صفحة الكاتب : الشيخ مظفر علي الركابي

اعمدةُ الكهرباءِ تتكلمُ
الشيخ مظفر علي الركابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

سماءٌ مُتلبدةُ بالغيومِ ، حَجَبَتْ نورَ الشمس ِ عنا ، ورياحٌ تعصفُ هُنا وهُناك ، تتمايلُ معها أغصانُ الاشجارِ ، لِتُسقِطَ أوراقٌ صفراءَ ، على وجهِ الارضِ المُتربِ ، تتلاعبُ بها الرياحُ يميناً وشمالاَ.
وثمةَ حباتُ مطرٍ صغيرةٍ تتناثرُ لِتُغسِلَ وجهَ الأرضِ من غُبارٍ ملأ َ كُلَّ مكانٍ.
وهُناكَ حيثُ أعمدةُ الكهرباءِ الشامخة ُ أمامَ عصفِ الرياحِ ، وزخاتُ المطرِ تحملُ مصابيحَ تُنيرُ الطريقَ للسائرينَ في ظُلماتِ الليلِ الحالكِ.
لكنَّ في وطني العراق ، أعمدةُ الكُهرباءِ ليستْ للكُهرباءِ ، ومصابيحُها فَقَدتْ طعمَ الحياةِ ، فهي مجردُ أرقامٍ سُطِرتْ على جانبي الطريقِ نعدُها للسيرِ ، ونستَدلُ بها على سكن النازحينَ .
وعندما  تساقطتْ حباتُ المطرِ ، لم نرَ تلكَ القطراتِ على ضوءِ المصباحِ ، بل ( غسلتْ لنا تلكَ القطراتُ صوراً معلقةً على تلكَ الأعمدةِ) 
مَسَحتْ عنها تُرابَ الاهمالِ والنسيانِ ، فكانتْ ثمةَ أقمارٌ معلقةٌ عليها.
تًترجمُ للأجيالِ عن أبطالٍ ، غَسلوا بدمائِهم العارَ عن أراضٍ من وطننا تمَّ أغتصابهُأ من زُمرِ الدواعشِ.
ثمةَ صورٌ لأقمارٍ ، تحملُ في ملامحِها كلَّ معاني الرجولةِ، والحميةِ، والنخوةِ ، والشهامةِ. 
تُحدثُ للأجيالِ أنَُهم رجالُ الضيمِ والأباة. 
ما قرت عيونُهم بالحياةِ إلا أن تقرَ عيوننا بالأمانِ ، وباعوا  نفوسَهم ليشتروا أرضَ الوطنِ من الغاصبينَ .
ولكنهم رحلوا ، وما يملكون شبراً من أرضِ هذا الوطنِ سوى مترٍ واحدٍ ، ضمَّ تلكَ الأجسادِ الطاهرةِ.
رحلوا وعيونَهم تتكلمُ معنا ، وفيها الكثيرُ الكثيرُ من العتابِ المرِّ ، والشكوى الداميةِ.
عيونٌ تقولُ لنا ، أهكذاالجزاءُ لأيتامِنا ، حيثُ حُرِموا من عطفِ الأبوةِ ، وقد ضيعتموهم وأهملتموهم.
عيونٌ تقولُ لنا ، أهكذا  الجزاءُ لحرائرِنا ، حيثُ صُنا شرفَ حرائرُِ العراقِ ، ودافعنا عن عِرضِ اليزيدية، والصابئية، والمسيحية، والكردية،  والسنيةِ والشيعيةِ.
ضاعتْ حرائرُنا بينكم،  حتى صرنَّ يبحثنَّ عن شظفِ العيشِ .
عيونٌ تقولُ لنا أحرقنا أنفسنا لكي نُنيرُ لكم طريقَ الحريةِ ، فصارتْ صورُونا مكانَ مصابيحَ أعمدةُ الكهرباءِ.
فعلقتم معنا صورَ المجرمينَ الإرهابيين،  فأنتخبتموهم،  وضاعتْ دمائُنا هدراً.
لكنَّ ما يقرُ عيونَنا ، أنَّنا كَعَلَمِ العراقِ ، يبقى عالياً على رأسِ الساريةِ.
ونحنُ نبقى صوراً عاليةً، على أعمدةِ الكُهرباءِ .كأنها سوارٍ لنا.
وما يقرُ عيونَنا انَّنا شابهنا سيدنا  الحسين عليه السلام وأهل بيتهِ وأصحابهِ.
انَّ رؤوسَهم رُفِعتْ على رؤوسِ الرماحِ .
وأنَّ صورَنا رُفِعتْ على أعمدةِ الكهرباءِ.
ولكنَّ أينَ الكهرُباء؟!
وقد سقينا أرضَكم بالدماءِ.
بقلم الشيخ مظفر علي الركابي 
إلى شهداء الحشد الشعبي مجرد كلمات لا تفي بحقكم ، ذكرتكم مع قطرات المطر التي مسحت التراب عن وجوهكم الطاهرة .
حتى لا ننساكم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ مظفر علي الركابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/11/22



كتابة تعليق لموضوع : اعمدةُ الكهرباءِ تتكلمُ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net