من أوراق كربلاء ( ٩ ) الورقة التاسعة : أم البنين ، شهيدة الطف بأكبادها الأربعة
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

مكانة ام البنين عالية عند المؤمنين ، وذلك لنجاحاتها الباهرة كشخصية إيمانية وكزوجة للرجل الثاني في الإسلام علي بن أبي طالب ، وكأم للعباس واخوته ..
لم يكن زواجها من أمير المؤمنين صدفة ولم تأتي إليه اعتباطاً ، وإنما خضعت لشروط أملاها أمير المؤمنين على أخيه الاكبر العالِم بالانساب عقيل بن أبي طالب : " انظر إليّ
امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها ، فتلد لي غلاماً فارسا " ، هذه هي المعادلة التي خضعت لها أم البنين لتكون زوجةً للأمير ع ، وهذه المعادلة دليل على أن الإمام كان يخطط للبعيد ويُهيأ الامور لحدث هامّ ومستقبلي ، فجاء الترشيح من عقيل : " تزوّج أم البنين الكلابية ، فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها " ، وانطبقت الشروط على فاطمة بنت حزام الكلابية ولاقى الاختيار قبولاً من قبل الإمام ، وأثبتت الايام انها وفق الشروط والمعطيات ..
نالت رضا المعصوم وحازت على مقبولية عالية من أهل بيت النبوة ، لنجابتها وسموّها وتضحيتها وتربيتها الصالحة لأولادها ولفناءها في خدمة أولاد الزهراء ع مما لم يخفه التاريخ ولم تبخس حقه الاخبار الواردة ..
يذكر المؤرخون أنها في ليلة زفافها من الامام علي ع قالت للحسن والحسين وزينب عليهم السلام : " أنا ما جئت هنا لأحلّ محلّ أمّكما فاطمة " ثم اختنقت بعبرتها وقالت : " أنا هنا خادمة لكم ، جئت لخدمتكم فهل تقبلون لهذا والا فإني راجعة الى داري " . ( انظر الى العباس رجل العقيدة والجهاد ص ٣٤ ) ..
ومما يذكره المؤرخون ايضاً انها طلبت من أمير المؤمنين ع أن يناديها بكنيتها ( أم البنين ) لا بإسمها ( فاطمة ) رعايةً لمشاعر أبناء الزهراء صلوات الله عليهم ..
أما دورها في واقعة الطف فهي الحاضرة بأكبادها الاربعة ( العباس واخوته ) اللذين نصحوا لله ولرسوله ولأمير المؤمنين وللحسن والحسين ، وبذلوا غاية المجهود وعلى بصيرة من أمرهم ، وحضرت بحزنها وندبتها ومواساتها لأهل بيت النبوة ، كانت صابرةً محتسبة ..
اصبحت الكفوف المقطوعة لولدها العباس في كربلاء كفوف بركة وعطاء لها رضوان الله عليها لكل من تشّفّع بها عند الله ، فبكرامتها عند الله طالما كانت ولا زالت واسطة عطايا وهبات وتفريج عن همّ وغم وتسهيل امور ، إهدِ لها سورة الفاتحة وانتظر ماذا ستهدي لك ام البنين ..!
أم البنين ليس ورقة كربلائية وانما ملّفاً كاملا لا تسعه الّا الموسوعات من الكتب .. أم البنين ظاهرة إسلامية ومنهج تربوي وثوري نسوي ينبغي أن يُدرس ويُدرّس ويُتخذ منهجاً لكل أحرار وحرائر العالم ..
من رثاء الشاعر والخطيب الكبير محمد علي اليعقوبي طاب ثراه فيها :
وإن أنسَ لا أنسى أم البنين
وقد فقدت ولدها أجمعــا
تنوح عليهم بوادي البقيع
فيُذري الطريد لها الادمعا
ولم تسلُ من فقدت واحداً
فما حال من فقدت أربعا
الفاتحة لروحها الطاهر بنيّة رفع البلاء والحفظ من الوباء ..
مع ورقة كربلائية اخرى ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat