هل الرياح عندها إدراك وشعور، ؟
الشيخ مظفر علي الركابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ مظفر علي الركابي

الهواء الذي يحيط بنا ،ما تحت الغلاف الجوي هو كما يعرفه علماء الأرصاد الجوية:( بأنها حركة قوية موجهة للهواء تنشأ نتيجة لاختلاف الضغط الجوي بين كتل الهواء المختلفة الخصائص، حيث تتحرك الرياح من مناطق الضغط المرتفع الى مناطق الضغط المنخفض ) وهي مجموعة من الغازات، وهذه الغازات لها رموز كيمياوية، وهذه الرياح لها قوانين يهتم بها علماء الفيزياء الفلكية.
كما يهتم بها علماء الأرصاد الجوية، لمعرفة حركتها، وعن سرعتها وقوتها، وإثارتها للغبار، وعن تحريكها للغيوم، وعن نسبة الرطوبة فيها .وعن تأثيرها على درجة الحرارة والبرودة. وهناك علوم أخرى تهتم بدراسة خواصها وتأثيرها على ( الإنسان، والحيوان، والنبات، والجماد) .
لكن سؤالنا:هل هذه الرياح عاقلة أم لا؟
هل يصدر إليها امرٌ ونهي أم لا؟
قطعاً علماء الطبيعة جوابهم سلباً.
إنها غير عاقلة ولا شاعرة ولا مدركة.
لكن من ناحية دينية وقرآنية نجد أن لها حقيقة وراء ذلك، فليست هي مجموعة من الغازات والعناصر ( عمياء ،صماء،بكماء ) كما يعتقدون.
بل هي (عاقلة ،شاعرة،مدركة) تستجيب لأمر الله، ومسخرة لأولياء الله، والقرآن تحدث عنها بمجموعة من الآيات، وسماها بعدة أسماء :
١-الرياح المبشرات:قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الروم : 46]
٢-الرياح الناشطات:قال تعالى:{وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا} [النازعات : 2]
٣-الرياح الذاريات: قال تعالى:{وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} [الذاريات : 1]
٤-الريح الصرصر: قال تعالى : {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ}
[فصلت : 16]
وقال تعالى : {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ}
[القمر : 19]
وقال تعالى : {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ}
[الحاقة : 6]
٥-الريح العقيم: قال تعالى : {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}
[الذاريات : 41]
٦- الريح العاصف : {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ۙ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}
[يونس : 22[
وهناك عدة ملاحظات.
١- التحكم بالرياح بأمر الله نقلها من مكان الى مكان آخر.
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة : 164]
{وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الجاثية : 5]
ونهاية الآيتين إثارة لعمل العقل. وهذا مايسمى(دليل الحركة ) لإثبات وجود الله، فكل متحرك لابد له من محرك.
فمن محرك هذه الرياح، ألوحدِها تتحرك أم هناك من يحركها؟ شغلوا عقولكم؟!
٢- من يحرك السحاب:
{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۚ كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأعراف : 57]
{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ۖ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الروم : 48]
{وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ كَذَٰلِكَ النُّشُورُ} [فاطر : 9]
٣- تسخيرها لأولياء الله :
أ- مثلاً لنبي الله سليمان(عليه السلام )
{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} [الأنبياء : 81]
{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} [سبإ : 12]
{فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص : 36]
إذا ً هذه الرياح تأتمر بأمر ولي الله سليمان .
ب- وهناك روايات أن ذي القرنين سُخِرتْ له السحاب الذلول ، وأدخرت السحاب الصعاب للإمام الحجة عجل الله فرجه ، والشاهد على ذلك رواية الإمام الباقر عليه السلام يقول: (أمَا إنَّ ذا القرنين قد خُيِّر السحابين فاختار الذلول وذخر لصاحبكم الصعب)، قلت: وما الصعب؟ قال: ما كان من سحاب فيه رعد وصاعقة فصاحبكم يركبه، أمَا إنَّه سيركب السحاب ويرقى في الأسباب)
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat