لغة الإصلاح في منطق السياسة
د . لهيب الأمين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . لهيب الأمين

معلوم أنّ قيد اللفظ في اللغة تعتوره معاني عدة في الغالب يقسمها فقهاء اللغة على أقسام عدة ، تارة تحت مسمى المشترك اللفظي ، وأخرى تحت مسمى الترادف اللغوي ، وليس ببعيد عنها تقسيم الألفاظ من حيث انطباق اللفظ على المعنى على حقيقة ومجاز ، الّا أنّ اللغة تقف عاجزة أمام دهاء الساسة في التلاعب اللفظي الذي يقصدون من ورائه تغييب المعنى الحقيقي ؛ لاستغفال البسطاء بوعود رنانة ، وأحلام وردية ، تتبخر كلها مع أول لحظات الانتظار المرير من طبقات الشعب المسحوقة بإرادة السياسي المتمرس بأنواع الكذب ، والزيف ، والتضليل ، واختلاس الحقائق ، وتسويق أنفسهم مصلحين للأمة ، مستغلين ايديولوجياتها الإسلامية التي تبنتها منذ نزول الإسلام ، مستغلين إيمانها بضرورة عدالة الحاكم المسلم ، وفق منهاج الإسلام ، لينفذ محتالو السياسة مآربهم التي لا تتعدى ملء جيوبهم بالسحت من المال الحرام الذي تهافتوا من أجله.
ليس هذا بالجديد ، وإنما الجديد أن تسمع المفسد يتشدق بالإصلاح ، والناشر للفساد يرتدي ثوب الزهاد ، وأن ترى الذئب يلبس ثوب الحمل ، لتصبح ظاهرة التنصل عن المسؤولية تنتشر بين هذه الأوساط التي اسهمت بتدهور حال الامة ، وانحطاطها ، الفكري ، والاخلاقي ، والاقتصادي ، ولعل أهم ما يدعو إلى القلق هو انعدام الثقة بالمسؤول بعد كل الارهاصات التي ظهرت على الساحة العراقية بعد التغيير ، مما أضعف دور الدولة ، وأفقد الامة هيبتها .
وهنا يُطرح السؤال المصيري : هل الامة تعيش حالة فقدان الهوية بعد أن سلب المتحكمون في مصيرها كل معالم الارتباط الروحي والوطني منها ؟
والجواب : يتلخص في توضيح مسألتين مهمتين :
١- أن الامة لم تكن تعاني من مخاض مصيري في وقتها المعاصر بسبب الفاسدين من السياسيين فحسب ، بل إنّها مرت بمخاضات عسيرة منذ مطلع القرن الماضي ، واشتد هذا المخاض بعد تسلم البعث مقاليد الحكم فيه ، ومازالت كذلك ، ولذا سوف يبقى حالها هامشي التأثير مالم تستعيد وجودها باختيارها القائد الحقيقي الذي يعبر بها الى شاطىء الأمان.
٢- لا تكمن مشكلة الامة في تعقد مشهدها من خلال تكالب المنتفعين والوصوليين الذين يفتقدون مقومات الحكم ، المتهافتين على المقامرة بمصير الامة تحقيقاً لمنافعهم الشخصية ، وإنما فقدانها للوعي الكامل ، بعيداً عن العقل الجمعي الذي تعيشه ؛ بسبب تفشي الجهل ، والتسطيح الفكري الذي يمارسه صنّاع الجهل من مرتادي السياسة .
ومع كل ما ألمّ بالامة من تردي ، وتشتت ، واستغلال لمواردها وخيراتها ، فهي تستطيع النهوض من جديد إن توافر لها قادة يترفعون عن المصالح الشخصية ، ويؤثرون خدمة أمتهم ، وشعبهم ، إنّ هؤلاء الفاسدين الذين تلطخوا بالمساوىء لن يرحمهم التاريخ مهما حاولوا أن يزوقوا ألفاظهم ، أو يرتدوا ثياب الصالحين .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat