المقتول هو الشاهد
الشيخ مظفر علي الركابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ مظفر علي الركابي

شيء طبيعي أن تكون هناك جريمة قتل ، لأن نوازع الشر موجود في نفس الإنسان ، وقد عُجنت في فطرته .
وشيء طبيعي أن أهل الضحية يبحثون عن الجاني .
وشيء طبيعي كذلك أن الكل يتسائل ويتشوق لمعرفة الحقيقة .
من هو الجاني ( القاتل ) ؟
ولماذا قام بجريمة القتل ؟
ما هي الدوافع ؟
ما هي الأسباب ؟
نعم ، هناك ضحية وجدوها في بستان ، كما تتحدث القصة ، البستان لقبيلة معينة من ضمن قبائل تُكون مجتمعاً معيناً عُرِفَ بعناده وتمرده لقائد أنقذهم من ذل وإستعباد حاكم دكتاتور .
لا يملك هذا القائد سوى ( عصا )
هذه العصا كان يعتمد عليها في سيره فيتكأُ عليها .
وكان راعياً قبل أن يكون قائداً ، يهشُ بها على أغنامه فتستجيب لهذا الهش .
لكن لما أصبح قائداً لهذا المجتمع بنفس العصا يهشُ بها على مجتمع فلا يستجيبُ له ذلك المجتمع ، لأنه كانَ مجتمعاً هشاً.
وأكبر بلية عندما يكونُ هناك قائداً حكيماً ، ويقود مجتمعاً سقيماً ، لا يرغب بالدواء فكيف يتماثل للشفاء .
نعم هذه العصا ، لم تكن عصا طبيعية .
ولهذه العصا إلقاءان وضربتان
الإلقاء الأول : لما ألقاها تحولت إلى حية هرب منها وخاف ، لكن هذا الخوف هو الانطلاق للتحدي والشجاعة وتحمل المسؤولية .
الإلقاء الثاني : كذلك تحولت إلى حية ، لكن هنا ثبت ، ليثبت لدكتاتور زمانهِ إنها عصاً حقيقة وحية حقيقةً ، والحقُّ معي ، والحقُّ بيدي .
أما الضربتان :
الضربة الأولى : كانت ضربةً لإنقاذ شعب وصل إلى طريقٍ مسدود ، الدكتاتور وجيشه من خلفهم ، والبحر من أمامهم ، إن أخذهم الدكتاتور لا يرحمهم .
وإن أخذهم ماء البحر لا يرحمهم .
أيُّها القائد كيف النجاة ؟
لا بأس إنها في العصاة .
هل تتخذنا هُزُواً ؟
إنها لحظات صعبة وحرجة ، ليس فيها مكان للإستهزاء ، إنها مسألة حياة أو موت ، إنها مسألة كرامة أو ذل .
لم يكن هذا القائد ليستهزأ ، ولا ليسخر من قومه الذين أحبهم .
نعم ضرب بعصاه ذلك البحر فانحسر الماء من هنا وهنا ليكون طريقاً للنجاة، امرٌ عجيب عصا تجمد الماء لتجعل فيه ممراً لإنقاذ شعب ، وكتابة حياة جديدة لهم .
نعم حياة جديدة لتبدأ رحلة المعاناة لهذا القائد مع هذا الشعب .
الضربة الثانية : وهي نفس العصا ، ليضرب بها شيئاً جامداً ، شيئاًصلباً ليس فيه حياة ، ليتفجر منها شيءٌ يهب الحياة .
نعم ضرب بعصاه الحجر ليستخرج منها ماءً الذي هو أصل الحياة .
الآن مع كل تلك التجارب مع هذا الشعب ، وما شاهدوه من هذا القائد وحكمته وحنكته .
جاءوا يطلبوا منه معرفة القاتل من هو ؟
ولماذا قتله ؟
فقال لهم هذا القائد : حياة هذا المقتول بقتل بقرة ، لا أي قتل بل بطريقة ( الذبح )
ثم خذوا ذنبها وضربوا المقتول يرجع للحياة .
اتتخذنا هُزُواً !
ايمكن لذنب حيوان ميت يهب الحياة هذا شيءٌ عجيب .
لماذا لا تضربه بعصاك المعجزة حتى يرجع للحياة .
أو تدعو ربك فيحييه مجرد ترفع يديك بالدعاء .
القائد الحكيم شاءت حكمة ربي أن يعود للحياة بتلك الطريقة .
لم ينفذ مطلب القائد بسرعة
اخذوا يسألون عن البقرة ما هي صفاتها كم عمرها ما لونها ؟
النتيجة حصلوا على البقرة وذبحوها ، وضربوا المقتول بذنبها فعاد حياً واخبرهم من القاتل وهو ابن عمه
والقتل كان من أجل المال الميراث .
وإن أغلب جرائم القتل بسبب المال ، وإن شعوب أُبيدت بسبب المال .
تعقيب :
إذا شاء الله أن يرجع الحياة لهذا الميت إلا بذنب البقرة ، وقد جعله الله سببا .
فما المانع أن يجعل الله أهل البيت سببا لاستجابة الدعاء ، وهل ذنب البقرة أكرم عند الله من أهل البيت الذين هو يقول في حقهم : { ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب : 33]
هذا جانب
ومن جانب آخر أن أتباع القائد الحكيم ، هو الذي يهب الحياة للأمة ، فالرجوع إليه في الأزمات هو سبيل النجاة .
ووجود القائد الحكيم في الأمة ، والإعتماد على حكمته وعصاه ،
هو عصب الحياة .
والسير خلاف حكمته وإشارة عصاه هو هلاك الأمة والتخبط والعمى .
وما هما سوى كلمتين
عصا
وعصى
والفرق بينهما فقط حرف الألف .
في الأولى الألف مسقيمة ، واتباعها يعني الإستقامة .
والثانية : الألف فيها ملتوية واتباعها يعني الألتواء .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat