صفحة الكاتب : مير ئاكره يي

الغصب في الاسلام وقضية غصب كوردستان الجزء الخامس
مير ئاكره يي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أحكام الغصب ؛ 
إن الشريعة الاسلامية قد وضعت أحكاما واضحة بشأن الغصب بجميع أقسامه وأنواعه ، وإنها إعتبر الغصب عدوانا وجريمة وجناية كبيرة يعاقب فاعلها ، أو فاعلوها في الدارين ، أي في الدنيا والآخرة . في الآخرة فإن للغاصبين والمحتلين حسابهم عند ربهم سبحانه ، فإنه سيؤاخذهم أخذ عزيز مقتدر بما كسبت أيديهم من التجاوز والظلم والعدوان على الناس والغمط لحقوقهم ، وبما إرتكبوه من السلب والغصب لثرواتهم وأراضيهم وممتلكاتهم ! . 
أما في الدنيا ، فالشريعة الاسلامية قننت أحكاما جلية المعالم وعادلة الأركان عن الغصب والاحتلال ، وعن الغاصبين والمحتلين لحقوق وأراضي الشعوب وثرواتهم ، أو إحتلال جزء أو أجزاء من أراضيهم وثرواتهم الوطنية ! 
ذلك أن من أكبر وأعظم المقاصد والأهداف في بعثة الأنبياء ( عليهم الصلاة السلام ) ، وعلى الخصوص بعثة خاتمهم رسول الله محمد ( صلى الله عيه وآله وسلم ) هو محاولة رفع التظالم والمظالم والتجاوزات بين الناس ، لأنها تتناقض مع مبدأ العدالة والأخوة والمحبة والتعارف والتعاوان فيما بينهم كأفراد ، أوفيما بينهم كشعوب وقوميات . لهذا قد يكون الغصب الأكبر [ أي الاحتلال ] هو أشنع وأحط وأكبر أنواع المظالم والتجاوزات العدوانية والاجرامية ، لأنه المصدر لشتى صنوف الشرور والجنايات والاعتداءات المباشرة على كرامة الناس وحريتهم وحقوقهم ونفوسهم ودمائهم . وهذا بالتأكيد ماحرمه الاسلام ورفضه رفضا قاطعا . 
على هذا فقد قررت الشريعة الاسلامية إزاء الحقوق الغصبية لفرد أو أفراد ، أو لشعب مايلي ؛ 
1-/ رد جميع الحقوق الغصبية ، أي تلكم الحقوق أكانت أرضا ، أو بستانا ، أو بيتا ، أو سيارة ، أو عملات نقدية وغيرها التي تعرضت للسلب ، أو تم الاستيلاء عليها بالقهر والقوة الى أصحابها ، إن كانت موجودة وقائمة ، وإن أصابتها التلف والهلاك ، فعلى الغاصب حينها ضمان تلكم الحقوق كاملة . وإن كان الغاصب كان قد إستخدم وإستثمر الحقوق المذكورة في أمور تجارية ، أو في إستثمارات ، فإنه في هذه الحال ستعود الحقوق كاملة مع فوائدها الى المغصوبين المتضررين جراء الغصب الاستيلائي . أما إن رافق الغصب الاستيلائي جريمة قتل عندها تصبح الجريمة جريمتان ؛ الأولى جريمة الاستيلاء والعدوان والغصب بالقوة ، والثانية جريمة القتل المحرمة ، حيث تتكفل هذه المحكمة العادلة . 
2-/ إن المحكمة العادلة هي التي تقرر حكمها النهائي بالنسبة للغاصب ، أو الغاصبين ليلاقوا الجزاء العادل لما إقترفوه من الجرم والجناية بحقوق الناس كأراض وأموال وممتلكات ، أو كان على صعيد سفك الدماء البريئة . 
3-/ إن كان الغصب من قِبَلِ شعب ، أو حكومة على شعب آخر ، أو حكومة أخرى ورافقه القتل وإراقة الدماء المحرمة ، فإنه في هذه الحالة تصبح القضية قضيتنان جرميتان هما ؛ 
ألف -/ قضية القتل وسفك الدماء البريئة . 
ب-/ قضية الحقوق المغصوبة التي تشمل الأراضي والبساتين والغابات والمياه والنفط والغاز والمعادن وغيرها . 
4-/ يختلف الحكم الشرعي القانوني من حيث الفترة الزمنية للاستيلاء الغصبي الاحتلالي على حقوق شعب ما . إذ كلما تقادم الزمن كلما إزدادت النفقات والتغريمات والتعويضات والأحكام على الغاصبين المحتلين الاستيلائيين على حقوق شعب ما بالقوة والقهر والغدر ، وبخاصة اذا علمنا أن حقوقا مغصوبة في غاية الأهمية القصوى كالنفط والغاز والمعادن لها كبرى الفوائد والأرباح في هذا العصر . لذا فإن جميع الأرباح والفوائد التي جناها الغاصب منها هي ملك لأصحابها المغصوبين ، مع التعويضات الأخرى جراء جريمة الاحتلال الغصبية ! . 
5-/ لايختلف الحكم الشرعي كثيرا بالنسبة للغاصب إن هو ورث حالة الغصب والاحتلال من أحد ما ، أو جهة ما ، لأن الغصب والاحتلال سواء كان مباشرة ، أو أن غاصبا قد ورث الحالة الغصبية الاحتلالية من غيره ، فالحكم لايختلف إلاّ قليلا ، لأن الغصب والاحتلال هو الغصب والاحتلال ، مثل حالة كوردستان التي تم تقسمها وتوزيع شعبها الكوردي على دولتين عربيتين هما سوريا والعراق ، وعلى تركيا وسوريا وأرمينيا من قبل بريطانيا وفرنسا في إتقاقية سايكس – بيكو المعروفة المنعقدة بينهم عام 1916 من القرن الماضي . 
6-/ يجب على الغاصب ، أو الغاصبين ترك الغصب الممنوع والمحرم والانسحاب من الأراضي التي غصبها وآستولى عليها قهرا وعنوة وجورا وبغير رضا شعبها وأصحابها الحقيقيين . 
وفي أحكام الغصب أيضا يقول الدكتور وهبة الزحيلي ؛ [ للغصب أحكام ثلاثة ؛ الإثم لِمَنْ علم انه مال الغير ، ورد العين المغصوبة مادامت قائمة ، وضمانها اذا هلكت . 
الحكم الأول ؛ الإثم ، وهو إستحقاق المؤاخذة في الأخرة ، اذا فعل الغصب عالما ان المغصوب مال الغير ، لأن ذلك معصية ، وإرتكاب المعصية همدا موجب للمؤاخذة ، لقوله عليه الصلاة والسلام ( من غصب شبرا من أرض ، طوّقه الله تعالى من سبع أرضين يوم القيامة ) . 
الحكم الثاني ؛ رد العين المغصوبة مادامت قائمة ، والكلام فيه في مواضع هي ؛ سبب وجود الرد وشروط الرد ومكانه ومؤنته ، ومايصير به المالك مستردا . إتفق الفقهاء على انه يجب رد العين المغصوبة الى صاحبها حال قيامها ووجودها بذاته لقوله  صلى الله عليه وسلم  ؛ ( على اليد ماأخذن حتى تؤدّيه ) ، ( ولايأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ، ولالعبا ، واذا أخذ أحدكم عصا أخيه ، فليردّه اليه ) . وترد الى مكان الغصب لتفاوت القيم بإختلاف الأماكن . 
ومؤونة الرد ( نفقته ) على الغاصب ، لأنها من ضرورات الرد ، فإذا وجب عليه الرد ، وجب عليه ماهو ضروراته كما في العارية  ، فيصير المالك مستردا للمغصوب ، بإثبات يده عليه ، لأنه صار مغصوبا بتفويت يده عنه ، فإذا أثبت يده عايه ، فقد أعاده الى يده ، وزالت يد الغاصب عنه . 
الحكم الثالث ؛ ضمان المغصوب اذا هلك . ] ( 26 ) . 
وعن أحكام الغصب أيضا يقول الأستاذ سيد سابق ؛ [ ومن زرع في أرض مغصوبة ، فالزرع لصاحب الأرض بع الحصاد إلاّ الأجرة . أما اذا كان غرس فيها فإنه يجب قلع ماغرسه ، وكذلك اذا بنى عليها فإنه يجب هدم مابناه . ففي حديث رافع أن رسول الله ثلى الله عليه وسلم قال ؛ { من زرع في أرض قوم بغير إذنهم ، فليس له من الأمر شيء ، وله نفقته } ] ( 27 ) . 
ويقول إبن رشد الأندلسي الفقيه والفيلسوف المعروف ؛ [ الواجب على الغاصب رد المال القائم بعينه  ، وهو الواجب في الغصب  : والواجب على الغاصب إن كام المال قائما عنده بعينه لم تدخله زيادة ولانقصان أن يرده بعينه ، وهذا لاخلاف فيه ] ( 28 ) . 
ثم يضيف إبن رشد الأندلسي ؛ [ اذا كان النقص بجناية الغاصب : وأما اذا كان النقص بجناية الغاصب ، فالمغصوب مخيّر في المذهب بين أن يضمنه القيمة يوم الغصب أو يأخذه ، وما نقصته الجناية يوم الجناية ] ( 29 ) . 
أما الفقيه عبدالغني الغنيمي فيقول عن أحكام الغصب ؛ [ ومن زرع شيئا مما له ، فهلك في يده ، فعليه ضمان مثله ، وإن كان لامثل له فعليه قيمته يوم الغصب . وعلى الغاصب رد العين المغصوبة ، فإذا آدّعى هلاكها حبسه الحاكم حتى يعلم انها لو كانت باقية لأظهرها ، ثم قضى عليه ببدلها ] 30 )  . 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مير ئاكره يي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/14



كتابة تعليق لموضوع : الغصب في الاسلام وقضية غصب كوردستان الجزء الخامس
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net