صفحة الكاتب : د . عبد الحسين العطواني

حقوق المواطن ... بين النهب وصراع المتنفذين
د . عبد الحسين العطواني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من بديهيات الامور خاصة منذ نشأة فكرة الاحزاب السياسية المنظمة ، في المجتمعات البشرية ، بإن عملية التغيير الناجحة تعتمد على وجود طرفين يؤدي كل طرف منهما دوره في عملية التغيير بشكل يتكامل مع دور الطرف الآخر ، وهما حزب منظم وشعب متحفز ، لذلك فان مسألة توفيرافضل المناخات ووسائلها للحصول على اكثر مايمكن من الحقوق الشعبية فهي من مهمة الاحزاب المنظمة ، واذا رأى بعضهم عكس ذلك فهذا يعني انه لاحاجة للأحزاب .
ولان نجاح التجربة يكمن في ان تظل منضبطة بين التنفيذ والتفاعل والرقابة اليقظة على التنفيذ ، وهذا الاطار الشمولي سيكون محك نجاح اي حركة ، او تيار، او فصيل ، بغض النظر عن برنامجه السياسي والاصلاحي ، وهنا لن يكون مهما” الواصلون الى مقاليد الحكم مفكرين ، اوعلماء ، بل المهم ان تتوافر فيهم مؤهلات القيادة واستعداداتها ، وان يتوافر فيهم نضوج الفكرة والرغبة الكاملة والارادة الحازمة في تبني المشروع وتحويل الفكرة او النموذج الى واقع ، اما بخلاف ذلك فستظل عملية الاصلاح عملية مملة واستبدادية واعادة لشريط الفترة التأريخية السابقة , ولكن بوجوه واحداث مختلفة ، كمن هو المريض الذي يحس بالآلم ويصرخ من وجعه لكنه لايستطيتع من معالجة نفسه ، متناسين ان الشعور بالآلم شيء ووصف العلاج شيء اخر، هذا يحصل في حالة واحدة ، وهي عندما يكون الانسان مريضا وطبيبا في آن معا ، واذا حصل فيكون الشعب بمستوى الثائر والقائد معا ، فعندئذ تحصل المعجزة .
ولذلك بانه من لم يأبه لاي من الاعتبارات المتعلقة بمفهوم القيادة العليا كقبول المجتمع بمن يمسك مقاليد الحكم قبولا مشروطا يتحمل كامل مسؤولياته السياسية ، وان هذا التراضي والقبول بين الحاكم والمحكوم يحول الحاكم الى أجير ، عليه اداء واجبات ادارة السلطة ادارة كفوءة ، وان من اهم تلك الواجبات هي حفظ حقوق المواطنة لكل مواطن ، وحشد موارد المجتمع وامكاناته وموارده من اجل رفاهيته, مقابل التزام مواطنيه بالقوانين الصادرة ، ولان المفاهيم مختلفة او مزدوجة المعايير عند هذا النموذج فانه يتمادى الى ماهو اسوأ من ذلك ليجعل الاجير مستأجرا ، والمسؤول سائلا ، والانتهاك حفظا ، والاستعباد حرية ، والاستبداد عدلا ، ولذلك كان يستلب طاعة شعبه بالانشطة والفعاليات الاستعراضية ، وبالقرارات المدججة بالجهاز الامني والعسكري الذي يحمي تلك الالاعيب السياسية بالاعتقال وسلب الحرية .
قد يتسائل البعض لماذا حصل التمادي في العراق على هذا النموذج ، يمكن القول بان من اهم الاسباب التي ادت لذلك ، هناك توجه اعتمدته عدد من الكيانات والاحزاب ان الدولة يجب ان تسخرامكاناتها لهذه التنظيمات ، وهذا ادى الى تمزق العراق وانقساماته وتأثيرواضح لمراكز القوى الدولية والاقليمية ، نتج عنه عوامل مختلفة كالتفكك ، وضعف التنمية ، وصراع على مغانم السلطة ، مع تهشم مستوى الوطنية وغموضها لدى البعض من المسؤولين ، في ظل المشروعات التي نشأت في سياق هذه الكيانات ، في حين لو امكن المواءمة بينهما لما تغلب واحدة منهما على الاخرى ، ربما يكون اي شئ لبناء دولة قادرة ومستقلة لاينفصل عن السعي الى بلورة تصور وطني وصحوة وطنية تتنهض بأولوية العراق ونهائيته وتقول ان من لايعمل بهذا لايكون في صفوف الوطنيين .
ومن اجل انقاذ العراق الذي تهدده اللاشيئية والافلاس المالي ، وتحيق به التحديات والازمات المستقبلية ، ومن اجل استنهاضه واعماره باستثمار الجهود واستجماعها لمنطقة الانتاج والتطوير ، واطفاء حرائق الطاقات واخماد حروب الجهود الموجهة امكاناتها ونتائجها ومآلاتها الى منطقة الهدر والتضييع والتفريط نتيجة الفساد المستشري في اغلب مؤسسات الدولة ، واستحواذ الجهات المتنفذة على المال العام ، اصبح لزاما محاسبة المفسدين المتسلطين على رقاب العراقيين ليصبح العراق عاجزا عن دفع مرتبات موظفيه بعد ان سرقوا عشرات المليارات من الدولارات واستثمارها لحساباتهم الخاصة خارج البلاد ، والانتقال التكتيكي الذكي من ساحات المعارك المختلف عليها الى الساحات المتفق عليها من مناطق البناء والنمو والمكتسبات . بعيدا عن الوسوسة والبرامج المفخخة ، وبعيدا عن الانسياق نحو التقليد الاعمى والاقتباس العشوائي وبعيدا عن الاجندات واستيراد الافكار المعلبة التي لم تخضع للتقويم والمراجعة والتجريب التي تبناها البعض ، لاسيما الخارجين عن القانون غرر بهم وزجوا في تظاهرات تشرين وما صاحبها من ممارسات لاخلاقية لم يشهد لها المجتمع العراقي عبرعاداته .
وبالتالي يمكن احترام معاناة القاعدة الجماهيرية ومشكلاتها وازماتها ونقاط ضعفها ، والنهوض بها ، والعمل على تصميم البرامج مع المشروعات المؤدية الى رفع المعرفة والوعي والادراك والمواكبة المؤدية الى حل مشكلاتها وازماتها ، وهذا الاسلوب يستخدم حينا بطريقة شريره للوصول الى المآرب والاطماع غير المستحقة ، فيكون عندها مؤامرة ، ويستخدم حينا آخر بطريقة خيرة وبنائية وتطويرية او تفاديا للمأزق او المشكلة فيكون عندها اخلاصا واصلاحا .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد الحسين العطواني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/12/26



كتابة تعليق لموضوع : حقوق المواطن ... بين النهب وصراع المتنفذين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net