إحياء عاشوراء بين المفهوم والمصداق
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

تظافرت الادلة الشرعية ( اللفظية وغير اللفظية وحتى العقلية ) على ضرورة إحياء واقعة ومظلومية كربلاء وتعظيم أمرها .. غير أنّ ما ورد ( المنقول منه خصوصاً ) ينقسم على قسمين :
القسم الأول : يتكلم عن الدعوة إلى مطلق الإحياء بدون ذكر مصاديقه وأشكاله ، كاللفظ الوارد في رواية الإمام الصادق ع ( احيوا أمرنا ، رحم الله من أحيا أمرنا ) ، فالإطلاق واضح في هذا اللفظ ..
القسم الثاني : نصوص اخرى قد ذكرت شكل الاحياء وبيّّنت بعض طرقه وكيفياته ، كالروايات الحاثة على الزيارة والبكاء وعقد مجالس ابكاء الاخرين ونظم الشعر والمراثي ، وكذا الروايات الحاكيه عن فعل المعصوم اتجاه إحياء أمر كربلاء .. نترك ذكرها اعتماداً على ثقافة القارىء واختصاراً للمقال ..
وهنا يطرح السؤال التالي : هل روايات القسم الثاني تعتبر مقيّدة لاطلاقات القسم الأول ومخصصة لها ..؟
الجواب : نعتقد أنّ القسم الثاني لا يعتبر مقيّدا لإطلاق القسم الأول ولا مخصصاً لعمومه ، وإنما هو ذكر لبعض أشكاله ومصاديقه ، ولا شك أن هذه المصاديق هي أدّلة شرعية أقرّت ( من الإقرار ) بعض أشكال الإحياء العرفية التي كانت سائدة ومتعارفة آنئذ وقامت بمجاراتها ومحاكاتها ما دامت لا تتعارض مع الدين من جهة والقضية الكربلائية من جهة أخرى .
وما يدلّ على عدم التقييد والتخصيص هو :
* لسان الرواية غير دال على التخصيص .
* الفعل والتطبيق لا يخصص اطلاق القول ، فالروايات التي نقلت فعل المعصوم وإقراره لا قوله واضحة انها ليست ناظرة للتقييد أو التخصيص .
* تأخر بعض أشكال الإحياء عن بعضها الآخر ، فلا نتوقع التخصيص والتقييد مفتوحاً لهذه الدرجة .. فتأمل
* عدم ورود نهي صريح عن الاجتهاد في أشكال الإحياء إلا ما خرج بدليل كالمؤدي إلى الإضرار بالنفس أو الذي يسبب التخلف عن أداء واجب أو ارتكاب محرم .
* وكل هذا يلحقه العرف وسيرة المتشرعة والعقلاء التي كلها تعضد القول القائل : أن الإحياء لا يتحدد بشكل دون آخر إلا أن يكون الشكل المعين ناقضا للغرض الذي أتخذ وشرع من أجله الإحياء ..
وهنا نثبت نتيجة معينة تعتبر أساسا مهما لبحثنا ومفادها : أن إحياء القضية الحسينية غير منحصر بشكل وطرق الإحياء الواردة وإنما نستفاد من إطلاق بعض روايات الإحياء على إعطاء الموالي اختيار الشكل الذي يراه إحياء وتعظيما للقضية وفق عوامل الزمان والمكان والحال والظروف المتحركة ولكن بشرط أن لا تنقض الفرض الذي أريد به عند تشريع الإحياء ، وهذا الغرض يمكننا أن نجعله في امور ثلاثة أساسية هي :
الأمر الأول : أن لا تكون سبباً لاكتساب المآثم بدلا من اكتساب ثوابها وامتيازاتها في الدنيا والآخرة .
الأمر الثاني : أن لا تنقض أهداف كربلاء فضلا عن الانعكاسات السلبية التي تسببها بعض طرق وأساليب الإحياء .
الأمر الثالث : أن لا تنقض الغرض ، بمعنى أن لا تهوّن من عظمة كربلاء ولا تنتهك قدسيتها أو تكون سبباً لتحجيمها أو تشويهها وما شاكل ذلك .
وكل ما عدا ذلك فهو إحياء إن شاء الله تعالى ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat