الروح القدس. وقد وقع ثيئوغنسطس في نفس الخطأ باعتماده على تعاليم أوريجانوس"[53].

ـ عقيدة سابليوس (توفي261م): الذي كان يعتقد بأن الإله هو أقنوم واحد وليس ثلاثة أقانيم، وأن الإله له ثلاثة اسماء فهو الأب الذي خلقنا وهو الإبن الذي خلّص الناس وهو الروح القدس الذي يقدّس الناس!!

ـ عقيدة بولس السموساطي (200-275)م: كان يؤمن بأن المسيح إنسان تألّه، وليس إله تأنسن!! وأنكر أقنومية الروح القدس وكذلك انكر أقنومية شخص اللوغوس، وقال انهما مجرد قوى من قوى الله مثل قوى العقل والفكر في الانسان.

ـ عقيدة آريوس (256–336)م: والتي تقول أن المسيح مخلوق وليس إله وأنه بواسطته خلق الإله العالم. أي ان المسيح هو الواسطة بين الإله والعالم!

ـ عقيدة مقدونيوس بطريرك القسطنطينية للفترة (343-360)م: كان يعتقد ان الروح القدس ليس أقنوماً ثالثاً ويجحد إلوهيته، ولكنه يرى ألوهية المسيح! وهي نفس عقيدة مذهب شهود يهوه اليوم.

ـ عقيدة أبوليناريوس (310-390)م: "أن الإنسان العادي مكوَّن من جسد ونفس وروح، هكذا يسوع المسيح هو مكوّن من جسد ونفس والكلمة (اللوغوس). وفي رأيه أن الكلمة قد حل محل الروح pneuma واتحد بالجسد والنفس لتكوين الاتحاد. لم يتصور أبوليناريوس إمكانية وجود نفس إنسانية عاقلة في المسيح في وجود الله الكلمة الذي هو روح والذي هو العقل الإلهي منطوق به. ربما تصوّر أبوليناريوس أن النفس الإنسانية العاقلة تعنى بالضرورة شخصًا بشريًا متمايزًا عن شخص الله الكلمة. بمعنى أنه خلط بين مفهوم الشخص الذي هو مالك الطبيعة، ومفهوم العقل الذي هو أحد خواص الطبيعة التي يملكها الشخص، أي أنه اعتبر أن الشخص هو العقل. وأراد بإلغاء الروح الإنسانية العاقلة أن يؤكّد أن شخص كلمة الله هو الذي تجسد وهو هو نفسه يسوع المسيح. بمعنى أن كلمة الله لم يتخذ شخصًا من البشر بل اتخذ جسدًا ذا نفس بلا روح عاقلة. وبهذا تتحقق -في نظره- وحدة الطبيعة في المسيح الكلمة المتجسد وعصمته من الخطيئة"[54].

ـ عقيدة اوطيخا (380- 456)م: ويسمونه اوطاخي أيضاً، كان يؤمن بأن للمسيح طبيعة واحدة بعد التجسّد وقد تلاشت الإنسانية في الإلوهية، فلم يعد الموضوع موضوع تجسّد! حيث ذاب الناسوت في اللاهوت مثلما يذوب الخل في المحيط، فأصبح هناك امتزاج من الطبيعتين في طبيعة واحدة، ولذلك تسمى هذه العقيدة بعقيدة الـ (مونوفيزيتس)، "لأن عبارة (مونى فيزيس) تعنى "طبيعة وحيدة"وليس "طبيعة واحدة" أي (ميا فيزيس)".

ـ عقيدة ثيؤدوروس المؤبسستي أسقف المصيصة (350-428م): كان تلميذاً لـ (ديودور الطرسوسي توفي390م) واستاذاً لـ (نسطور)، ولذلك يتهم بأنه احد مؤسسي فكر نسطور هو واستاذه ديودور الطرسوسي! اُدينَ "بعد وفاته بـ 125سنة كهرطوقي، بكونه انحرف إلى نوع من البيلاجية، في مجمع القسطنطنية سنة 553م"[55].

ـ بيلاجيوس (حوالي 354 - 418م): "كان عالمًا لاهوتيًا دافع عن الإرادة الحرة والزهد. اتهمه أوغسطينوس وآخرين بإنكار الحاجة إلى المعونة الإلهية في أداء الأعمال الصالحة. لقد فهموا أنه قال أن النعمة الوحيدة الضرورية هي إعلان الناموس: لم يُجرح البشر بخطيئة آدم وكانوا قادرين تمامًا على إتمام الناموس بدون معونة إلهية. أنكر بيلاجيوس نظرية أوغسطينوس عن الخطيئة الأصلية. استشهد أتباعه بتثنية 24: 16 لدعم موقفهم. أعلن مجمع أفسس أن بيلاجيوس مهرطقًا عام 431. وأصبح تفسيره لعقيدة الإرادة الحرة معروفًا باسم البيلاجيانية"[56].

ـ عقيدة نسطور (386 - 451)م: والذي كان يعتقد ان للمسيح طبيعتين منفصلتين، أي ان للمسيح أقنومين، الى جانب الاعتقاد بأقنوم الأب وأقنوم الروح القدس!!

ـ عقيدة التروبيك: "فئة أخرى حاربت لاهوت الروح القدس. ظهرت في مصر ويبدو أن حركتهم مصرية محلية. كانوا أولاً محاربي عقيدة نيقية المتعلقة بلاهوت الابن ثم انفصلوا عنهم في سنة 358 ولكنهم بقوا ينكرون لاهوت الروح القدس. لم يكونوا كثيرين ولا ناجحين وقد عمل القديس اثناثيوس الكبير على القضاء عليهم (عقيدتهم). حيث عقد مجمعاً محلياً عام 362 وحكم عليهم محرماً اللى يقولون بأن الروح القدس مخلوق ومفصول عن جوهر المسيح وقد سماهم "التروبيك"في رسائله إلى سيرابيون أسقف قويس نسبة إلى كلمة يونانية تعني اللعب على الألفاظ وتفسير الآيات بغير موضعها. ولولا رسائل القديس المذكورة لما وصلنا حتى اسمهم"[57].

ـ يعقوب البرادعي (توفي 578م): وهو القائل بالطبيعة المونوفيزية التي سنشرحها بعد قليل، واتباعه يسمون باليعاقبة.

ـ عقيدة الميافيزية: الميافيزية هي العقيدة الدينية الخاصة بطبيعة المسيح لدى الكنائس الأرثوذكسية المشرقية (القبطية والسريانية والأرمنية). وترى أن ألوهة وبشرية المسيح متحدتان في طبيعة واحدة، لا يمكن فصلهما أو مزجهما أو تحويرهما. يعتبر أتباع الكنائس المتبعة لمجمع خلقيدونية هذه النظرة موافقة لعقيدتهم، غير أنهم يعتبرونها كذلك نوعا من أنواع المونوفيزية التي رفضها مجمع خلقيدونية. وهو الأتهام الذي يرفضه الأرثوذكس المشارقة[58].

ـ عقيدة ديوفيزية: الديوفيزية أو الطبيعتان (باليونانية: δυοφυσῖται)‏ هو مصطلح لاهوتي مسيحي يستعمل في شرح العلاقة بين الطبيعتين الإلهية والبشرية للمسيح بحسب أتباع مجمع خلقيدونية. بحسب هذه العقيدة فإن الطبيعتان الإلهية والبشرية موجودتان في أقنوم الابن من دون تدامج أو تغيير. يستعمل المصطلح كذلك في وصف العقيدة النسطورية التي ناقشها مجمع أفسس[59]. وهي عقيدة الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية.

ـ عقيدة المونوفيزية: أو الطبيعة الواحدة (باليونانية: Μονοφυσιτισμός)‏، هي عقيدة مسيحية بأن ليسوع طبيعة واحدة إلهية، وأن طبيعته البشرية امتزجت بهذه الطبيعة. ويمكن أختصار هذه الطبيعة في: "يسوع المسيح، الابن، هو شخص وأقنوم واحد بطبيعة واحدة: الإنسان الإله". تعتبر المونوفيزية فكرة معارضة لعقيدة مجمع خلقيدونية، والتي ترى أن للمسيح طبيعيتين إلهية وبشرية. وبالرغم من وصف الكنائس الأرثوذكسية المشرقية بكونها مونوفيزية، إلا أنها ترفض هذا الوصف وتفضل الرؤية الميافيزية في وصف عقيدتها[60]. وكان الغساسنة حكام بلاد الشام في الجاهلية يعتنقون هذا المذهب.

وفيما يلي نبذة عن نتائج أهم المجامع المسيحية المسكونية:

أولًا: مجمع نيقية سنة 325 م: تم اتعقاده لتقرير الايمان بالمسيح هل هو بحسب عقيدة بولس بأنه الإله وابن الإله، ام الايمان يكون بحسب إيمان آريوس وأن المسيح مخلوق. وفي هذا المجمع تم الانتصار لصالح عقيدة بولس، وتم وضع ما يعرف بقانون الايمان النيقاوي والذي انتهى بعبارة "نعم نؤمن بالروح القدس"! فقط. بدون الاشارة الى كونه الأقنوم الثالث!!

ثانيًا: مجمع القسطنطينية سنة 381 م: تم انعقاده للانتصار لعقيدة بولس على عقائد مقدونيوس، وأبوليناريوس اسقف اللاذقية، وسابيليوس. وتم فيه استكمال قانون الايمان والذي انتهى بعبارة: (وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي آمين)! وأصبح يطلق عليه: "القانون النيقاوي-القسطنطيني".

ثالثًا: مجمع أفسس سنة 431 م: وتم فيه التصدي لعقيدة نسطور بطريرك القسطنطينية وعزله من منصبه الكهنوتي! ويشكل ولادة مذهب النساطرة الذي انتشر في آسيا في اماكن واسعة، واليوم يعرفون في العراق بأسم (الآشوريون)! وفي هذا المجمع تم وضع مقدمة لقانون الايمان تقول: (نعظمك يا أم النور الحقيقي، ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله)إلخ! وادى هذا المجمع الى انشقاق المسيحية النسطورية عن بقية المسيحيين.

رابعاً: مجمع خلقيدونية سنة 451: ادى الى حدوث الانشقاق المهم والكبير بين الكنيستين الرومانية والبيزنطية من جهة وبين الكنائس المشرقية القبطية والسريانية والأرمنية (كنائس مصر والحبشة وسوريا وأرمينيا)، والتي اصبحت عقيدتها تسمى: (الآرثوذكسية غير الخلقيدونية) ويرفضون الاعتراف بشرعية هذا المجمع، في مقابل الآرثوذكسية الخلقيدونية التي تشمل الكنيستين الرومانية والبيزنطية. وكل هذه الانشقاقات بسبب ان هذا المجمع اقرّ ان للمسيح طبيعتين لاهوتية وناسوتية، بينما اصرّ اتباع الكنائس المشرقية (غير الخلقيدونية) بأن للمسيح طبيعة واحدة متحدة من اللاهوت والناسوت!!

خامساً. مجمع القسطنطينية الثاني سنة 553م: عقد لغرض النظر في كتابات ثيودورس الموبسوستي اسقف قيصرية كبادوكية الذي قيل انه يميل الى تعاليم أوريجانوس! وايضاً النظر في تعاليم ثيودوريتوس أسقف قورش الذى كتب كتابات ضد إبسالات كيرلس الاثني عشر وكذلك النظر في تعاليم إيباس الرهاوي أسقف الرها الذى كتب رسالة الى مارس أسقف العجم تطعن فى ابسالات كيرلس الإثنى عشر وفى مجمع أفسس وتدافع عن ثيوذروس ونسطوريوس.

وادان هذا المجمع بعض العقائد الأخرى منها:

ـ أدان القائلين بأنّ المسيح لم يصبح جسدًا حقيقيًّا بسبب الخطيئة، وأنّ نفوس البشر وُجدت قبل الأجساد، وأنّها عند موت الأجساد تنتقل إلى أجساد أخرى (بدعة التناسخ أو التقمّص)!

ـ ادانة تعاليم أوريجانوس الخاصة بإستعادة الخلاص في نهاية الأزمنة لكل الناس، ووجود نوع من المرتبية بين الاقانيم الثلاثة!

سادساً. مجمع القسطنطينية الثالث سنة 680م: عقد وناقش موضوع مشيئة المسيح، وأقرّ أن للمسيح مشيئة واحدة، في مجاولة منه لجمع الكنائس الخلقيدونية وغير الخلقيدونية تحت شعار المشيئة الواحدة بغض النظر عن الطبيعة الواحدة او الطبعتين!! ولكن هذا المجمع ادى الى انشقاقات جديدة، وظهور كنائس ترفض المشيئة واحدة فأضاف تعقيداً جديداً للتعقيدات العقائدية التي تسود الساحة الدينية المسيحية!!

سابعاً. مجمع نيقية الثاني سنة 787م: والذي أقرَّ ما يسمى بعبادة الآيقونات، ويقصد به ابداء الاحترام والسجود للآيقونات التي تمثل المسيح أو امه او القديسيين!!

هذه العقائد جميعها تبيّن غياب المعيارية في المسيحية بحيث يكون مخالفها خارج عن الدين او هرطوقي على حد تعبيرهم، وان قضية عصمة المجامع بالروح القدس لا مجال لقبولها لأن الواقع لا يؤيدها حيث تظهر الانقسامات بعد كل مجمع مسيحي على الأغلب.

تعليقات على الرسالة الى ديوجنيتُس

يوجد ترجمتان لهذه الرسالة باللغة العربية، الاولى هي ترجمة انطون فهمي جورج، والذي اصبح فيما بعد يعرف بأسم القمص أثناسيوس. والترجمة منشورة من قبل (كنيسة مار مرقس والبابا بطرس- الاسكندرية)، ومطبوعة في (مطبعة الأنبا رويس (الأوفست) – العباسية – القاهرة).

والترجمة الثانية هي ترجمة السيدة بولين تُدري أسعد، تمت طباعتها عن طريق "مؤسسة القديس أنطونيوس: المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية" بالقاهرة في نوفمبر 2004، وذلك في سلسلة "نصوص آبائية - 81"، وقام بمراجعته الأستاذ الدكتور نصحي عبد الشهيد[61].

تتكون هذه الرسالة من (12) فصل، سوف نستعرض كل فصلٍ منها وعنوانه ونصّه من خلال الترجمتين العربيتين الموجودتين له، ثم نعلق على بعض ما ورد في كل فصل.

الفصل الأول: سبب كتابة الرسالة

ترجمة السيدة بولين تُدري أسعد:

"انى ارى يا ديوجينيتوس انك تبذل جهدا عظيما لأستقصاء اخبار دين المسيحيين وانك تستخبر عنهم بدقة وعناية. من هو الاله الذى يتكلمون عنه؟ وما هو نوع العبادة التى تجعلهم يحتقرون المادة ويهزءون بالموت ولا يعترفون بآلهة اليونانيين ولا يمارسون خرافات اليهود؟ وما سر المحبة المتبادلة بينهم؟ ولماذا انتشر هذا الدم الجديد او الروح فى العالم اليوم لا قبل ذلك؟ انا من صميم قلبي ارحب بذلك المطلب منك واتضرع الى الله الذى يمكننا نحن الاثنين من السمع والكلام، ان يهبنى ان اتكلم فى كل هذه الامور وفوق كل شىء انك عندما تسمع سوف تنال بنيانا، وانت ايضا تسمع مني انا الذي اتكلم، انه لا يوجد سبب يجعلنى اتأسف اننى تكلمت".

وهذه ترجمة انطون فهمي جورج:

"أنا عالم باهتمامك الشديد الذي يدفعك لان تتعلم أيها الشريف ديوجنيتس عن تقوى المسيحيين، لاسيما وانك تسأل أسئلة منتقاة واضحة، وعنهم وعن الإله الذي يؤمنون به وكيف يعبدونه، وعما يدفعهم إلى الازدراء بالعالم والى الاستهانة بالموت، ويهمك أن تعرف لماذا لا يعترفون بالآلهة التي يعترف بها اليونانيون ولا يلتفتون إلى خرافات اليهود؟ وما هو سر حبهم بعضهم لبعض؟ وأيضًا لماذا لم يظهر هذا الشعب الجديد، بل قل هذا السلوك الجديد في الحياة إلى في هذه الأيام فقط، وليس في الماضي؟ وأنا أرحب بهذا الاهتمام البالغ واسأل الله الذي أعطى لنا قوة الكلام والاستماع، أن يعطيني الكلام الذي يفيدك وعندما تصغي، تجد (إجابة شافية على كل أسئلتك)، فلا تشعر بأنك خسرت شيئًا من إصغائك لكلامي".

التعليق:

السؤال بهذه الطريقة عن المسيحية ربما لأن المسيحيين كانوا في بدء حركتهم التبشيرية يتحركون بصورة سرية، ويجتمعون خفية عن اعين الناس، وهذا ما جعل المعلومات عنهم غير متوفرة لمن يرغب بالاطلاع على افكارهم آنذاك!

وبولس نفسه بدء دعوته التبشيرية لحوالي 14 سنة بصورة سرّية (من إظهاره الأيمان بيسوع سنة 36م إلى انتهاء انعقاد أول مجمع لتلاميذ المسـيح سنة 50م)، وهو نفسه تحدث عن هذا الموضوع. حيث قال: (ثم بعد أربعة عشر عاما صعدت أيضاً إلى أورشليم مع برنابا آخذاً معي تيطس أيضاً، وانما صعدت بموجب إعلان، وعرضت عليهم الإنجيل الذي ابشر به بين الأمم ولكن بالانفراد على المعتبرين لئـلا يكون مسعاي في الحاضر والماضي بلا جدوى)[62]، ونحن لا نعرف سبباً لهذه السرية سوى انه كان يحمل أفكاراً ومبادئ جديدة مخالفة لمباديء وعقيدة تلاميذ المسيح! مع إن يسوع المسيح قال: (أني كلمت العالم علانية أني علَّمت دائمـاً في المجمع والهيكل حيث يجتمع اليهود كلهـم ولم أقـل شيئاً في الخفية)[63].

وبعد ذهاب بولس مع برنابا وبرسابا وسيلا إلى إنطاكية[64]قرر إعلان عقيدته الجديدة في يسوع المسيح: (ننادي بمسيح مصلوب)[65]، فانفصل بذلك عن بطرس ويعقوب وبرنابا وبقية المؤمنين واخذ يبث دعوته بالاعتماد على أتباعه السرييـن الذين كونهم طيـلة 14 سنة من الخداع لتلاميذ المسيح والمؤمنين.

ونتيجة للدعوة السريّة لبولس، فقد ظهرت الخلافات بينه وبين تلاميذ المسيح بعد تحولها الى العلنية واتضاح الاختلافات الواسعة بين الطرفين! ونجد ارهاصات تلك الخلافات في رسائله كالتالي:

1. الخلاف بين بطرس وبولس:

اتهم بولس كلا من بطرس وبرنابا بالرياء[66]، فهل من المعقول ان يمارس بطرس وبرنابا الرياء وهما على ماكان عليه من الإيمان العميق والتضحية من أجل الإنجيل! أم أنَّ بولس اراد "هدمهما" معنوياً ليفسح الطريق لدعوته الصليبية لتمر بين الناس وتستغل سذاجتهم!

وكذلك اختلف بولس مع بطرس في شأن المعمودية! وسنتطرق بشيء من التفصيل إلى هاتين المسالتين في الفقرتين الآتيتين على التوالي.

2. الخلاف بين برنابا وبولس:

قال برنابا في مقدمة إنجيله: (أيها الأعزاء إن الله العظيم العجيب قد افتقدنا في هذه الأيام الأخيرة بنبيه يسوع المسيح برحمة عظيمة للتعليم والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثيرين بدعوى التقوى مبشرين بتعليم شديد الكفر داعين المسيح ابن الله ورافضين الختان الذي أمر به الله دائما ومجوزين كل لحم نجس، الذين ضلَّ في عدادهم بولس الذي لا أتكلم عنه إلا مع الأسى وهو السبب الذي لأجله اسطر ذلك الحق الذي رايته وسمعته إثناء معاشرتي ليسوع لكي تخلصوا ولا يضلكم الشيطان فتهلكوا في دينونة الله، وعليه فاحذروا كل أحد بتعليم جديد مضاد لما اكتبه لتخلصوا خلاصا أبديا)، وورد مثل هذا في خاتمة إنجيله.

فبذلك نجد إن الخلاف بين برنابا وبولس هو خلاف عقائدي نتيجة ثبات برنابا على عقيدته التي تعلمها من المسيح وانحراف بولس نحو تعليم جديد لم يبشر به يسوع المسيح، واما رواية العهد الجديد حول سبب الاختلاف بينهما فهي رواية غير مقبولة وسوف نستعرضها الآن ونبين أسباب عدم قبولنا لها:

قال لوقا في أعمال الرسل: (وبعد بضعة أيام قال بولس لبرنابا: "لنعد فنفتقد الاخوة في كل مدينة بشرنا فيها بكلام الرب ونرى كيف أحوالهم "، فأراد برنابا أن يستصحب يوحنا الذي يلقب بمرقس ورأى بولس أن لا يستصحب من فارقهما في بمفيلية ولم يكن معهما في إبان العمل، فتنازعا حتى فارق أحدهما الأخر فاستصحب برنابا مرقس وأبحر إلى قبرس واما بولس فاختار سيلا ومضى بعد أن استودعه الاخوة نعمة الله فطاف سورية وقيلقية يثبت الكنائس، وقَدِمَ دربة ثم لسترة)[67].

ولنناقش الآن هذه الرواية:

· إن مرقس واسمه يوحنا هو كاتب الإنجيل الثاني المشهور باسمه في العهد الجديد ـ بحسب التقليد المسيحي - وكان مرقس أحد وجهاء كنيسة أورشليم ومن كبار المبشرين بالإنجيل ! وهو الذي انشأ كنيسة الإسكندرية وقتل فيها سنة 68م [68]، ومن ذلك نستنتج إن انفصاله عن رحلة برنابا وبولس في بمفيلية وعودته إلى أورشليم لابد وأنها كانت لمصلحة الإنجيل، في حين إن الرواية المذكورة تشير إلى انه قد تركهم تقاعساً وتكاسلاً عن خدمـة الإنجيل وهذا ما لا يمكن لأي مسيحي أن ينسبه إلى مرقس.

· إن هناك علاقة مميّزة كانت تربط بولس مع مرقس حيث نجد إن بولس قـد وصف مرقس بصفـة المعاون له في التبشير وذلك في رسالته إلى فيلمون (24)، وأقام مرقس مع بولس في أثناء اسر بولس في روما سنة (61-63)م وذكره بولس في رسالته إلى أهل كولسي (10:4) ووصفه بأنه أحد الذين عملوا معه في سبيل ملكوت الله، وطلب بولس من تيموثاوس في رسالته الثانية إليه (11:4) اصطحاب مرقس إليه في أسره الثاني في روما سنة 66م.

· قال بولس نفسه في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (6:9): (أم أنا وبرنابا وحدنا لا يحق لنا أن نمتنع عن العمل؟)، فهو إذن يرى إن الامتناع عن العمل من حق الرسل وخدم الإنجيل، فمن المستبعد أن يختلف بولس مع برنابا من اجل مزاعم امتناع مرقس عن العمل معهم، إذ إن الخلاف بينهما اعمق من هذا.

3. الخلاف بين أبُلُّس وبولس:

قال بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (4:3): (وإذا كان أحدكم يقول أنا مع بولس والآخر: أنا مع أَبُلُّس، أ لـيس في ذلك دليل على إنكم بشر)، وفي نفس الرسالة (12:16): (أما أخونا أَبُلُّس فقد ألححت عليه كثيرا أن يذهب إليكم مع الاخوة فأبى بإصرار أن يأتيكم في الوقت الحاضر، وسيذهب عندما تسنح له الفرصة).

ولم يذكر بولس سبب رفض أَبُلُّس التعاون معه، وبدت هذه الجملة الأخيرة وكأنها وشاية عن أَبُلُّس.

وقد أشار لـوقا ـ وهو تلميذ بولس ـ في أعمال الرسل إلى الخلاف بين أَبُلُّس وبولس فقال: (وقدم أفسس يهودي أسمه أَبُلُّس من أهل الإسكندرية فصيح اللسان متبحر في الكتب وكان قد لُقِّن طريقة الله وأخذ يتكلم بقلب مضطرم ويُعلِّم ما يختص بيسوع تعليما دقيقا ولكنه لم يكن يعرف سوى معمودية يوحنا فشرع يتكلم في المجمع بجرأة)،إلى أن يقول: (فقد كان يرد على اليهود علانية ردا قويا مبينا من الكتب إن يسوع هو المسيح، وبينما أَبُلُّس في كورنثوس وصل بولس إلى أفسس بعدما جاز أعالي البلاد فلقي فيها بعض التلاميذ فقال لهم: هل نلتم الروح القدس حين آمنتم ؟ قالوا: لا، حتى إننا لم نسمع إن هناك روح قدس، فقال: فأية معمودية أعتمدتم ؟ قالوا: معمودية يوحنا، فقال بولس: إن يوحنا عمد معمودية التوبة طالبا من الشعب أن يؤمنوا بالذي يأتي بعده أي يسوع، فلما سمعوا ذلك اعتمدوا باسم الرب يسوع ووضع بولس يده عليهم!).

من هذا النص نستنتج إن أَبُلُّس كان متعمقا في دراسة الإنجيل وتعاليم يسوع المسيح ومن هذه صفاته لا يخفى عليه أمر المعمودية، وحيث انه كان يعمد بمعمودية يوحنا فهذا يدل على إنها نفسها معمودية المسيح وان المسيح لم يغيِّرها أو يأمر بتغييرها بعده، وكان بطرس يعمد بمعمودية يوحنا أيضا (أي التعميد بالماء) فقد روى لوقـا عنه في أعمال الرسل (47:10): (فقال بطرس: أيستطيع أحد أن يمنع هؤلاء من ماء المعمودية وقد نالوا الروح القدس مثلنا)، وفيليبس عمد وزير ملك الحبشة بالماء أي بمعمودية يوحنا[69]، فهي إذن معمودية أكابر الرسل تلاميذ المسيح والتي أبدلها بولس بمعمودية جافة ! بوضع اليد فقط[70].

4. الخلاف بين يعقوب وبولس:

هو يعقوب أخو الرب كما أطلق بولس هذا الاسم عليه[71]، ورد ذكره في إنجيل متى (55:13) من بين اخوة يسوع المسيح، وفي العهد الجديد رسالة باسمه، وصار رئيس كنيسة أورشليم بعد ترك بطرس لها[72]، وقيل انه يعقوب بن حلفي أحد التلاميذ الاثني عشر[73]، يروي لوقا في أعمال الرسل (15: 19و20و28) إن يعقوب هذا هو الذي اقترح عدم إلزام المؤمنين من أصل وثني (غير يهودي) بالعمل بالشريعة (التوراة) وان مجمع سنة 50م قد اخذ برأيه.

وفي المقابل فان يعقوب هذا كان من اشد المدافعين عن مسالة وجوب إلزام المؤمنين من اصل يهودي بالعمل بالشريعة (التوراة) ورسالته في العهد الجديد والتي وجهها إلى المؤمنين من بني إسرائيل طافحة بهذه الدعوة، ومما جاء فيها: (وقد يقال: أنت تؤمن وأنا اعمل، فارني إيمانك من غير أعمال أُرِكَ بأعمالي أيماني، أنت تؤمن بان الله واحد فقد أصبت وكذلك الشياطين تؤمن به وترتعد، أتـحب أن تعلم أيها الأبـله إن الأيمان من غيـر أعمال شيء عقيم)[74].

لكننا نجد إن بولس وهو من اصل يهودي قد تخلى عن العمل بالشريعة (التوراة) واتخذ لنفسه شريعةً جديدةً وديناً جديداً، وهو يعترف بذاك عن نفسه فيقول: (وصرت لأهل الشريعة من أهل الشريعة وان كنت لا اخضع للشريعة)….(مع إن لي شريعة من الله بخضوعي لشريعة المسيح)[75].

أعتراف بولس بوجود الخلاف مع أكابر الرسل: وللتأكيد على ما ورد في إنجيل برنابا من وجود الخلاف العقائدي بين برنابا وبولس فقد وردت في رسائل بولس العديد من الاعترافات الصريحة المباشرة وغير المباشرة بوجود مثل تلك الخلافات بينه وبين تلاميذ المسيح الذين أطلق عليهم هو نفسه اسم "أكابر الرسل"، وسوف نستعرض تلك الاعترافات حسب تسلسلها الزمني وكالآتي:

1. رسالة بولس الأولى إلى أهل تسالونيكي…كتبها حوالي (51-52)م.

افتتحها بذكر اسمه واسم معاونيه سلوانس (سيلا) وتيموثاوس، أما سلوانس فهو من اصل غير يهودي (اصل وثني)[76]، واما تيموثاوس فهو من أم يهودية وأب يوناني[77]، ولم يذكر بولس في هذه الرسالة أياً من تلاميذ المسيح مثل بطرس وبرنابا ويعقوب وغيرهم، وهذا يدل على انه لم يكن على نفس منهجهم الفكري والعقائدي وإلا لكان ذكرهم جميعاً ولتحدث باسمهم جميعا لاسيما وانهم اقدم منه إيماناً وهم الشهود على التعاليم الحقيقية التي جاء بها يسوع المسيح، وعدم ذكره أسمائهم في جميع رسائله هي ظاهرة جديرة بالاهتمام لأنـها تؤكـد ما ذكرناه من الخلاف بينه وبينهم.

2. رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي…كتبها حوالي (51-52)م.

أفتتحها أيضاً بذكر اسمه واسم سلوانس (سيلا) واسم تيموثاوس فقط دون الإشارة إلى غيرهم من الرسل والتلاميذ.

3. رسالة بولس إلى أهل غلاطية …كتبها حوالي سنة 54م.

افتتحهـا بولس بذكر اسمه فقط، وذكـر فيـها صراحة وجود مخالفـين لـه فـي العقيدة فقال: (عجبت لسرعة تخليكم هذه عن الذي دعاكم بنعمة المسيح وانصرافكم إلى إنجيل آخر وما هناك إنجيل آخر بل هناك قوم يلقون البلبلة بينكم وبغيتهم أن يبدلوا إنجيل المسيح)[78].

4. رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس…كتبها في ربيع سنة 57م.

ذكر فيها صراحة وجود مؤمنين لا يعترفون بصلب المسيح كما هو حال برنابا في إنجيله، فقال: (لان الكلام على الصليب حماقة عند الذين يسلكون سبيل الهلاك)[79].

5. رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس…كتبها في خريف سنة 57م

يذكر فيها بولس صراحة وجود دعوات مخالفة لدعوته من بين أكابر الرسل، قال: (فلو جاءكم أحد يبشركم بيسوع آخر لم نبشركم به ويعرض عليكم روحا غير الذي نلتموه وأنجيل غـير الـذي قبلتمـوه لاحتملتموه أحسـن احتمـال، وأرى أني لست أقل شأناً من أولئك الرسل الأكابر)[80]، فبين إن أصحاب الدعوات المضادة هم أكابر الرسل تلاميذ يسوع المسيح ومنهم بطرس ويعقوب وبرنابا وأَبُلُّس ثم اخذ يشتم أكابر الرسل تلاميذ المسيح فقال: (لان هؤلاء القوم رسل كذابون وعَمَلَة مخادعون يتزيون بزي رسل المسيح ولا عجب فالشيطان نفسه يتزيا بزي ملاك النور فليس بغريب أن يتزيا خدمه بزي خدم البر ولكن عاقبتهم تكون على قدر أعمالهم)[81]، ثم يعود ليبين إن أصحاب الدعـوات المخالفـة لدعوتـه هم أكابر الرسل فيقول: (فكان من حقي عليكم أن تُعَظِّموا شأني ولستُ أقلُ شأناً من أولئك الرسل الأكابر)[82].

ويشير بولس الى ان اصحاب الدعوات المخالفة لدعوته قد حققوا نجاحاً ادى الى فقدانه نفوذه العقائدي في اسيا حيث يقول: (فانّا لانريد أيها الاخوة ان تجهلوا الشدَّة التي ألمَّت بنا في اسيا فثقُلَت علينا جداً وجاوزت طاقتنا حتى يئسنا من الحياة)[83].

رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس..كتبها حوالي سنة 66م، قبل مقتله بسنة واحدة.
يعترف فيها بحدوث الانشقاق بينه وبين تلاميذ يسوع المسيح وهم كنيسة أورشليم وكنيسة إنطاكية فيقول: (أنت تعرف ان جميع الذيـن في اسـيا تخلّو عني ومنهم فيجلُّسُ وهرموجينيس)[84].

وهكذا يتضح جلياً وجود الخلاف العقائدي بين أكابر الرسل تلاميذ المسيح وبين بولس، بين الذين رأوا يسوع المسيح وامنوا به من جهة وبين من اضطهد يسوع وحاول صلبه وقتله ثم زعم الأيمان بإلوهيته المزعومة من جهة أخرى.

ونتيجة هذا الخلاف هو ان اغلب الذين اتّبعوا بولس في تلك الفترة لم يكونوا من اليهود الإنجيليين (اليهود الذين آمنوا بالمسيح وإنجيله السماوي في حياته).

أتباع بولس: ظهر يسوع المسيح لأكثر من 500 شخص بعد صلب شبيهه وقبل رفعه إلى السماء[85] ومع ذلك فان أيَ واحدٍ منهم لم يكن من اتباع بولس، ونجد بولس يقول في حوالي سنة 63م إن ارسترخس ومرقس ويسطس هم "وحدهم من اليهود الذين عملوا معي في سبيل ملكوت الله فكانوا عونا لي"[86]ولم يُنقَل إنَّ أياً من هؤلاءِ الثلاثة قد رأى المسيح !!!

كان لبولس 12 معاون من اصل غير يهودي (وثني) هم:

1. تيموثاوس: ورد اسمه في أعمال الرسل (1:16) و (22:19) أرسل بولس له رسالتين هما ضمن أسفار العهد الجديد.

2. سيلا: ورد اسمه في أعمال الرسل (40:15).

3. أرستُس: ورد اسمه في أعمال الرسل (22:19).

4. تيخيكُس: ورد اسمه في أعمال الرسل (4:20) وفي رسالة بولس إلى أهل افسس (21:6)

5. تروفيمس: ورد اسمه في أعمال الرسل (4:20) و(29:21).

6. ترتيوس: ورد اسمه في رسالة بولس إلى أهل روما (22:16).

7. تيطس: ورد اسمه في رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس (16:8).

ابفراس: ورد اسمه في رسالة بولس إلى أهل كولسي (7:1) و (14: 12-13) وفي رسالة بولس إلى فيلمون (23).
9. أونسيموس: ورد اسمه في رسالة بولس إلى أهل كولسي (9:4).

10. لوقا: ورد اسمه في رسالـة بولس إلى أهـل كولـسي (9:4) ورسالـة بولس إلى فيلمون (23).

11. ديماس: ورد اسمه في رسالة بولس إلى أهل كولسي (14:4) ورسالته إلى فيلمون (23) لكنه ترك بولس قبل مقتله بفترة قليلة وزعم بولس إن ديماس تركه حباً للدنيا[87] !!

12. أرخيبوس: ورد اسمه في رسالة بولس إلى فيلمون (2).

إذن كان لبولس (15) معاوناً فقط، (3) من أصل يهودي، و(12) من أصل وثني! فأين ذهب تلاميذ المسيح الاثني عشر وهم أكابر الرسل بل أين ذهب الخمسمائة مؤمن الذين رأوا يسوع قبل رفعه إلى السماء ؟ لماذا لم يتعاونوا مع بولس ولم يُذكر اياً منهم في رسائله، وكأنه الوحيد الذي عرف المسيح وامن به !؟ الجواب واضح بلا شك، فقد كان بطرس خليفة المسيح والمؤمنون في وادٍ، وبولس واتباعه في وادٍ آخر.

هكذا وُلِدَت المسيحية: تبشير سرّي، وعقيدة جديدة بمسيح مصلوب، وخلافات مع "اليهود الإنجيليين"[88]، ورحلات في بلاد الوثنيين!

وعبر التاريخ كانت المسيحية تمارس السرّية في ممارسة طقوسها كلما تعرضت للاضطهاد! ويتظاهر المسيحيون بأنهم على دين غير دينهم، بحسب المنطقة الجغرافية التي ينتمون اليها والظروف السياسية التي يواجهونها!! فكانت المسيحية تمارس ما يُعرف في الاسلام بـ "التقيّة". أي إظهار الكفر وإخفاء الإيمان.

الهوامش:

[1] مدرسة الاسكندرية مع سيرة وكتابات أثيتاغوراس وبنتينوس / الأنبا موسى أسقف الشباب / دار فيلو باترون للترجمة والنشر / طبعة ثانية، 1996م - ص144.

[2] مقال بعنوان (المدخل في علم الباترولوجي -1- بدء الأدب المسيحي الآبائي: كتاب الآباء الرسوليون - القمص تادرس يعقوب ملطي 17- الرسالة إلى ديوجنيتس)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت القبطي الآرثوذكسي، عبر الرابط: https://bit.ly/3uXmTaY

17- الرسالة إلى ديوجنيتس، منشورة في موقع الانبا تكلا هيمانوت، تراث الكنيسة القبطية الآرثوذكسية، عبر الرابط:
https://bit.ly/3uXmTaY

[3] مقال بعنوان (كتاب مدخل في علم الآبائيات: الباترولوجي - القمص أثناسيوس فهمي جورج 64- مقدمة عن الآباء المدافعين)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت، تراث الكنيسة القبطية الارثوذكسية، عبر الرابط:
 https://bit.ly/2O1u8OB

[4] نظرة شاملة لعلم الباترولوجي في السنة قرون الاولى / القمص تادرس يعقوب ملطي / كنيسة الشهيد العظيم مار جرجس باسبورتنج – الاسكندرية / الطبعة الاولى، 2008م - ص23.

[5] المصدر السابق.

[6] مقال بعنوان (مدخل إلى علم آباء الكنيسة)، منشور في موقع القديسة تيريزا، عبر الرابط
: https://bit.ly/2O5rzuX

[7] مدرسة الاسكندرية مع سيرة وكتابات أثيتاغوراس وبنتينوس / الأنبا موسى أسقف الشباب - ص145.

[8] مقال عن الرسالة الى ديوجينيتوس منشور في موقع دليل الايمان، عبر الرابط: https://bit.ly/38bhdAi

[9] المصدر السابق.

[10] اسقف ليون في الغال (فرنسا)، قيل إنه ولد حوالي عام 115-125، وقيل إنه وُلد حوالي عام 140 م. (أو ما بين 130-142).

[11] مقال بعنوان (القديس الشهيد هيبوليتس الروماني)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت، عبر الرابط:

https://bit.ly/3kM6gdD

[12] مقال بعنوان: (كتاب مدخل في علم الآبائيات: الباترولوجي - القمص أثناسيوس فهمي جورج، 66- الرسالة إلى ديوجينيتس)، منشور في موقع الانباء تكلا هيمانوت، تراث الكنيسة القبطية الآرثوذكسية، عبر الرابط:
 https://bit.ly/2O6yfZD

[13] راجع مقالنا الموسوم (رسالة كوادراتوس الى القيصر ادريانوس)، والمنشور في موقع (كتابات في الميزان)، عبر الرابط:
 https://bit.ly/387C6fJ

[14] مقال بعنوان (65- كوادراتوس: سيرة - تعاليم - أقوال)، مستل من (كتاب مدخل في علم الآبائيات: الباترولوجي - القمص أثناسيوس فهمي جورج)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت، تراث الكنيسة الآرثوذكسية القبطية، عبر الرابط:
 https://bit.ly/2PrK9O4

[15] مقال بعنوان (المدخل في علم الباترولوجي -1- بدء الأدب المسيحي الآبائي: كتاب الآباء الرسوليون - القمص تادرس يعقوب ملطي 18- كوادراتس)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت، تراث الكنيسة القبطية الآرثوذكسية، عبر الرابط: https://bit.ly/3bWTftS

[16] مقال بعنوان (كتاب مدخل في علم الآبائيات: الباترولوجي - القمص أثناسيوس فهمي جورج، 65- كوادراتوس: سيرة - تعاليم – أقوال)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت، تراث الكنيسة القبطية الآرثوذكسية. عبر الرابط:
 https://bit.ly/2PrK9O4

[17] راجع مقالنا الموسوم (رسالة كوادراتوس الى القيصر ادريانوس)، والمنشور في موقع (كتابات في الميزان)، عبر الرابط:
 https://bit.ly/387C6fJ

[18] مدرسة الاسكندرية مع سيرة وكتابات أثيتاغوراس وبنتينوس / الأنبا موسى أسقف الشباب - ص145.

[19] المصدر السابق.

[20] مقال بعنوان: (كتاب مدخل في علم الآبائيات: الباترولوجي - القمص أثناسيوس فهمي جورج، 66- الرسالة إلى ديوجينيتس)، منشور في موقع الانباء تكلا هيمانوت، تراث الكنيسة القبطية الآرثوذكسية، عبر الرابط:
 https://bit.ly/2O6yfZD

[21] مدرسة الاسكندرية مع سيرة وكتابات أثيتاغوراس وبنتينوس / الأنبا موسى أسقف الشباب – ص144.

[22] مقال بعنوان (كتاب الرسالة إلى ديوجنيتس (من الأدب المسيحي الأول) - القمص أثناسيوس فهمي جورج

18- المصادر والمراجع)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت الارثوذكسي القبطي، عبر الرابط:

[23] مقال بعنوان (دوافع تجميع قانون العهد الجديد)، بقلم القمص عبد المسيح بسيط، منشور في موقع فريق الدفاع اللاهوتي، عبر الرابط:
 https://bit.ly/2Oo0yTc

[24] مقال بعنوان (تامل في شخصية المسيح (2) مقال للانبا يوحنا قلته)، منشور في موقع (كنيسة الاسكندرية للاقباط الكاثوليك بمصر)، عبر الرابط:
 http://bit.ly/3kLfqHg

[25] موقع المعرفة، تحت عنوان (نقاش: صلب المسيح)، عبر الرابط:
 http://bit.ly/3c66NmX

[26] الكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة)، الحواشي على انجيل يوحنا ـ ص 479.

[27] مقال بعنوان "39- البدع والهرطقات: 2- الأبيونية" مستل من كتاب (مذكرات في تاريخ الكنيسة المسيحية - القمص ميخائيل جريس ميخائيل)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت، عبر الرابط: https://bit.ly/3qbwY0w

[28] الكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة) ـ الحواشي على العهد الجديد ص 478 .

[29] أنجيل مرقس (1: 1-5).

[30] أنجيل مرقس (1: 14).

[31] العهد الجديد (بولس باسيم) ـ ص 70 الهامش.

[32] أنجيل مرقس (1: 9).

[33] أنجيل متى (14:3).

[34] أنجيل متى (14:9).

[35] أنجيل متى (14:3).

[36] أنجيل متى (11: 2و3).

[37] رؤيا يوحنا (6:2).

[38] العهد الجديد (بولس باسيم) ـ ص 964 الهامش.

[39] رسالة بولس الثانية الى أهل كورنثوس (1: 8).

[40] العهد الجديد (بولس باسيم) ـ ص 694 الهامش.

[41] أعمال الرسل (5:6).

[42] أعمال الرسل (5:6).

[43] العهد الجديد (بولس باسيم) ـ ص486 الهامش.

[44] الكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة)، الحواشي على أعمال الرسل ـ ص 484و485. ويزعم أتباع بولس ان اولئك السبعة كانوا مقامين علىأسرار يسوع المسيح !! ومع ذلك لم يكن اياً منهم من اتباع بولس أو معاونيه ولم يذكر بولس أياً منهم في رسائله ؟!

[45] ترجمة طبعة العهد الجديد (بولس باسيم).

[46] كان اليهود يظنون أنهم ألقوا القبض على يسوع وصلبوه وقتلوه، ورغم ان أستيفانُس كان يعلم كذب ذلك كله الا انه كان يحتج عليهم بما كانوا يعتقدون.

[47] ترجمة طبعة العهد الجديد (روفائيل الاول).

[48] أعمال الرسل (38:8).

[49] أعمال الرسل (6:19).

[50] الكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة)، الحواشي على رؤيا يوحنا ـ ص 504.

[51] العهد الجديد (بولس باسيم) ـ ص959.

[52] الكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة)، الحواشي على أعمال الرسل ـ ص 484و485.

[53] مقال بعنوان (10- تأثير تعاليم أوريجانوس فيما يخص البدع الخاصة بالروح القدس)، مستل من كتاب (المجامع المسكونية والهرطقات - الأنبا بيشوي)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت القبطي الآرثوذكسي، عبر الرابط:

https://bit.ly/2MLA0La

[54] مقال بعنوان (36- هرطقة أبوليناريوس أسقف اللاذقية)، مستل من كتاب (المجامع المسكونية والهرطقات - الأنبا بيشوي)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت الارثوذكسي القبطي، عبر الرابط:
https://bit.ly/30eX3Ba

[55] مقال بعنوان (تادرس أسقف الميصة | ثيؤدور أسقف المصيصة | الأنطاكي)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت القبطي الآرثوذكسي، عبر الرابط:
 https://bit.ly/3kP7qFw

[56] موقع الموسوعة الحرة، الويكيبيديا، تحت عنوان (بيلاجيوس)، عبر الرابط:
 https://bit.ly/3rkiCMz

[57] موقع الموسوعة الحرة، الويكيبيديا، تحت عنوان (مكدونيوس)، عبر الرابط:
 http://bit.ly/3qjkDaH

[58] موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرّة، تحت عنوان (الميافيزية)، عبر الرابط:
 http://bit.ly/3sPTVIq

[59] موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرّة، نحن عنوان (الديوفيزية)، عبر الرابط:
 http://bit.ly/2PB7fSD

[60] موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرّة، تحت عنوان (المونوفيزية)، عبر الرابط:
 http://bit.ly/2PvSznD

[61] هذه المعلومات من موقع الانبا تكلا هيمانوت القبطي الآرثوذكسي، عبر الرابط:
 https://bit.ly/3sNy3NG

[62] رسالة بولس إلى أهل غلاطية (2:1و2).

[63] إنجيل يوحنا (20:18).

[64] أعمال الرسل (15: 25 و27 و30).

[65] رسالة بولس الأولى الى أهل كورنثوس (23:1).

[66] رسالة بولس إلى أهل غلاطية (2: 11ـ14).

[67] أعمال الرسل (15: 36 ـ 16: 1).

[68] العهد الجديد (المطبعة الكاثوليكية) ـ ص 103.

[69] أعمال الرسل (38:8).

[70] أعمال الرسل (6:19) و الرسالة إلى العبرانيين (2:6).

[71] رسالة بولس إلى أهل غلاطية (19:1).

[72] العهد الجديد (بولس باسيم) ـ ص511 الهامش.

[73] المصدر السابق ـ ص 892.

[74] رسالة يعقوب (2: 18ـ20).

[75] رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس (9: 19ـ23).

[76] يدل على ذلك إن بولس لم يذكره مع من ذكرهم من اتباعه الذين هم من اصل يهودي في رسالته إلى أهل كولسي (4: 10و11)، بالإضافة إلى إن لديه

اسمين غير يهوديين.

[77] أعمال الرسل (16: 1-3).

[78] رسالة بولس إلى أهل غلاطية (1: 6و7).

[79] رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس (18:1).

[80] رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس (11: 4و5).

[81] رسالة بولس الثانية الى أهل كورنثوس (1: 13-15).

[82] رسالة بولس الثانية الى أهل كورنثوس (12: 11).

[83] رسالة بولس الثانية الى أهل كورنثوس (8:1).

[84] رسالة بولس الثانية إلي تيموثاوس (1: 15).

[85] رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس (6:15).

[86] رسالة بولس إلى أهل كولسي (11:4).

[87] رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس (9:4).

[88] المؤمنين برسالة المسيح بن مريم (عليهما السلام) وإنجيله السماوي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/05



كتابة تعليق لموضوع : تعليقات على "الرسالة إلى ديوجينيتُس" - 1 / 3
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net