صفحة الكاتب : مصطفى منيغ

سنَة المِياه الأَسِنَة
مصطفى منيغ

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

سنةٌ جديدةُ تطلُّ على الدنيا الفانِية ، أسوأ مِن سابقتها الحالية ، بعدَ ثمانية عشرة من أيَّامها الباقية ، تتضاعف خلالها المشاكل بين دول عُظمَى أقواها المالية ، تطال استثمارات مباحة على الغشِّ كانت مبنيَّة ، بآليات لا تناسب هشاشة البنيات التحتية ، في بلاد متخلِّفة طغت على أركانها حلول الترقيعات السياسية ، غير المراعية لتحديات الأعوام القليلة الآتية ، مَن ابتسمَ انتظاراً لمَقْدَمِها المفعم بالرفاهية ، البارحة على صحة توقعاتها بَكَى بما فوق وجوه الوُجهاء جارِية ، أمّا اليوم عمَّ التجهم حتّى يأسَه لعلامات استباقية عن اضطراباتها المخيفة بمصائبها الاستثنائية ، وغداً تجفُّ (بسبب مجريات واقعها الملموس) في مَآقِِيهِ الدموع حينما يعوّضها الأنين المُتَعالََى من صدور شبيهة صدره عارية ، كشف الازدحام عن حاجة أصحابها بالملايين لضرورة الحصول (كأضعف الإيمان) على وَجْبَةِ غذاءٍ واحدة وإن كانت للمعيشة العادية غير كافية .

لبنان بلا حكومة تتقلَّب على ظروف قاسية ، موردها ممَّا تقتات به مستورد حيث بقيت لها بين أقطار بعيدة جالية ، تتقاسم مع حالها آخر نَفَسٍ تستنشقه قبل انتشار ضباب بارود حربٍ في الأفق بادية ، بعدها وللوضوح قبل التوضيح لا وجود ممكن لطوائف ولا قِوَى جنوبية ، بل وضعية لا تقيم أي وزن للمعتقدات الدينية ، في اختيار مناصب التدبير ذي النفوذ العالية ، إلا ما تفرضه تلك المتدخّلة الأجنبية ، المالكة السيف والطعام وفكرة معاداة ديمقراطية أوصلت لبنان جوهرة الشرق الانتحار الطوعي ملقية بجمالها وقدّها الإستراتيجي بين أمواج (أطماع متعددة الجنسيات) طاغية . فعلى حكام آخر عهد متمسك بأحلام وردية لأمل لم يعد مناسبا لشق طريق العودة لنفس المناوشات المنتهية بالإبقاء على الوضعية كما كانت انتظارا لحل نهائي يضبط الأمور وفق ما يرضاه الفرقاء وما أكثرهم اتفقوا أن لا يتفقوا ، على هؤلاء الحكام مراعاة حق الوطن عليهم بالكفّ عن ابتداع الشقاق بين مناصريهم بمصارحة الجميع أن لبنان دخل مرحلة الإنعاش وإن ضاع ، الجميع من فوقه ضاع ، وهُم أَدْرَي بالقِرْشِ إذا جاع ، وإن الرّاعي عن دفع الرواتب امتنع ، وإن تقررَّ الإجهاز على أرضهم لملْئِها بمن ضاقت عليهم أرضهم شَرَعَ وشَرَّع . هؤلاء الحكام وفيهم العقلاء ، ومَن لا جنسية لديه سوى اللبنانية ، ومن تُحَرّك الوطنية الصادقة ، ضميره للمشاركة في عملية الإنقاذ الشامل ، بعدم ركوب عِناد مؤدّي لا محالة ، لما لا يُحمد عقباه، المهم اللحاق بالوقت قبل انتهائه مع أواسط السنة المقبلة ، وللشعب اللبناني العظيم واسع النظر .

العراق مِن غير المُجدي أن يتعرض لما حسِبه أصعب فراق، بين وحدة ترابه الأصلية وما يصبح دونها مجرَّد مُلحق . من الممكن استرجاع عافيته بالكامل ولو ضحّى بما في شرايين شرفائه يُهْرَق ، ثابتاً على ذكراه لمَّا كانت بغداده محطَّة عِلمٍ ومِثالَ حضارة ووفرةَ أرزاق ، وغيرها من شقيقاتها مدنِ فخرِ عِمار ، ومقام أخيار، و حصون لا تُقهر ،عن جدارة واستحقاق ، لن يهدأ للسنة المضافة لأزمته بأزمة عاتية تأتي على ما تبقى فيه من استقرار ، كالخشب إن أُهمِل حتى سكنه السوس فاستحلوا أصاحبه الحال لغضب أصابهم من تاركي الأغراب حتى نُزِعوه بالمكائد عن أبواب ظل حراسها مدافعين عن حرمة البلد حتى أصبحوا أجسادا جوفاء محنطين بأبشع الهزائم مجرد تماثيل مقامة تسخر منها أقوام حتى من داخل الوطن ، التابعين لولاء الدافعة بثمن يسجع على أبشع الفتن ، الفاسحة المجال في مرحلة معيَّنة لتشجيع الأمريكان ، على تقديم أنجع هدية لمن يحافظ على خراب ما خُرّب لغاية تبديد تعلُّق العراقيين بعراق هو العراق ، من هؤلاء المشتتين على الأمل واليأس ، والحسرة والندم ، والتحمّل والقنوط ، أكانوا في داخلٍ (لغاية السنة المقبلة أيضا) غير آمن ، أو خارجٍ مع ضيوفه منهم (حتى الآن وما يليها من أزمان) متضامن . وللشعب العراقي الهُمام واسع النظر.

aladalamm@yahoo.fr


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى منيغ
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/12/13



كتابة تعليق لموضوع : سنَة المِياه الأَسِنَة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net