صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

مع المنبر الحسيني في سنويته
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كثيرةٌ هي الطرق التي يُعالج فيها المنبر القضايا التي تهمّ مخاطبيه وشرائحه المستهدفة عموماً ، ولكن أكثر ما يعجبني من هذه الطرق هي تلك التي تناقش العقلية الخاصة بكل قضية وتوضح الافكار المنتجة لمظاهرها والموصلة لنهايات حسمها ، على عكس الطرق التي تهتم بمناقشة ومعالجة ومواجهة الانعكاسات الخارجية لتلك العقلية والمصاديق الواقعية والظواهر المُشاهدة والمحسوسة لها .. 

ففرق بين أن تنتقد او تؤيّد حالة معينة وبين ان تنتقد وتؤيد العقلية والآلية الفكرية التي انتجت تلك الحالة وتلك الجزئية المعينة .. فنقد العقلية المنتجة يكون اجدى نفعاً واغزر ايراداً واطول عمراً نافعا ، لأن الاشكال والمصاديق متغيرة بينما الافكار والايدولوجيات ثابتة واطول عمراً في العادة ..

ولهذا عبّر القرآن الكريم عن الكلمة الطيبة بأنها متمددة بالاتجاهين المكاني والزماني ، اصلها ثابت وفرعها في السماء ، وكذلك تؤتي اُكلها في كل حين .. قال تعالى { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ابراهيم ٢٤ - ٢٥ ، في حين أن الكلمة الخبيثة لا قرار لها ومصيرها الفناء والاجتثاث من الارض .. قال تعالى { وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ } ابراهيم ٢٦

وهذا المنبر الذي تُطرح فيه الكلمة الطيبة - بحسب المفهوم المتقدم - لا نراه دائماً ، والسبب يعود تارةً الى الخطيب نفسه او الى جلّاسه ومستمعيه ، بحسب المستوى والرغبة والتفاعل والاهتمام من قبل الطرفين .. الّا أن الجمع انفع واولى ، فيمكن للخطيب البارع ان يُناقش الافكار والعقليات المختلفة للقضايا المطروحة ثم يُسندها بالاشكال والحالات المُعاشة والمحسوسة كأمثلة وشواهد .. 

ومنبر الدكتور الوائلي رحمه الله وطاب ثراه هو من المنبر الواعي الذي يناقش عقليات القضايا وافكارها بكل دقّة وعلمية وروية ولهذا تجد منبره لا يتحدد بمكان ولا زمان وانما هو مصداق للكلمة الطيبة التي تؤتي اُكلها في كل حين .. 
ولا بد من التنبيه أنّ المنبر الذي يُناقش اصول الافكار وجذورها يكون اقل مشاكل واكثر علمية لأنه يحمل برهانه معه ويتعامل مع حقائق ولا يتقصد اشخاصاً ولا فئات .

يبقى المنبر الحسيني علامةً بارزة ومهمة في القضية الحسينية وأحد اهم مظاهر احياءها ، حفظ الله جميع الخطباء ووفقهم لكل ما فيه خير لأنفسهم وللأمة الاسلامية ..

#١صفر_يوم_المنبر_الحسيني 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/09/20



كتابة تعليق لموضوع : مع المنبر الحسيني في سنويته
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net