تأخذنا لازمة التكرار والتي هي بنية من بنى الشعرية الى تفاعلية دلالية تتوزع بشكل يفتح أفق التعريف شلالات معنى لرسم لوحة النص، تكرار مفردة (صديقنا) يعتبر مدخلاً وجدانياً يوقظ المشاعر عند كل لازمة توكيدية، يصوغ الايقاعات السريعة بتكرار توكيدي آخر يكون على ضفة النص الداخلية لللازمة:
(صديقنا الذي علمنا الحب
صديقنا الذي علمنا الصدق
صديقنا الذي علمنا المحبة
صديقنا الذي علمنا انتصار الدم على السيف
صديقنا الذي علمنا الصوت)
هذه اللازمة التكرارية تطل بنا على دلالات غنية تتوافق مع الاقناع الفكري الموجود في عوالم التلقي، بما أن الهوية رمز مقدس، فالصداقة عالم حداثوي فكري روحي لكنه ليس بعيداً عن ذهنية التلقي، والولوج الى عالم النص الداخلي له متواليات تكرار توكيدية تحمل قيماً وجدانية تشبع ادراك المتلقي وتشركه في غمرة الشعور:
(صديقنا الذي علمنا الحب
التضحية حب
الشهادة حب
صديقنا الذي علمنا الجمال
الصلاة جمال
العبادة جمال
الزهد جمال
التلاوة جمال)
تنوع المفردات المنثورة بين حنايا التكرار
(الحب = التضحية / الشهادة
الجمال = صلاة / عبادة / زهد / تلاوة)
التكرار التعريفي يرسخ لنا مفهوم الدلالة بين الصلاة، العبادة، الزهد، التلاوة، والمحصلة الجمال..
تكررت اللازمة الرئيسية في النص خمس مرات، لتتشعب الى تكرار داخلي يشكل مأثرة وجدانية:
(صديقنا الذي علمنا الصدق
الكلمة صدق
الروح صدق
التوجه صدق
النية صدق)
اذا جمعنا المفردات المعرفة
(الكلمة/ الروح / التوجه/ النية) سنجدها الاخرى تكون بمثابة تكرار مضموني مترادفات لتقارب هذه المفاهيم سيعمل لإضاءة جوانب الحكمة المعروضة في اللازمة،
الصداقة مع الرمز المقدس تمنح رؤية اسلوبية متداخلة وجدانية، نسق مضموني اكثر مما هو لفظي، معنى الانتصار في صديقنا الذي علمنا انتصار الدم على السيف، نجد هنا تحفيز المعنى المكرر المضموني لتبني ظاهرة جمالية داخل المفهوم التكرار:
(الصبر انتصار
القدوة انتصار
المثال انتصار
الثبات انتصار)
فهذا التكرار فن مشغول بقصدية لتوظيف الشعور (الصبر/ القدوة/ المثل/ الثبات) تلازم بين المفاهيم؛ كونها جميعها وليدة الانتصار الحسيني وفقدان اي عنصر من هذه العناصر سيؤدي الى وجود خلل في بنية الاستجابة، وهذا يعني أن التكرار في نص صديقي الحسين (عليه السلام)، هو تعبير عن ظاهرة نفسية جوهرها الايمان ومحاولة لكسر نمطية سردية النص عندما يكون الحسين الرمز المعصوم صديقا، يترك مديات واسعة لـ(لتكرار التوكيدي ـ الدلالات) من اجل احداث التأثير الموازي لعملية، استحضار الرمز المقدس وايصال الرسالة الوجداني الى المتلقي وبهذا يستحضر القاص علي لفتة سعيد شعرية الانزياح ليكون التكرار النثر تماساً مع شعرية المسعى:
(النصر صوت
الاصرار صوت
تعريف الحرية انها هي الصدق مع الله، والكلمة هي الأصدق، وان آخر الكلمات هي السيف).
التكرار منح النص نسخة من الحراك الشعري الذي يعد تقوية المعاني عبر التكرار ليصبح المسعى شعرياً:
(حين انغمس المعنى بالمدلول، والحب بالتضحية، والجمال بالبقاء، والعبادة بالرحيل، والصدق بالمحبة) هذه اللغة المتصاعدة نحو الدلالة كان مدخلها (انغمس) مفردة الانغماس أدت الى كثافة شعورية لتوقظ فينا يقظة الشعور (السيف دليل النصر) او لنقرأ جملة (الدم روح) وجود الانزياحات في النص تضيف رشاقة للجمل وهي حالة نفسية مزدانة بالجمال بالحلم ان نقدم للرمز المقدس اجمل ما تمتلك، متوجة بالحكمة وبالجرأة التي تجعل من الحسين صديقاً.. ومثل هذه العلاقة تبعد الرتابة وتضعنا امام قضية الاتهام والكشف لتحقق وظيفة الاقناع:
(كانت الحرب وكان الحرف وكان الرسول لمعركة الشهادة) غنى المفردات وشعريتها ابعدت السردي المباشر وعن التقريرية واحكم النص لتحليل الواقع بطرق اعتراضية رفعت صوت الكلمات (المعنى الموجود على قارعة الحب هو المرتهن في البقاء)، يريد النص استدراج المتلقي الى معناه، ليشذب المعنى بنكهة الافهام: (حتى وكأن من انتبذ مكانه للبكاء وعبر عن حزنه (الغريب/ السليب/ الخضيب) كأنه ارادها هي المعادل الموضوعي لمعركة خلّدها الله تعالى قبل التاريخ، الحسين كلمة، نحن نرى ان عملية الاستذكار الحسيني المصائبي له جانب مهم، لكن ليس هو كل القضية..
نص قال الكثير بموعظة الادب..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat